
قررت في أحد الأيام تقليد أساليب وطقوس بعض الكتاب والشعراء خلال الكتابة. تلك الأساليب التي يتحدثون عنها خلال اللقاءات التلفزيونية. فالأول يحتاج الى فنجان القهوة والسيجار حتى يكتب، والآخر يذهب الى مكان معين يمتاز بالهدوء والاضاءة الخافتة، وثالث للموسيقى وقعها في كتاباته، ورابع ابعدنا الله وإياكم عن أسلوبه. انطلقت بأوراقي وأفكاري الى أحد الفنادق وفي ركن بعيد هادئ اتخذ الكاتب الكبير المكان المناسب لينهمر إبداعه، ومضى من الوقت ساعة في تصفح المكان ووجوه الأشخاص في المكان دون ان يكون هناك أي شيء له علاقة بالكتابة في المكان. انها القهوة هي التي تنقصني وبعد ساعة أخرى ورغم شرب القهوة «تركيتها وفرنسيتها» لا مجال للكتابة، أوراقي موجودة وأفكاري طارت. ذهبت بي الأفكار شرقا وغربا، إلا أنها رفضت وبشدة ان تأخذ مكانها على الورق. لملمت أوراقي والتي كانت خالية الا من بعض الخطوط والدوائر وتوقيعي لمرات عديدة وبعض الكلمات التي كانت جزءا من مكالماتي اثناء محاولة تقليد الكتاب الآخرين. انه البحر الفضاء الواسع الذي يمكن من خلاله التفكير بهدوء وبخيال أوسع وعلى ضفاف الخليج اخذت مكاني دون جدوى. الأفكار كثيرة التي محورها الخليج العربي ومنها العطاء الذي استمر به لكل من يحيطون به دون منة أو ترديد لأفضاله كما يفعل بنو جلدتنا ومنها الاخطار التي تحيط به والأطماع التي تتنازعه من القريب والبعيد. ولكن هذه الأفكار وغيرها سرعان ما تتوارى ويحل مكانها غيرها بشكل فوضوي. وبعد المحاولات والفشل قررت العودة الى البيت، والآن وأنا مستلق في الديوانية اكتب هذا المقال من جهازي الآيفون والأجواء من حولي صديق يتحدث بالتلفون وتلفزيون يتابع الأطفال الرسوم المتحركة من خلال إحدى قنواته. لا قهوة ولا موسيقى ولا طقوسهم التي تأكدت أنها لا تناسبني، وحمدت الله على ذلك، في النهاية تقليد الآخرين بأساليبهم ولهجاتهم لا يعني النجاح «كن انت». كن ناجحا بطريقتك وبأسلوبك. لن يتابع الناس كتابا أو مقالا أو قصيدة لأنها كتبت وانت في أحد فنادق الخمس نجوم وقهوة الصباح بجوارها وكتبت بقلم ماركة. ستجد مكانها الى قلوبهم عندما تكتب بصدق وببساطة لتلامسهم، هذا ينطبق أيضا على علاقاتنا الاجتماعية والإنسانية «كن انت» تكن محبوبا اكثر….. هذا ودمتم.