مقالات وكتاب

‎ مرزوق الغانم.. إضاءات وعواصف

بقلم: عبدالرحمن المسفر

من منا لا يذكر الحملة الشعواء التي تعرض لها مرزوق الغانم خلال السنوات الأربع الماضية حتى كدنا أن نصدق ما أثير فيها إلى أن انجلى غبار تلك العواصف، وتبين لنا أن ثمة أجندات خاصة تستهدف إقصاء الغانم من المشهد السياسي وتشويه سمعته واختلاق قصص مفبركة لعزله أبديا عن ممارسة العمل البرلماني وحرمانه من الإسهام في الشأن العام.
بعد أن انكشفت خيوط لعبة إقصاء الغانم ومن وراءها وهدأت النفوس ، أصبح لزاما أن نشير إلى غاية تلك الحملة وهي محاولة رسم صورة ذهنية مستقبحة لممارسات الغانم السياسية لدى الرأي العام، وصدق من قال: إن الزمن كفيل بإظهار الحقائق مهما كانت أمواج الاتهامات عاتية ، وعلى أي حال أثبت مرزوق الغانم، سواء اتفقنا أو اختلفنا معه، أنه قادر على مواجهة التحديات والتكيف مع المراحل ومواكبة المتغيرات السياسية.
كنت من الذين انتقدوا موضوعيا بعض ممارسات الغانم في إدارة عدد من الملفات في مرحلة زمنية معينة، فما وجدته حين ألقاه في المناسبات العامة إلا مبتسما ومرحبا بي، فالغانم وغيره من المسؤولين لا يضجرون من نقد أعمالهم وممارساتهم متى ما كان ذلك في إطار من التناول المسؤول الذي لا يعتدي على خصوصياتهم، ولا يحط من قدرهم، ولا يفتري الكذب عليهم ، أما ما حدث مع الغانم من حملة تشويه وتضليل لا يصبر على أذاها إلا من ألبسه الله رداء الصبر ، فأمر يتنافى مع تعاليم الدين الحنيف وأخلاق المجتمع الكويتي وفضائله وفروسيته في الخصومة، فهناك فرق بعيد بين النقد من أجل التقويم والإصلاح وبين تصفية الحسابات وتحريف الكلم عن مواضعه والاستهداف البشع.
مرزوق الغانم ليس من جنس الملائكة ، يخطئ ويصيب، ولكن يحمد له تنازله عن القضايا كافة المرفوعة على كل مغرد أساء له، امتثالا لقوله سبحانه وتعالى : «فمن عفا وأصلح فأجره على الله»، والغانم كذلك أعلن -في مبادرة خيرية وإنسانية- تبرعه بتكلفة نقل النازحين من حلب إلى المناطق الآمنة، فجزاه الله عنا خير الجزاء ، فتلك الخطوة تحسب لنا ككويتيين . فهُوية المتبرع سوف تكون موثقة في سجلات العمل الدولي الإنساني ، والرابح – بالطبع- بلد العطاء الكويت وأهلها المحسنون.
سياسيا وديمقراطيا ، نجح مرزوق الغانم في حصد 48 صوتا في انتخابات رئاسة مجلس الأمة، وحاز بذلك على ثقة السواد الأعظم من النواب بما فيهم المستقلون والمعارضون والأطياف السياسية المختلفة وكذلك الإجماع الحكومي، وكل ذلك يؤكد بلغة الواقع والأرقام أن الغانم لاعب سياسي مؤثر في المشهد السياسي ، باستطاعته ترتيب أوراق اللعبة السياسية وفق معطيات كل مرحلة واستحقاقاتها وتحدياتها، بعيدا عمن يكره الغانم أو يحبه، فمنطق الانفعال والعاطفة والأحكام الانطباعية والآراء الشخصية شيء، والواقع وقواعد اللعبة السياسية والإمكانات الشخصية للغانم أمر آخر ، ولا ينبغي الخلط بينهما ،كي نكون ممن ينتمون إلى مدرسة الإنصاف وإنزال الناس منازلهم .
مرزوق الغانم أيضا استجاب لمعطيات المرحلة الحالية وتركيبة المجلس الحالي والمزاج العام والملفات محل الاهتمام الشعبي ، وتبنى خطابا سياسيا مغايرا وأدوات فعالة في تحسين أداء مكتب المجلس ، وفي موازاة ذلك زاد من جولاته الشعبية وانفتاحه على أكبر قدر من الخلفيات والشرائح الاجتماعية، وهذه النقطة تمثل إضافة نوعية لجهد الغانم السياسي.
بلاشك، لن تخلو العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية من الهزات والانعطافات، وأعتقد أن نجاح الغانم المبكر في إدارة جلسات مجلس الأمة بحيادية ووقوفه على مسافة واحدة من الجميع سوف يفوت الفرصة على من يريد خلق التأزيم وتنفيذ أي أجندات غير مقبولة، وطنيا ودستوريا ، ويبقى أمام الرئيس الغانم كي يحقق مكاسب سياسية وشعبية معتبرة أن ينبري إلى حلحلة الملفات الشائكة وإيجاد الحلول المناسبة لها مثل: إرجاع الجناسي ومراجعة بعض القوانين المقرة في المجلس السابق ومعالجة ترشيد الإنفاق من دون المساس بجيوب المواطنين وبخاصة أصحاب الدخل المحدود ووأد أي صراعات طائفية في مهدها، والأهم من ذلك كله تكريس مختلف الجهود لترسيخ التعاون البناء ما بين السلطتين وبما ينعكس إيجابا على الإنسان الكويتي وصيانة الأمن الوطني وتحقيق التنمية المستدامة المأمولة.
‎أخيرا : النصح بإحسان خير من الجهر بالبهتان

إغلاق
إغلاق