أخبارسياسة دوليةشؤون دولية
وزير الخارجية الشيخ د.أحمد الناصر: استكمال ترسيم الحدود البحرية مع العراق يضمن الاستقرار
بقلم: داهم القحطاني

أكد وزير الخارجية وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء الشيخ د.أحمد الناصر أن الكويت تبذل جهوداً دبلوماسية كبيرة في القضايا العربية والإقليمية والدولية لتعزيز الأمن والسلام الدوليين وحماية الأرواح، علاوة على دورها الواسع في السعي إلى التعاون بين جميع دول العالم لتنفيذ بنود ووثائق الأمم المتحدة.
وشدد الناصر على حرص الكويت على متابعة جميع القضايا، لاسيما ما يخص الشرق الأوسط، منوها بما تبذله من جهود واسعة من خلال شباب وشابات وزارة الخارجية، وعلى مدار الساعة، للمبادرة في علاج القضايا المختلفة، لاسيما قضايا الشرق الأوسط بهدف تحقيق الاستفادة للجميع.
تعليقاً على كلمة أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في افتتاح الجمعية العامة الـ76 التي تناول فيها تحديات تواجه العالم والمجتمع الدولي، وصف الناصر ما جاء في الكلمة بالقول: «ما قاله الأمين العام هو مواجهة للواقع ويدق ناقوس الخطر، لاسيما أن الكثير من الدول لا تنفذ البنود الـ17 الخاصة بأهداف التنمية المستدامة والمتعلقة بالتغير المناخي، علاوة على زيادة الصراعات والنزاعات في دول العالم وإشاعة اليأس بدلاً من الأمل»، مبيناً أن الالتزامات والتعهدات السابقة لم يتم الالتزام بها.
وأضاف: «خطابا الرئيس الأميركي جو بايدن والأمين العام للأمم المتحدة كان فيهما عامل مشترك وهو إضفاء صبغة الحوار، وهي واردة في أساسيات التعامل في ميثاق الأمم المتحدة والعلاقات بين الدول». وقال: «لا بد من النظر الآن للنتائج التي وقعت وتأثرت بها دول العالم من جائحة كورونا، حيث تبين هشاشة تعددية الأطراف، وبينت أن أي دولة لا يمكن أن تكون محصنة بمفردها، بمعنى أهمية تعدد الاطراف لإيجاد مناعة وتعاون دولي ينقذ أي بلد وينقذ البشرية أيضاً».
العلاقات الخليجية
وفي ما يتعلّق بالعلاقات الخليجية والأزمة التي بدأت في عام 2017، أكد الناصر أن دول مجلس التعاون الخليجي، والكويت خاصة، مرت منذ بداية الأزمة الخليجية حتى بداية العام الحالي، أي خلال 3 سنوات ونصف السنة، بسنوات عجاف، على حد وصفه، مستذكراً الجهود التي بذلها سمو الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد، والتي استكملها من بعده سمو الأمير الشيخ نواف الأحمد، «في لملمة الشمل وحل الخلاف الخليجي، حيث كان مهماً جداً جمع ذات البين وإضفاء العناصر المشتركة في الأسرة الخليجية والجسد العربي، وتم ذلك بحكمة القيادات في قمة العلا».
وبين الناصر أن القمة الخليجية في «العلا» خلقت روحية توافقية جديدة بتنا نراها في المنطقة بين الأطراف الإقليمية، فصار الحوار المباشر مع تركيا وإيران. وقال: «نحن دائما نقول إن الافضل أن يكون الحوار مباشراً وعلى الطاولة، ونقول فيه كل ما يمسنا من هواجس ويقلقنا، وهو حق لنا وأفضل لبناء القرار على أسس واضحة بدلاً من اتخاذها على مبدأ التخمين، لا سيما ما يرتبط بالدول المجاورة»، مشيرا إلى أنه «الآن مهم الإبقاء على الأمر وكيفية استخلاص العبر للقضايا الأخرى التي تمر بها المنطقة».
الأوضاع في اليمن
وحول الحوار السعودي – الإيراني، تمنى الناصر أن يصل إلى نتيجة تحقق الخير للمنطقة، وهو أمر تم تناوله في خطاب خادم الحرمين الشريفين. وبالنسبة الى اليمن، بين أن الأمر مهم جدا للكويت والمنطقة، «وهناك مرجعيات متعارف عليها لحل النزاع اليمني تتعلّق بالمبادرة الخليجية وبمخرجات الحوار الوطني وبقرارات مجلس الامن، لاسيما قرار 2216، وان تنفيذها يؤدي إلى الحل، حيث إن المسألة اليمنية لا يمكن أن يكون لها مخرج إلا من خلال الحوار».
وفي ما يخص التعنت الحوثي، قال الناصر: «نراها معرقلة لكل الأمور المؤدية للسلام، وان استمرار الهجمات الصاروخية البالستية ليس خطراً فقط على السعودية إنما على المنطقة ككل، فأمن السعودية أمن للكويت والخليج، وندين بشدة الهجمات المتكررة التي تعرّض المنطقة للخطر، وندعو من لديه علاقة مع المكون الحوثي سواء إيران أو غيرها إلى الضغط أو الإرغام للاستجابة للمبادرة السعودية التي اطلقت في مارس الماضي لوقف اطلاق النار تحت رعاية الامم المتحدة».
وأضاف: «نثق ثقة تامة بقيادة السعودية في هذا المجال، وكذلك جهود سلطنة عمان والمساعي الأممية والدولية الاخرى في القضية اليمينة»، مبيناً أن «الكويت داعمة لكل ما يحقق الاستقرار».
الكويت والعراق
ووصف الناصر العلاقات الكويتية- العراقية بالارتباط «العضوي التاريخي منذ قديم الأزل»، مبيناً أن التاريخ والجغرافيا أمر لا يمكن تغييره، فالكويت محاطة بجيران من المهم أن يكون التعايش معهم بالصيغة المتعارف عليها عبر القرون الماضية، مضيفاً أن ما مر بالعراق من حقبة «مظلمة» كانت خلال تولي النظام «المقبور الدكتاتور صدام حسين»، حيث عانى العالم والعراق من «الطاغية المجرم»، لكن وبعد سقوطه في 2003، كانت الكويت من أوائل الدول على الساحة العراقية وما زالت تنادي لتمثيل عربي ودولي معها لمساعدته على النهوض، الأمر الذي يحقق الازدهار للمنطقة. ولفت إلى أهمية أن يتم تمكين العراق وأن يكون مستقلاً أكثر فيما يتعلق باتخاذ القرار لديه، فاستقلالية القرار العراقي مهمة دون أية تدخلات أجنبية.
وحول زيارة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي للكويت مؤخراً، بين الناصر أنها كانت مفصلية ومهمة ووضعت خريطة طريق، حيث تلتها زيارة رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ صباح الخالد ممثلاً عن سمو أمير البلاد، للمشاركة في قمة بغداد، التي تميزت بالشكل والمضمون، وأطراف الحوار فيها الذين لم يجتمعوا خلال العصر الحديث على طاولة واحدة وبينهم حوارات وأمور عديدة، علاوة على أهمية المقررات التي تضمنها البيان الختامي وخلقت روحية استدامة مثل هذه اللقاءات.
وأشار الناصر إلى عقد الدورة الأولى للجنة الفنية المعنية لاستكمال ترسيم الحدود البحرية، بعد النقطة 162 والتي تعتبر غاية في الأهمية، مؤكداً أن ترسيم هذه الحدود مع العراق مهم جداً ويضمن استقرار البلدين، حيث يتم ذلك من خلال مرجعيات ومقاييس متعارف عليها دولياَ.
ولفت إلى أنه تم الاتفاق مع العراق على أن يكون انعقاد اللجنة واجتماعها تحت أي ظرف كان، ولا تكون تحت طائلة أي أمر يحول دون عقدها، حيث تناولت في اجتماعها الاول الأمور التي كانت وراء قرار الامم المتحدة 833 وهو جزء لم يتم ترسيمه وتحديده، والأمر المتعلق بالتأمين الملاحي، حيث هناك بروتوكول تعاون بين خفري السواحل في أي قناة مائية ويتم تنفيذه.
القضية الفلسطينية
ودعا الناصر المجتمع الدولي وجميع الأطراف إلى جعل القضية الفلسطينية أولى الأولويات، وألا تكون هناك دوامة عنف مرة أخرى تتحول فيها القضية إلى مادة اعلامية يتم تناولها في الصفحات الرئيسية للصحف ووسائل الإعلام، لأنها القضية الوحيدة التي يتفاعل فيها العالم من أقصى الشرق إلى أقصى غربه، ومن أكثر قضية طالت في العالم المعاصر، وهي قضية العرب والمسلمين ولكل انسان محب للسلام، وهي قضية عادلة لا تحتاج ادخال تفسيرات معينة تعقدها اكثر.
وأشار الناصر إلى أنه وخلال رمضان الماضي، جرت الاحداث المؤسفة في حي الشيخ جراح في الاراضي المحتلة، وحصل هناك العدوان واستمر في القدس وغزة والاراضي المحتلة.
وتأسف الناصر على ضياع الجهود في احياء السلام من خلال الدول المحبة له، فدوامة العنف وازهاق الارواح والدماء اثارت حفيظة الرأي العام الدولي، وبدت هناك التفاتة للقضية الفلسطينية، والكويت ودول اخرى جاءت الى نيويورك وكانت هناك دعوة لدورة استثنائية للجمعية العامة لبحث الامر، حيث لا بد ان تكون بعد 76 عاما من الأزمة الإنسانية الكبرى نهاية، فلا داعي أن تكون هناك موجة اخرى وازهاق للارواح ليستيقظ الضمير العالمي.
ووجه الناصر رسالة لدول العالم المؤثرة بالقول: «من الأهمية أن يكون الضوء مسلطاً على اعادة احياء عملية السلام واعادة الروحية التي كانت، سواء في مدريد أو أوسلو، فإحياؤها يبعث الامل، والعكس يبعث اليأس الذي يؤدي إلى الدمار، وامور لا تحمد عقباها، علاوة على زيادة التطرف والارهاب والاعمال غير القانونية».
وقال: «حل الدولتين موجود ويجب ان يرى النور ولابد للاشقاء الفلسطينين ان يروا دولتهم ويعيشوا بسلام فيها».
سعيد بتواجد القبس دولياً
قال وزير الخارجية الشيخ أحمد الناصر خلال اللقاء: «أنا سعيد بتواجد القبس مجدداً على الساحة الدولية، وسعيد بتواجد الشباب الكويتي في أهم محفل دولي سنوي».
نملك إرثاً جميلاً..
عبر الناصر خلال اللقاء عن الفخر بسيرة الكويت وتاريخها وحاضرها ومستقبلها، قائلا: «نحن نملك ارثا وقصة جميلة، يمكن أن تسمعها من خلال العديد من قيادات الدول في الأمم المتحدة، والإرث الجميل للكويت مبني على خصال معينة تشربناها ومشينا عليها واصبحت سمة وصلة بالشأن الخارجي، فنحن لا نتدخل بالشؤون الداخلية في الدول ولا نعمل اي امر الا فيه خير وسلامة للبشر». ولفت إلى أنه من خلال «الوساطة وفض المنازعات واضفاء صفة الحوار تتحقق رفعة الشأن للبشر، وهناك سمة كويتية ماركة مسجلة يحق للجميع الافتخار فيها، وهم شباب وشابات الكويت العاملون في الشأن الخارجي ليل نهار خدمة للبلاد، ومع ذلك نحن مقصرون في خدمة الكويت وأهلها».
نجاح الكويت
أكد الناصر أنه كان للكويت دور مهم خلال فترة مشاركتها في عضوية مجلس الأمن في عام 2018 والتميز فيها بتوجيهات من القيادة السياسية، والروحية التي تمتع بها الشباب الكويتي العاملين في الخارجية الذين يستحقون الإجلال والإكبار، حيث خلقوا الإرث وبقوا عليه.
وأشار إلى أن الكويت بادرت في أن يكون لقضايا الشرق الأوسط مكان في مجلس الأمن وبالنسبة الأكبر التي تعدت %70 من القضايا المطروحة، لافتاً إلى أن علاج القضايا ممكن بأيدينا وبالمبادرة.
تجربة «كورونا» علمتنا الكثير
تطرق الناصر في حواره إلى جائحة كورونا وتأثيراتها قائلا: «بداية الجائحة كان هناك انكفاء على الذات لكل دولة، وللأسف هذا نوع من الأنانية الدولية، لكن ثبت في تالي الأيام أن هذا العمل لم يفد من قام به، حيث لا دولة محصنة بمفردها، ولا بد من الاستفادة من الخبرات التي تعلمناها من كوفيد 19، لأن الأمية التي شهدتها الاشهر الاولى للجائحة ومع تعدد الظروف والمآسي حيالها بتنا أكثر خبرة وتعلماً منها، لكن الأهم الأخذ بالخبرات التي اكتسبت والتعلق والتعاون بشأن الأبحاث العلمية والتطوير والمشاركة في هذا الشأن، حيث تمكن فيروس صغير مصدره شرق آسيا أن يلف العالم ويدمر اقتصاديات مختلفة».
ودعا الناصر إلى الالتزام بما جاء في ميثاق الأمم المتحدة الذي فيه خير ونماء للبشرية جمعاء، كي لا نعود لعهد عصبة الأمم التي أدت إلى حرب دمرت العالم كله.
وكشف عن أن «تزايد الخلافات وإطالة أمد النزاعات هو غياب لتطبيق وتنفيذ ما جاء في ميثاق الأمم المتحدة، مبيناً أن الالتزام بالقانون الدولي يردع أي مشكلة يمكن أن تحصل وهو مثل سد يمنع أي أمر فيه تداعيات».
«الأمم المتحدة».. إنقاذ للبشرية
قال وزير الخارجية إن «محفل الأمم المتحدة أنقذ البشرية ويصون القانون الدولي ويحفظ الامن والسلم الدوليين ويضع اطاراً لطبيعة العلاقات بين الدول». وأضاف: «الكويت دولة صغيرة الحجم وهناك تأثيرات اقليمية ودولية عليها، لذلك فإن إضفاء عناصر تتعلق بالقانون الدولي وتطبيقه أمر مهام كي لا نكون في ساحة الغاب مثل ما جرى قبل 30 عاما حين جرى الغزو العراقي للكويت، وهناك خلية نحل تعمل في نيويورك وحرص من 193 دولة على التواجد في أسبوع افتتاح أعمال الدورة الـ76 للجمعية العامة للأمم المتحدة».
المصدر: القبس