تحقيقات وتقارير
تداعيات «الدكتور البنغالي»: الحقيقة غائبة
القبس/ على الرغم من إشغال «الطبيب البنغالي» المزور الرأي العام ووسائل التواصل الاجتماعي في الـ 48 ساعة الماضية، فإن اللافت حقاً هو عدم وجود «نفي قاطع»، أو «تأكيد جازم» من الجهات المعنية، بثبوت ما بات يعرف إعلامياً بـ «الفيلم البنغالي»!
وعلى خطى المطالبين بالكشف عن اسم «الطبيب المحتال»، سألت القبس صاحب القصة المثارة المحامي هاني حسين عن مدى المصداقية فيها، فقال إنه قدم المستندات إلى الإدارة العامة للمباحث قبل 5 أيام، وتحديداً يوم الثلاثاء الماضي!
وأشار حسين إلى أن من ضمن المستندات التي قدمها صورة جواز «البنغالي المزور»، وانه قدم المستندات كـ «مبلّغ» وليس كشاكٍ، لأن البلاغ يتعلق بجرائم أمن دولة وليس له حق التقدم بها، بل إن الإجراء المتبع هو أن تتأكد «الداخلية» من المعلومات، ثم تتقدم بنفسها بتحويل البلاغ إلى النيابة العامة، مؤكداً وجود بحث من جهات أمنية عن «البنغالي المزور» وعن شركائه في جرائم اختلاس المال العام.
معلومات مرسلة
في غضون ذلك، وفي ردها على تصريحات المحامي هاني حسين الخاصة بأنه زوّد المسؤولين في وزارة الداخلية بهوية البنغالي وجوازي سفره الأصلي والكويتي المزور، ذكرت الوزارة أنها تصريحات «غير صحيحة»، وأنها – أي الداخلية – هي التي «بادرت بالاتصال به لاستقاء المعلومات منه منذ لحظة نشره الموضوع على مواقع التواصل، ولكنها لم تحصل إلا على معلومات مرسلة لا تتضمن أي دلائل أو مستندات أو إثباتات، وتفتقر إلى الوضوح في صحة الادعاءات والمعلومات».
وأكدت الوزارة في بيان صحافي، أمس، أن الجهات الأمنية المختصة «تعكف على استكمال التحريات والتحقيق بهذه الادعاءات والأقاويل المرسلة، وتحتفظ بحقها في اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة في حال عدم ثبوت صحتها».
جاري التنسيق
من جهة أخرى، كشفت مصادر مطلعة في وزارة الصحة لـ القبس أن ما يتم تداوله عن وجود «طبيب بنغالي مزور» غير صحيح حتى الآن، مبينة أن التنسيق يجري مع وزارة الداخلية للوقوف على آخر التطورات في هذا الصدد، لا سيما بعد المعلومات التي جرى نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي.
وأضافت المصادر أن «الصحة» قامت بالتدقيق على بيانات الاسم المتداول في واقعة الطبيب المزور، حيث تبين لها عدم وجود أي طبيب يحمل الاسم المذكور ويعمل بالوزارة قبل عام 1982، باستثناء مواطن واحد مولود بعد هذا العام، وهو إداري وليس طبيباً، وانه بعيد عن هذه المعلومات المغلوطة المتداولة حالياً.
وأوضحت أنه لم يتبين للوزارة وجود أي طبيب مزور أو حتى ما جرى نشره عن تمرير معاملات غير قانونية بواسطة شقيق نائب حالي له علاقة بالمزور، مشددة على ضرورة توخي الحيطة والحذر في نشر اي معلومات مغلوطة تخص المرافق الصحية والمعاملات التي يتم انجازها بداخلها وفق القوانين والاشتراطات المتبعة، بالتعاون والتنسيق مع جهات وقطاعات اخرى في الوزارة.
«ماريجوانا» في «الصحة»!
استغربت مصادر في وزارة الصحة مما تم تداوله عن وجود شجيرات لمواد مخدرة (ماريجوانا) في محيط مبنى الوزارة، وانها ذات علاقة بالطبيب البنغالي المزور، مؤكدة انها اخبار عارية من الصحة ولا تمت إلى الواقع بصلة، مطالبة من لديه معلومات صحيحة بالتقدم الى الوزارة ببلاغ لاتخاذ اللازم ومتابعة الاجراءات القانونية.
لا طب ولا جراحة
سألت القبس المبلِّغ عن هوية المبلَّغ ضده الوظيفية، فأجاب: هو ليس متخصصاً في الطب ولا في الجراحة، بل يعمل صيدلانياً ووظيفته اعتماد المعدات الطبية والممرضين العاملين في «الصحة»، مؤكداً ان هناك اسماء انتشرت في مواقع التواصل الاجتماعي عن هوية واسم المبلغ ضده، لكنها غير صحيحة.
شقيق النائب
بخصوص النائب الذي يتهمه المبلّغ بالتوسط، أجاب المحامي حسين قائلاً: شقيق النائب كان يتردد على «الطبيب البنغالي المزور»، ومن الواضح أن هناك مناقصات تم تمريرها لمصلحة البعض، وهو حالياً خارج الكويت، والوساطة تتلخص في عدم عمل إجراءات ضبط بحق شقيقه حتى يعود.
جواز سفر كويتي
أوضح المبلغ أن عمر «الطبيب البنغالي المزور» في جواز السفر الكويتي الذي انتحل الصفة فيه كان 55 سنة، وهو سار حتى هذه اللحظة، كما انه كان حريصا على عدم الاختلاط بالناس في الدواوين، أما بحسب تقديره الشخصي فهو يرى ان عمره الحقيقي تعدى الـ60 سنة.
مغردون: سيئ الإخراج
واصل المغردون على منصة التواصل الاجتماعي (تويتر)، تداول قصة «الطبيب البنغالي» المزوّر، على مدى اليومين الماضيين، في تغريدات مزجا فيها الجدية بالسخرية، لكنهم أجمعوا على ضرورة كشف الحقيقة.
ورغم ان أغلب المغردين أكدوا ان تفاصيل القصة «تشبه أفلام الخيال»، فإن بعضهم أصر على أن التزوير موجود ولابدّ من كشفه.
ورأى ساخرون على «تويتر» ان تفاصيل الموضوع لا تحدث إلا في الأفلام، وقال أحدهم إنه «فيلم بنغالي سيئ الإخراج»، وتساءلت مغردة بسخرية: «الدكتور البنغالي متزوج كويتية ولاّ بنغالية؟».
وفي السياق ذاته، تبادل بعض المعنيين بالشأن القانوني التغريدات، حيث طالب البعض مطلقي القصة بضرورة اتخاذ القنوات القانونية للإبلاغ في حال كانوا يملكون دليلا على التزوير، فيما طالب أغلب المغردين بشكف الأدلة للعموم حتى تتبيّن الحقيقة.
وقال آخرون: إنه لو ثبتت صحة المعلومات المتداولة فإنه لايمكن استيعاب حجم الجرائم والعقوبات التي ستقع عليه.
ومما زاد الطين بلّة، بغض النظر عن مصداقية القصة، ان التفاصيل طالت الجهاز الطبي الذي يُعنى بشكل مباشر بصحة وسلامة الناس، الأمر الذي أثار مخاوف عكسته بعض التغريدات المطالبة بضرورة كشف الحقيقة كاملة من وزارة الصحة لطمأنة الناس فيما اذا كان ضمن الطاقم الطبي في المستشفيات مزورون أم لا.