مال وأعمال
حمادة: الاقتصاد الكويتي «قوي ومتين» ومدعوم من «صندوق الأجيال»
قال وزير المالية خليفة حمادة إن المركز المالي للكويت قوي ومتين لكونه مدعوما بالكامل من قبل صندوق احتياطي الأجيال القادمة، والذي يشهد نموا مستمرا بفضل جهود القائمين عليه.
وأضاف حمادة تعقيبا على قرار وكالة فيتش بتثبيت التصنيف السيادي للكويت عند AA مع تغيير النظرة المستقبلية من «مستقرة» إلى «سلبية» ان ما تعاني منه المالية العامة والتي تتعلق بالإيرادات والمصروفات السنوية من اختلالات هيكلية، أدى إلى قرب نفاد السيولة في خزينة الدولة (صندوق الاحتياطي العام).
وذكر وزير المالية أن من أهم أولوياتنا في السلطة التنفيذية خلال المرحلة المقبلة هو تعزيز السيولة في الخزينة، مؤكدا ضرورة تضافر جهود جميع الجهات والعمل كفريق واحد لتحقيق استدامة المالية العامة.
وكانت وكالة فيتش قد أكدت تصنيفها الائتماني السيادي للكويت لعام 2021 عند المرتبة «AA» مع تغيير النظرة المستقبلية من مستقرة إلى سلبية.
وقالت الوكالة ان تخفيض النظرة المستقبلية يعكس مخاطر السيولة قصيرة الأجل والمرتبطة بالنفاد الوشيك لصندوق الاحتياطي العام في ظل غياب إذن للحكومة بالاقتراض، حيث يتجذر هذا الخطر في الجمود السياسي والمؤسساتي الذي يفسر أيضا عدم وجود إصلاحات مؤثرة لمعالجة العجز المالي الكبير في الميزانية العامة للدولة، والضعف المتوقع في أرصدة الموازين المالية والخارجية للكويت، ومع ذلك ستظل تلك الأرصدة من بين أقوى الميزانيات السيادية التي تصنفها الوكالة.
وتوقعت الوكالة أن عدم تمرير قانون دين عام جديد قد يؤدي الى نفاد سيولة صندوق الاحتياطي العام في الأشهر المقبلة ما لم تتخذ مزيدا من التدابير لمعالجة أوضاعه، مشيرة الى أن استنفاد سيولة صندوق الاحتياطي العام من شأنه أن يحد بشكل كبير من قدرة الحكومة على الوفاء بالتزاماتها ويمكن أن يؤدي ذلك إلى اضطراب اقتصادي كبير.
ووفقا للسيناريو الأساسي للوكالة الذي يفترض أن الحكومة ستجدد موارد صندوق الاحتياطي العام لتجنب النضوب حتى بدون أي تشريع جديد من قبل مجلس الأمة، واستمرار الحكومة في خدمة الدين (حيث تبلغ نحو 400 مليون دينار وبنسبة 1% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2021)، إلا أنه لاتزال هناك درجة من عدم اليقين.
وتوقعت الوكالة أن يتسع عجز الميزانية العامة (بعد إضافة دخل الاستثمارات الحكومية) الى نحو 6.7 مليارات دينار أو ما نسبته 20% من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2021/20. وعلى صعيد الإيرادات العامة، تتوقع الوكالة انخفاضه بنحو 33% ليصل الى ما يزيد قليلا على 14 مليار دينار أو ما نسبته 42% من الناتج المحلي الإجمالي، مدفوعا بانخفاض أسعار النفط وكميات إنتاجه.
أما بالنسبة للمصروفات العامة، فتتوقع أن تتماشى مع المصروفات الفعلية للسنة المالية السابقة عند نحو 21 مليار دينار أو ما نسبته 62% من الناتج المحلي الإجمالي، أي أقل من المصروفات المرصودة في الموازنة العامة في السنة المالية 2021/2020. وعلى مدار السنة المالية الحالية، خصصت الحكومة ما مجموعه 740 مليون دينار (أقل من 2% من الناتج المحلي الاجمالي) كإنفاق إضافي لمكافحة فيروس كورونا ودعم القطاع الخاص، والذي قابلته مدخرات في بنود أخرى، بما في ذلك انخفاض الدعوم الحكومية.
عجز في خانة العشرات
في ظل عدم وجود إصلاحات مالية كبيرة أو حدوث انتعاش في الطلب العالمي على النفط، تتوقع الوكالة أن يبقى عجز الميزانية العامة في خانة العشرات على المدى المتوسط الى الطويل. وتتوقع أن تسجل الميزانية العامة عجزا ماليا بنحو 7.5 مليارات دينار أو ما نسبته 21% من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية القادمة 2022/2021، بافتراض أن متوسط سعر برميل النفط سيبلغ نحو 45 دولارا للبرميل ومتوسط الانتاج عند نحو 2.4 مليون برميل يوميا. وفي ظل نفس الافتراضات، فإن مشروع الموازنة العامة الأخير يخطط لزيادة واسعة النطاق في الإنفاق العام الى نحو 23 مليار دينار أو ما نسبته 65% من الناتج المحلي الإجمالي، إلا أن الوكالة تتوقع أن تكون الزيادة الفعلية في الإنفاق أقل من ذلك. وتقدر أن متوسط سعر برميل النفط التعادلي للموازنة العامة سيصل الى نحو 80% للبرميل عند مستويات الانتاج الحالية للنفط. وبموجب منهجية وزارة المالية في إعداد التقارير المالية، والتي لا تتضمن دخل الاستثمارات الحكومية، تتوقع الوكالة أن يصل عجز الميزانية العامة (بدون حساب دخل الاستثمارات الحكومية) الى نحو 10 مليارات دينار أو ما نسبته أكثر من 30% من الناتج المحلي الاجمالي في السنة المالية 2021/2020. وهذا يتوافق الى حد كبير مع الاحتياجات التمويلية للميزانية العامة.
ميزانية قوية
ورجحت الوكالة أن تظل الميزانية العامة في الكويت من بين أقوى الميزانيات السيادية التي تصنفها وكالة فيتش، حتى مع افتراض وجود إصلاحات مالية محدودة وعدم انتعاش أسعار النفط أو كميات الإنتاج. وفي ظل عدم إفصاح الحكومة عن حجم أصول وأداء الهيئة العامة للاستثمار، تتوقع الوكالة أن يصل صافي الأصول السيادية الخارجية التي تديرها الهيئة العامة للاستثمار نحو 581 مليار دولار أو ما نسبته 652% من الناتج المحلي الاجمالي في نهاية 2020، وذلك بالرغم من السحوبات من صندوق الاحتياطي العام.
القطاع المصرفي.. منظم
وأشارت الوكالة الى أن معظم السمات الهيكلية للكويت أضعف من متوسط أقرانها في التصنيف «AA»، بما في ذلك مؤشرات البنك الدولي لمعايير الحوكمة. ويتمتع القطاع المصرفي بمعدلات رسملة جيدة، وهو منظم بشكل جيد من قبل بنك الكويت المركزي، حيث يبلغ متوسط مستوى تقييم الجدوى للقطاع المصرفي الكويتي عند «BBB». كما يعتبر الاقتصاد الكويتي من أكثر الاقتصادات اعتمادا على النفط بين الحكومات المصنفة من قبل الوكالة، وقد ساهم القطاع النفطي بأكثر من 90% من الصادرات ونحو 60% من إجمالي الايرادات العامة في الميزانية (بما في ذلك دخل الاستثمار) خلال عام 2020.
الاقتصاد الكويتي في 2021.. نمو معتدل
توقعت الوكالة أن يشهد الاقتصاد الكويتي انتعاشا اقتصاديا معتدلا هذا العام مع بدء تلاشي الصدمة المزدوجة لانخفاض إنتاج النفط وفيروس كورونا. كما من المتوقع أن يسجل الناتج المحلي الاجمالي الحقيقي انكماشا بنحو 7% (انكماش القطاع النفطي بنحو 9%، وانكماش القطاعات غير النفطية بنحو 4%) في عام 2020. مع انتعاش الطلب العالمي على النفط
وإعادة النظر في حصص إنتاج أوپيك، فإن هناك احتمالا بأن ترفع الكويت الانتاج تدريجيا نحو الطاقة الانتاجية الحالية البالغة 3.1 ملايين برميل في اليوم (والتي تخطط مؤسسة البترول الكويتية لزيادتها الى 3.5 ملايين برميل في اليوم بحلول عام 2025. كما يمكن أن يؤدي بدء تحديث المصافي ومشروع الوقود النظيف لمؤسسة البترول الكويتية وزيادة إنتاج الغاز الى دعم النمو في السنوات 2021-2022.
العوامل المؤثرة على التصنيف
قال الوكالة ان أهم العوامل التي يمكن أن تؤثر سلبا وبشكل فردي أو جماعي على التصنيف الائتماني السيادي، هي السمات الهيكلية حيث ان استمرار استنزاف موارد صندوق الاحتياطي العام في ظل عدم إقرار قانون جديد للدين العام، أو تشريع يسمح بالنفاذ الى أصول صندوق الأجيال القادمة، أو قيام الحكومة بتدابير استثنائية لضمان استمرارها في الوفاء بالتزاماتها، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر خدمة الدين.
كما ان من ضمن العمل المؤثرة سلبا هي المالية العامة، حيث ان التآكل المستمر لمتانة الأوضاع المالية والخارجية نتيجة استمرار انخفاض أسعار النفط أو عدم القدرة على معالجة الاستنزاف الهيكلي للمالية العامة.
كما حددت الوكالة أهم العوامل التي يمكن أن تؤثر إيجابا بشكل فردي أو جماعي على التصنيف الائتماني السيادي وهي المالية العامة حيث ان اعتماد الحكومة لاستراتيجية تمويلية واضحة ومستدامة من خلال تمرير القوانين التي تسمح بإصدار الدين بانتظام أو النفاذ الى صندوق الأجيال القادمة، مصحوبة بأدلة على أن المؤسسات والنظام السياسي في الكويت قادرة على مواجهة التحديات المالية طويلة الأجل من خلال إجراءات لتنفيذ خطة واضحة للحد من العجز في الميزانية العامة للدولة.
تدابير استثنائية لأزمة السيولة
أشارت وكالة «فيتش» الى أن السلطات قد أبدت التزاما بتجنب أزمة السيولة ولديها المرونة لاتخاذ تدابير استثنائية لتحقيق هذه الغاية.
وفي أغسطس 2020 أقر مجلس الأمة قانونا يجعل من تحقيق فوائض مالية شرطا مسبقا لتحويل 10% من الايرادات العامة الى صندوق احتياطي الاجيال القادمة، وسمح القانون الجديد بإلغاء التحويل للسنة المالية 2019/2018، وتبع ذلك شراء صندوق احتياطي الأجيال القادمة للأصول السائلة من صندوق الاحتياطي العام.
ولفتت الى أنه لايزال هناك لدى صندوق الاحتياطي العام أصول غير سائلة يمكن تحويلها أيضا الى صندوق احتياطي الأجيال القادمة، بما في ذلك مؤسسة البترول الكويتية، مبينة أنه بدون تشريع جديد، يمكن لصندوق الاحتياطي العام الاقتراض من صندوق احتياطي الأجيال القادمة، كما حدث أثناء الغزو العراقي في 1990-1991، مع أن ذلك ليس خيارا تدرسه الحكومة في هذه المرحلة.
المصدر: الأنباء الكويتية