مقالات وكتاب
تجاربي مع التثقيف الوقفي

وقفة الاثنين مع الوقف
الخواطر الأسبوعية
في الإدارة الرسالية
للمؤسسات الوقفية
تجاربي مع التثقيف الوقفي
لا يمكن إتقانُ العمل ولا استمراره، فضلًا عن تجويده وتطويره؛ من دون أن يستمد ويراجع ويتذكّر: رسالته وأهدافه وقِيَمه وروحه باستمرار، فالالتفات الدائم والمتجدد إلى الأهداف هو الذي يولّد الدافعية التي تحسّن الأداء، كما تعلِّمنا العلوم التربوية.
تلك هي القناعة التي تكوّنت لديّ على مرّ السنين والتجارب، حتى ترسخت وصارت مبدأً من مبادئ الحياة في تصوُّري. وقد ولجتُ ميدانَ العمل الوقفي قبل تكليفي أمينًا عامًّا للأوقاف في دولة الكويت حاملًا تلك القناعة، راغبًا في تفعيلها والاستفادة منها ، حيث اعددت وقدمت عدة برامج إذاعية تتمحور حول الوقف والأوقاف فصلتها في الخاطرة التالية ( 4 / 3 ) .
لقد كنت أؤمن بأهمية التوعية الوقفية والتثقيف الوقفي في المجتمع الكويتي؛ لأن الوقف مهما كان كبيرًا أو مثمرًا فإنه محدود، ومن ثَمّ فإنه بحاجة إلى التطوير والإنماء، وليس هناك سبيل إلى ذلك الإنماء، بعد الوعي الذاتي والرغبات الطيبة؛ إلا التثقيف الوقفي وبثّ رسالة الوقف في المجتمع؛ لأن ذلك يولّد البيئة المناسبة لدعم الوقف وازدهاره في المجتمع، الذي هو الحاضنة الطبيعية للوقف الإسلامي، إنشاءً واستفادةً. فالوقف محتاج في وجوده واستمراره إلى التوعية والتثقيف بأهدافه، وأنواعه، وكيفية إدارته، ومصارفه، ومجابهة ما يستجدّ من إشكالات أو نوازل تتعلق به، وذلك كله مجال أصيل للتثقيف الوقفي.
ومن هذا المنطلَق اجتهدتُ خلال فترة تكليفي بالأمانة العامة للأوقاف في الاهتمام بالإصدارات الوقفية العلمية والدعوية وتكثيرها وتطويرها، ولأجل ذلك استحدثتُ منصبًا جديدًا لأول مرة في تاريخ الأمانة العامة للأوقاف، وربما في المؤسسات المناظرة، وهو: (مستشار التثقيف الوقفي في مكتب الأمين العام)، بحيث يتبع الأمين العام للأوقاف بشكل مباشر، ويتعاون مع الإدارات المعنية بالإصدارات، وعلى رأسها إدارتان: إدارة الإعلام والتنمية الوقفية، وإدارة الدراسات والعلاقات الخارجية. وكان من حسن الطالع أن يوافق حسنُ فكرة المنصب حسنَ اختيار الشخص المناسب له، فكان تعيين د. عيسى القدّومي، وهو باحث متخصص في الدراسات والاهتمامات الوقفية؛ اختيارًا موفَّقًا لشخص قضى معظمَ حياته مع الوقف حتى صار مبدعًا في مجاله؛ فإن ” التخصص يقود إلى الإبداع ” كما هي القاعدة التي أؤمن بها وأرددها في مثل هذه المواضع .
وقد أثمر هذا التكليف بذلك المنصب وهذه الاستعانة بالمستشار؛ أعمالًا عديدة عادت بالإثراء على مجال التثقيف الوقفي: منها أربعة إصدارات مستقلة، وبعض الإصدارات المشتركة، منها كتاب: ” التربية الوقفية “، وقد كنتُ رئيسَ فريق العمل فيه ومعي أربعة من الباحثين، هو أبرزهم من الناحية البحثية في علوم الوقف بلا مجاملة.
وذلك فضلًا عن تبنّي كثير من إصدارات الأمانة، فتضاعفت – بالأرقام – إصدارات الأمانة العامة للأوقاف في الفترة التي شغلتُ فيها منصبَ الأمين العام، حتّى كنتُ أشجّع الإدارات المعنيّة بالتثقيف الوقفي؛ على تكثيف العمل، ومجاوزة الهدف المطلوب، فعلى سبيل المثال كان المستهدف للإدارة أربعةَ إصدارات في السنة؛ فقد كنت أحثُّهم – بالتعاون مع الأخ الفاضل منصور خالد الصقعبي مدير إدارة الدراسات والعلاقات الخارجية– على المزيد من الجهد، حتى تصدر ثمانية إصدارات في العام، وبالفعل أصدرت الإدارة ثمانية إصدارات بحمد الله وتوفيقه دون الإخلال بالجودة ، بل مع التميز في الإصدار ولله الحمد، في الوقت الذي كانت فيه الخطة المقترحة سلفاً لا تتجاوز أربعة إصدارات .
كذلك لا يفوتني هاهنا في مجال استعراض تلك الجهود المتواضعة لأجل إثراء التثقيف الوقفي أن أذكر “مجلة أوقاف”، والتي بعد أن كانت تصدر بالعربية فقط؛ صار لها نسخة مترجمة إلى الإنجليزية والفرنسة – قد شاركني في التشجيع على ذلك تعاون الأخ منصور الصقعبي ومبادرته الكريمة أيضًا ، ولا شك أن ذلك يعود بالإثراء على تلك المجلة، ويوسّع دائرة المخاطبين بها، بما فيها من أخبار الأمانة وأنشطتها وإنجازاتها، بالإضافة إلى البحوث والمقالات العلمية والتوعوية الوقفية الرصينة التي ترفع مستوى الثقافة العامة حول الوقف، فضلًا عن تلبية حاجات المتخصصين فيه.
وجدير بالذكر أن أشير أنني سأرجع بالذكر على أهم إصدارات الأمانة العامة للأوقاف، وبخاصة كتاب (التربية الوقفية)، في الفترة التي شغلت فيها منصب الأمين العام؛ في خاطرة قادمة، ولذلك اكتفيتُ هاهنا بذكر الملمح العام المتعلق بهدف هذا الجهد وأبرز إنجازاته.
د. عبدالمحسن الجارالله الخرافي