مقالات وكتاب
القوانيص والحداقة .. وقوانين البيئة
بقلم: د.عصام عبداللطيف الفليج
ما زلنا نعيش خوف أكل البر والبحر والجو لكثرة التحذيرات منها، سواء من بقايا آثار اليورانيوم المنضب الذي استخدمته أمريكا لضرب الجيش العراقي عند تحرير الكويت، ونتيجته آلاف المصابين بالسرطان وأمراض أخرى، أو لكثرة النفايات والمخلفات المضرة للبيئة المرمية في البحر، وللأسف من جهات حكومية، يفترض فيها المحافظة على البيئة، او بقايا بعض النفايات النووية والكيميائية التي رمتها بعض الناقلات في البحر فترة الاحتلال والتحرير لغياب الحكومة والرقابة، وحتى الأغذية التي تصلنا أنواع كثير منها محقونة بالألوان والبروتينات والهرمونات ومرشوشة بالمبيدات والكيماويات، فأين المفر؟!
وأمام ذلك يفترض أن تقوم الهيئة العامة للبيئة بوضع قوانين صارمة لحماية بحر وبر وجو الكويت من تلك الأضرار وغيرها، ولكن كما يقال.. الشق عود.
إلا أن بعض القوانين البيئية ضيقت على المواطنين “الهواة” في ممارسة صيد البر والبحر والجو، فخلال مواسم منع الصيد البحري، تقوم الدول المجاورة بصيد كبير بالقرب من بحرنا، وتقتنص من الأسماك والربيان الشيء الكثير، وأصحاب البلد أولى بها.
وكذا محبي ممارسة القنص، والذي يعتمد بشكل أساس على الطيور المهاجرة العابرة لأجواء الكويت، والتي تكون غالبا في فصلي الربيع والخريف، حيث ضيقت عليهم مساحات القنص والصيد، رغم صغر مساحة الكويت، بحجة أنها محميات وأراضي نفطية أو غير ذلك، وأكثر من أضر بالبيئة هي “الدراكيل” وآليات المصانع التي ما زالت تتلف البيئة البرية ليل نهار، مدمرة قدرا كبيرا من مكوناتها الطبيعية والحيوانية والفطرية، إضافة إلى الرعي الجائر.
ومنعت الهيئة استخدام بنادق الصيد “الشوزن”، وبنادق الهواء المضغوط “أم صچمة الغاز”، وأجهزة نداء الطيور، وسمحت فقط باستخدام وسائل الصيد التقليدية مثل “أم صچمة الكسر”، ووسائل الصيد اليدوية التقليدية كالفخاخ وغيرها، فهل يعقل ذلك؟!
وحتى “الصقارة” حرموا من هوايتهم لمنع استخدام السيارات، فهل يصيدوا بالخيل؟
أضف إلى ذلك تحديد أوقات ومواسم “خاطئة” لصيد بعض أنواع الطيور، وبأعداد لا تذكر وبوسائل غير مناسبة لصيدها، ليجعل من ممارسة هذه الهواية التراثية والشعبية مهمة شبه مستحيلة.
فعلى سبيل المثال لا تسمح بصيد طائر الفري أو السمّان أثناء عبوره الكويت في شهر أبريل، رغم أنه يهاجر بالملايين عابرا كثيراً من دول قارات العالم ومستقرا في نهاية رحلتيه السنويتين ذهابا وإيابا في بعضها، علما بأنه لا يستقر ولا يفرّخ إطلاقا في الكويت، التي لا تمثل إلاّ رقعة صغيرة من خط عبوره، ومهما اصطاد منه الهواة في الكويت بغرض الأكل أو التربية؛ فإن بنادقهم (الشوازن) لا تأخذ منه شيئا يذكر بالنظر إلى أعداده المليونية، كما أن ما يتم اصطياده منه على مستوى الفرد أو الكل في الكويت لا يشكل إلاّ نسبة ضئيلة جدا مما يتم اصطياده من “أعداد كبيرة جدا”من الفري عبر (شباك) الصيد التي تنصب على سواحل وفي براري وغابات دول عبوره واستقراره ليتم بيع معظمه والمتاجرة به فيما بعد.
يعد الصيد بأنواعه أحد المتنفسات النقية والراقية والشريفة، فمن غير المعقول أن يحرم من ممارسة هذه الهواية الأغلب والأعم من القوانيص الملتزمين ذاتيا بأعراف وأخلاقيات الصيد؛ بسبب فئة هي أقل من القليل اقترفت ظلما وضلت عن جادة الصواب.
نتمنى إيجاد حلولا ترضي الجميع، بما يحقق المحافظة على البيئة من التلوث والدمار، دون إفراط ولا تفريط، والتنسيق مع رابطة للقوانيص بهذا الشأن، وعدم استثناء المتنفذين – كالعادة – من تلك القوانين، سواء في البر أو البحر، وبالأخص في المحميات البرية.
والله يحفظ شباب الكويت.