محليات

إحالة مجلس «مكافحة الفساد» إلى التقاعد مشروع أزمة سياسية وقانونية ومالية

الراي/ حذرت مصادر قانونية رفيعة المستوى من مغبة «التسرع» في إحالة رئيس ونائب رئيس ومجلس أمناء الهيئة العامة لمكافحة الفساد إلى التقاعد، الأمر الذي سيتقدم به وزير العدل وزير الدولة لشؤون مجلس الأمة فالح العزب إلى جلسة مجلس الوزراء المقبلة، لعرضه للنقاش واتخاذ قرار في شأنه.

وأكدت المصادر أن من شأن الإحالة «المتعجلة» لمجلس الهيئة إلى التقاعد أن تفتح الأبواب على مشاريع أزمة سياسية وقانونية ومالية لجملة من الأسباب، لا يزال في الإمكان تفاديها، معلّقة آمالاً على شفافية مجلس الوزراء وأناته في التعاطي مع الأمر بموضوعية، متداركاً الأسباب التي قد تشرّع أبواب الأزمة.

وعلّلت المصادر توجسها من أن يكون قرار الإحالة إلى التقاعد مشروع أزمة في جملة من النقاط، لعلّ في طليعتها ما يتعلق بالقياديين الذين يجب أن يقدموا إقرارات بذممهم المالية ومنهم النواب خلال ستين يوماً، علماً أن هامش (المهلة) يضيق أمام النواب، الذين تتبقى أمامهم فرصة حتى العشرين من الشهر الجاري، حيث تنتهي مهلة الستين يوماً، ولن يكون في إمكانهم تقديم إقرارات بذممهم المالية بعد هذا التاريخ، في ظل عدم وجود هيئة لمكافحة الفساد، إن لم يتم تعيين رئيس للهيئة ونائب رئيس ومجلس أمناء في المدة الفاصلة بين تاريخ الإحالة إلى التقاعد ويوم العشرين من الجاري، وهو أمر محكوم عليه بالاستحالة، أقله لضيق الوقت، إضافة إلى اعتبارات فنية أخرى.

وأشارت المصادر إلى أن مجلس الهيئة المنوي إحالته إلى التقاعد لم يمض على تعيينه أكثر من ثلاثة أشهر، وعليه فإنه من الواجب منح اعضائه رواتبهم عن كامل المدة البالغة أربع سنوات، الأمر الذي يعني هدراً لملايين الدنانير، في ظل المرتبات العالية لأعضاء الهيئة، وبإجمالي يناهز الثلاثة ملايين دينار على أقل تقدير، في وقت تجهد الدولة في تقنين المصروفات وشد الحزام، في ظل الأوضاع الاقتصادية المترتبة على انخفاض أسعار النفط، ومع وجود الآلاف من الخريجين المنتظرين دورهم على قوائم التوظيف، الأمر الذي قد يشكل مادة دسمة للنواب لطرح الموضوع على أنه من أسباب الهدر، خصوصاً في ظل الموجة النيابية الساعية إلى التقليل من الانفاق غير المبرر وعدم المساس بجيوب المواطنين.

وذكرت المصادر أن مدة العضوية في مجلس الأمناء هي اربع سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة، وأن للوزير المختص، بناء على اقتراح غالبية أعضاء مجلس الأمناء إسقاط عضوية الرئيس أو نائبه أو أي من الأعضاء في حال ثبوت الإخلال الجسيم بواجباته وبعد إجراء التحقيق، وفي حال خلا منصب الرئيس أو نائبه أو أي من أعضاء مجلس الامناء لأي سبب يتم تعيين بديل له، ويكمل العضو الجديد مدة سلفه فقط، ومن هذا المنطلق تساءلت المصادر عن كيفية إحالة أي من أعضاء مجلس الامناء إلى التقاعد من دون إجراء تحقيق، قد يبرر قرار الإحالة، وعلى ذلك تكون الإحالة مشبوهة قانونياً.

واستفسرت المصادر عن الموانع القائمة أمام تعديل قانون الهيئة، بحيث تتكون من رئيس ونائبه فقط، ويستغنى عن الأعضاء الخمسة مع ما سيوفره ذلك من مرتبات عالية على خزينة الدولة؟

وتساءلت المصادر عن القدرة على تعيين مجلس جديد لهيئة مكافحة الفساد، في حال تم التعجل في إحالة المجلس الحالي إلى التقاعد، مع كل الهواجس والقصور القانوني السابق الإشارة اليه، وعلى ذلك هل يتقبل أي من المستشارين أو القضاة المنصب في حال عُرض عليهم، خصوصاً في ظل المزايا التي يتمتع بها أعضاء الجسم القضائي، وليس أقله تمديد المدة الزمنية للبقاء في المنصب القضائي حتى بلوغ الخامسة والسبعين، وهو امتياز لا يؤمنه أي منصب آخر، إضافة إلى ما قد تتركه الإحالة إلى التقاعد لمجلس أمناء الهيئة من هواجس، فمن يضمن البقاء في منصبه لأربع سنوات، وإن تم ذلك، هل من ضمانة بالتجديد مرة أخرى؟

إغلاق
إغلاق