مقالات وكتاب

دستور يحتاج إلى دستور

بقلم: داهم القحطاني

مرة سابعة وثامنة وتاسعة وإلى ما يشاء الله، نذكر الجميع بأن الأزمات السياسية، التي تمر بها الكويت، هي مجرد أعراض خطيرة لمرض عضال لا يزال يتمدد، والذي يتمثل في عدم قدرة نصوص الدستور الحالي على تقديم الحلول لقضايا الكويت العالقة، والتي تتزايد تعقيدا في ظل ظروف ومتغيرات وأحوال وظروف تختلف بصورة كبيرة عن مثيلاتها التي انتجت نصوص الدستور الحالي.

لماذا نخاف من تعديل الدستور حتى وإن كان ذلك في المواضيع التي لا تشهد خلافات واسعة حولها كزيادة عدد الوزراء؟ لماذا لا نقدم على هذا التغيير البسيط والمتفق عليه بشكل واسع لنكسر بذلك عقدة الخوف من المساس بنصوص الدستور، وهي العقدة التي وللأسف تحولت من وسيلة لحماية الدستور في مرحلة معينة، إلى سم بطيء يتسبب بشلل الدستور.

السؤال يبرز هنا: كيف تتم عملية تعديل الدستور؟

طالما كانت النوايا حسنة، وتستهدف المصلحة العليا للبلد فيمكن القيام بتعديل الدستور بطرق عدة تضمن تعديله إلى ما هو أفضل.

وفي هذا الصدد أطرح هذا المقترح للتداول.

التعديل الدستوري يتطلب قيام سمو الأمير بإنشاء لجنة موسعة تضم أصحاب الرأي السياسي، وأكاديميين متخصصين في علوم عدة ممن كان لهم دور، وتاريخ في العمل العام إضافة إلى مجاميع شبابية نشطة في مجال العمل العام.

تقوم هذه اللجنة الموسعة بإجراء حوارات مغلقة تدعى لها شخصيات مختلفة حول الشكل الأنسب للتعديلات الدستورية، والأسس التي يفترض أن تقوم عليها هذه التعديلات.

وبعد مدة كافية لا أتوقع أن تقل عن ستة أشهر تصل اللجنة الموسعة إلى تصور واضح لماهية الأسس التي تقوم عليها التعديلات الدستورية.

ثم تقوم هذه اللجنة الموسعة بانشاء فرق عمل تتوزع حسب نوعية المواضيع، ويقوم كل فريق عمل بوضع خطة لدراسة النصوص الدستورية الحالية ومدى قدرتها على معالجة الاشكالات التي تفرضها الظروف السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، والتعليمية، والصحية الحالية، والمستقبلية التي يفرضها الوضع الراهن.

بعد ذلك يقدم كل فريق المقترحات اللازمة لتتضمن إما الحفاظ على نصوص دستورية، أو تطوير نصوص أخرى، أو إلغاء نصوص محددة، أو كتابة نصوص دستورية جديدة.

أو يمكن للجنة الموسعة كتابة مسودة لدستور جديد. ويمكن كذلك التوصل لمشاريع عدة متوازية.

عند التوصل إلى مسودة التعديلات الدستورية يتم عرضها للنقاش العام عبر منصات النشر، والرأي، والأخبار بهدف تلقي الانتقادات، والتعديلات، واقتراحات التطوير.

ثم تقوم اللجنة الموسعة بتعديل مسودة التعديلات الدستورية إن وردت مقترحات جوهرية.

عمل اللجنة الموسعة المتعلقة بالتعديلات الدستورية لا يقوم على التصويت لحسم الاختلاف في الآراء إنما يتم وضع الآراء المختلف حولها لتكون تحت نظر الرأي العام، وتحت نظر رئيس الدولة لاحقا.

بعد انتهاء أعمال اللجنة الموسعة يتم إرسال المسودة النهائية لرئيس الدولة لابداء الرأي.

وفي حال الموافقة على المسودة يتبنى رئيس الدولة تقديم المسودة وفق الاجراءات الدستورية.

أما في حال قرر رئيس الدولة القيام بتعديلات على المسودة فيتم ذلك، على أن تعرض التعديلات على اللجنة الموسعة لإبداء الرأي، ثم تعاد المسودة لرئيس الدولة مرة أخرى للنظر وإبداء رأي نهائي.

وفي حال لم يقم رئيس الدولة بالموافقة على بعض تعديلات اللجنة الموسعة يمكن نقاش ذلك ضمن الإطار الدستوري وعبر أعضاء مجلس الأمة.

كما يمكن للجنة الموسعة أن تتقدم في الوقت نفسه بمسودة التعديلات لأعضاء مجلس الأمة لإبداء الرأي، ومراجعة المسودة لإضافة أي تعديلات أخرى.

هذا مجرد تصور يمكن التعديل عليه، ولكن من المهم جدا أن ندرك أن تعديل الدستور بنية صادقة أصبح قضية تتعلق بأمن واستقرار وتطور الكويت، ولا بد من البدء بها قبل فوات الأوان.

إغلاق
إغلاق