مقالات وكتاب

الهاكم جينيس

بقلم: خالد السلمي

جاء في محكم التنزيل من سورة التكاثر “أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ – حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ ” ، في تبيان كيف ينشغل الانسان – في تكاثر أمواله وابنائه وكل ما ينافس ويفخر به في دنياه – بعيدا عن الهدف الأسمى من وجوده زائرا في دنيا زائلة ، حيث ينتهي به المطاف في قبره ، لا يحمل معه فيه الا العمل الصالح .
في سورة التكاثر ، يستحضر الانسان عبرا عظيمة في تجسيد المنهجية التي يجب ان يحيى بها الانسان في كافة مناحي حياته ، ولعل ما جعلني استحضر جانب من هذه العبر، ما أوردته وسائل الاعلام مؤخرا من حصول احدى المؤسسات التعليمية الحكومية على شهادة “جينيس” لأكبر عدد من الأشخاص يحملون راية !
حقيقة لا اعلم اين ابدأ لأنتهي في بيان مدى حالة السخرية أو الرثاء  – وربما كلمة أخرى –  من قيام  مؤسسة تعليمية بالسعي للحصول على ( انجاز ) يتمثل  بشهادة “جينيس للارقام القياسية” .
الشهادة لا قيمة حقيقية لها ،  ولعل المفارقة انها تشابه الى حد كبير الشهادات الوهمية التي يحقق فيها وزير تلك المؤسسة! ، كما لا ينتظر اي عائد مالي  نظير تحقيق  ذلك ( الإنجاز ) ، في ظل وجود ازمة صيانة فيها – التكييف -، و ليس فيها عرضا لاي قدرة فريدة او ذاتية – يقال ان العلم تم استيراده من الصين – ، ولا ضامن حقيقي لوصول ( الإنجاز ) الى النسخ المطبوعة من كتاب “جينيس”، فضلا عن تسجيل ( الإنجاز ) باسم الكويت او الوزارة او المؤسسة التعليمية ! .
شخصياً ، لا استهدف تلك المؤسسة بنقد لذاتها ، اذ انها مسبوقة بفعالية مشابهه من اطلاق اكبر عدد من الألعاب النارية  واعتبار الحصول على شهادة جينيس مفاجأة مدوية ! ، لكن الاشكال الحقيقي يكمن في بروز ظاهره قيام المؤسسات والمسؤولين بعمل كل شيئ عدا ما هو مطلوب منهم فعليا ً .
حقيقة المشكلة تكمن في فهم طبيعة الوظيفة العامة التي يشغلها أي مسؤول حكومي ومدى معرفته بمتطلبات تلك الوظيفة ، فضلا عن أهلية من وظفه – فكريا على الأقل – في التفريق بين ما هو ضروري وبين ما هو دونه وكذا التفريق بين ما يدخل في شؤون عمله  وبين ما لا يمت بصلة باهداف المؤسسة التي يعمل بها.
اتفهم احتمالية وجود نوايا حسنة في كل ما يحصل ، ولكن الدول لا تدار بنوايا حسنة نُنشد جميعا من خلالها اهزوجة “يا كويت عزك عزنا” .

 

إغلاق
إغلاق