مقالات وكتاب

حافلات ودراجات جوالة.. مخالفات بلا حدود

أي بلد في العالم يحتاج إلى بنية تحتية في خدمات النقل العام، حتى يحقق نتائج إيجابية لمختلف الخدمات، وعلى رأسها الخدمات الاقتصادية، لذا.. فارتباط ارتقاء أي بلد اقتصاديا وثقافيا مبني على القدرة بتوفير مختلف وسائل النقل بمختلف المستويات، بدءا من سيارات الأجرة ومرورا بالحافلات وسيارات النقل والقطارات والطائرات وانتهاء بالسفن، بمختلف أحجامها ومستوياتها وأنواعها.

وإذا كانت رؤية الكويت أن تكون مركزا ماليا عالميا، فينبغي الاهتمام بهذا القطاع الذي يعتبر متأخرا عندنا، قياسا بالعديد من الدول الاقتصادية، كما ينبغي ضبط عمل هذا القطاع عند الخصخصة، بعدم طغيان الأثر المادي على الأثر الإنجازي، لأن الأمر يخص البشر.

ولاحظنا بوادر التطور مطلع الألفية الثالثة بإنشاء شركات التاكسي الجوال، وهو خدمة مهمة في أي بلد، وشركات طيران تجاري استطاعت أن تنافس الخطوط الكويتية، وشركات حافلات، ولم يصل التطور إلى القطارات والنقل البحري.

كان المواطنون حتى الثمانينيات يركبون الحافلات الزرقاء والتاكسي البرتقالي، لوصولهم إلى محطات داخل المناطق السكنية، إلا إن لسلوك بعض السائقين الهوجاء الأثر السلبي في نفوس المواطنين، فقد انتشرت معلومة أن التاكسي والحافلة يأخذها السائق من الشركة بإيجار يومي، فمثلا عليه أن يدفع 20 دينارا في اليوم للشركة، وعليه البنزين والصيانة، وما زاد فهو رزقه، فتجده يجوب الشوارع كالمجنون سرعة وتجاوزا ووقوفا فجائيا، وينزل الركاب ويأخذهم من أي مكان في الشارع، ويعمل لأكثر من 12 ساعة في اليوم، حتى يستطيع توفير ضعف هذا المبلغ، ليوفي مصاريفه.

كما أنهم لا يأبهون للمخالفات المرورية ضمن كفالة الشركة! ولعلكم تذكرون فيديو لحافلات في العاصمة في ذروة الازدحام وهي تركب الرصيف، وتتجاوز الحارات المخصصة لها، ونحن نرى ذلك يوميا في الشوارع العامة.

هذه الشركات أساءت لمفهوم الخصخصة تماما، ولم تدعم الاقتصاد المحلي بتاتا، ولم تقدم خدمة إضافية، وهي ما زالت تقف في محطات شركة النقل العام السابقة، ولم تتعب نفسها بوضع إشارات أو مظلات خاصة بها، وسياراتها قديمة كثيرة العطل، ترى الدخان ينتشر بينها.

إن من شروط الموافقة على مزاولة مهنة سائق تاكسي في العالم، معرفة لغة البلد، ومعرفة العناوين، ويجرون لهم اختبارات بذلك، فهل هذا مطبق عندنا؟!

وزاد من الطين بلة ظهور سيارات توصيل المطاعم، التي «تتخطرف» بين الأحياء على مدار الساعة بسرعات غريبة، لدرجة أن الكبار يخافون منها، فكيف بالأطفال! فالسائق لا يرى يمينا ولا يسارا، فقط إلى الأمام وبأقصى سرعة، لأنه ملزوم بتوصيل عدة وجبات بوقت محدد.

ثم ظهر مجانين الدراجات النارية لخدمات توصيل المطاعم، ومن كثرتهم تعتقد أنك في ماليزيا أو اندونيسيا، وهؤلاء لا يحترمون القانون البتة، فهم يسيرون أحيانا عكس السير وفوق الرصيف لاختصار الطريق، و«يتخطرفون» بين السيارات في الشوارع الرئيسة، والسبب أن لهم وقتا محددا ينجزون فيه المهمة قبل أن يبرد الطعام، كما أنهم يأخذون معاشهم بناء على عدد التوصيلات، فتراهم يسيرون بسرعة ليعودوا مسرعين لتوصيل طلبيات أخرى.

لقد انتشر عند الناس أن الحكومة لا تستطيع أن تقف أمام أصحاب تلك الشركات، فلا أقل من إيقاف هؤلاء السائقين عن عنجهيتهم وعدم احترامهم للقانون وللبشر من حولهم، والله يحفظ الوطن منهم.

إغلاق
إغلاق