مقالات وكتاب
الرد على تزييف الحقائق حول قانون 44 لسنة 1994
بقلم: داهم القحطاني
هذا التزييف يستهدف تأجيج الطرح العنصري البغيض في نفوس الكويتيين بعضهم ضد بعض بدعاوى بغيضة تخلى عنها العالم المتحضر منذ زمن بعيد ومن ضمنها أن مساواة أبناء المتجنسين بأبناء المؤسسين يشوه تركيبة المجتمع الكويتي.
يقول البعض المشكك بأن قانون 44 لسنة 1994 أعطى لأبناء المتجنسين ما لا يستحقونه بمساواتهم بأبناء المؤسسين، والحقيقة أن مساواة أبناء المؤسسين والمتجنسين أتت مع بداية إصدار قانون الجنسية سنة 1959 إذ اعتبرت المادة الثانية من القانون أنه «يكون كويتياً كل من ولد، في الكويت أو في الخارج، لأب كويتي»، وهذا يعني أن حرمان أبناء المتجنسين من صفتهم الأصلية طوال 35 عاماً (1959 – 1994) كان تطبيقاً خاطئاً لم يكن ليستمر بعد الغزو العراقي الغاشم، خصوصاً بعد نشوء حالة وطنية جامعة كانت ترفض التفرقة بين الكويتيين بعد أن توحدت دماؤهم في الغزو والتحرير.
في عهد الأمير الشيخ جابر الأحمد، وعهد رئيس الوزراء الشيخ سعد العبدالله – رحمها الله – تمت إزالة هذا الظلم عبر مشروع قانون حكومي تمت الموافقة عليه في برلمان ما بعد تحرير الكويت وبموافقة رموز كويتيين منهم أحمد الخطيب، وعباس حبيب مناور، وجاسم الصقر، محمد المرشد، وحمد الجوعان، وغنام الجمهور، وأحمد الربعي، وغيرهم ممن لا يتخيل العقل أنهم قد يوافقون على قانون قد يضر الكويت بالصورة التي تروجها مجموعة تطرح نفسها كحامية لحمى الهوية الوطنية، وهي بطرحها المتطرف تسهم في تمزيق هذه الهوية عبر تصنيفها وفق الأهواء لا الحقائق التاريخية.
هناك تزييف للحقائق يطرحه البعض بجهل، ويطرحه البعض الآخر بسوء نية حول قانون رقم 44 لسنة 1994 والمتعلق بإعطاء أبناء المتجنسين الصفة الأصلية تماماً كأبناء المؤسسين.
يزيفون المعلومات ويقولون إما جهلا وإما بسوء نية إن قانون 44 لسنة 1994 يعطي الصفة الأصلية لابن المتجنس الذي وُلد قبل حصول الأب على الجنسية الكويتية وهي معلومة خاطئة، فالصفة الأصلية لابن متجنس تكون فقط لمن وُلد بعد حصول الأب على الجنسية الكويتية، وهو في هذه الحالة لن يُصوِّت إلا بعد 21 عاماً ولن يحق له الترشح إلا بعد بلوغه سن الثلاثين عاماً تماماً كابن المؤسس.
أما أبناء المتجنس الذين بلغ عمرهم أكثر من سن الرشد القانوني وهو 21 عاماً حين حصل الأب على الجنسية الكويتية فلا يحق لهم الحصول على الجنسية طبقاً لوالدهم، وتجنيسهم يتطلب طلباً جديداً لا علاقة له بحصول والدهم على الجنسية الكويتية.
أما الأبناء الذين وُلدوا قبل حصول الأب على الجنسية الكويتية ولم يبلغوا سن الرشد حين حصل الأب على الجنسية، فيحق لهم الحصول على الجنسية كمتجنسين ومن دون صفة أصلية، ولا يحق لهم الترشح لمجلس الأمة مطلقاً لكن يحق لهم التصويت في الانتخابات بعد مرور 30 سنة من حصولهم على الجنسية بالتبعية.
بهذه التفسيرات غير المؤدلجة يتضح أن قانون 44 لسنة 1994 أعاد توحيد الكويتيين بعد سنوات طويلة من التفرقة غير القانونية، حين أعطى لأبناء المتجنس الصفة الأصلية تماماً كما هي رغبة الكويت وأهلها حين صدر قانون الجنسية 1959.
كما يتضح أن أبناء المتجنس لا يحصلون على الصفة الأصلية التي تتيح لهم الترشح كنواب إلا إذا وُلدوا بعد حصول الأب على الجنسية، ولا يحصل على الصفة الأصلية الأبناء الذين وُلدوا قبل حصول الأب على الجنسية، وهي المعلومة الخاطئة التي يروج لها كاتب متلون الآراء يطرح نفسه كليبرالي يؤمن بالمساواة، لكنه سقط في اختبار القانون 44 لسنة 1994، والذي يتخذ منه مواقفَ خاطئة بناء على تفسيراته الخاطئة التي تكشف جهله بتفاصيل الموضوع.
قانون 44 لسنة 1994 ورغم أنه ظلم أبناء المتجنسين حين لم يجعل صفتهم الأصلية تصدر وفق المادة الثانية من القانون كما هو الأصل، وجعلها بدلاً من ذلك تصدر وفق فقرة د من المادة السابعة، فإنه يعتبر خطوة في الطريق الصحيح.
ولهذا يبدو من يهاجم هذا القانون معزولاً عن شبه إجماع الكويتيين على هذا القانون وقت صدوره، وهو شبه الإجماع الذي برز عبر التأييد النيابي والحكومي الذي حظي به هذا القانون حين تم التصويت عليه عام 1994.
ما أبشع أن تعيش في عزلة عن شبه إجماع شعبك.