أخبار رسمية

الفريق أول ركن متقاعد محمد الخضر: سياسة الكويت دفاعية وليست عدائية

الخدمة العسكرية شرف لا يضاهيه شرف، فالدفاع عن الوطن من أسمى المهام التي قد يتصدى لها الإنسان لاسيما الجندي المرابط الذي يضع أرض بلاده نصب عينيه وسلامة أهله في قلبه. رئيس أركان الجيش الكويتي سابقاً الفريق أول ركن متقاعد محمد الخضر واحد من أبرز الشخصيات التي يمكن أن تلقي الضوء وتضع النقاط على الحروف في هذا المضمار. التقته ليتكلم عن مشواره في الخدمة العسكرية وتدرجه منذ التحاقه بلواء المغاوير حتى وصل إلى رئاسة أركان الجيش الكويتي. يتطرق الخضر في هذا اللقاء أيضا إلى ما تعلمه من المغفور له بإذن الله تعالى سمو الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد، وسياسة الكويت الدفاعية وعلى أي شيء تقوم، كما يذكر جهود تطوير الجيش في شتى المجالات والأسلحة وكيف أثرت الصراعات والحروب في المنطقة منذ 40 عاما على دولها، وكذا ذكرياته الصعبة مع الغزو العراقي للكويت عام 1990. كما يتناول الفريق أول ركن متقاعد محمد الخضر جهود الجيش الكويتي في دعم الجهات الحكومية المختلفة المختصة في مواجهة الأزمات مثل مكافحة انتشار كورونا ومن قبلها التعامل مع أزمة الأمطار وتداعياتها. وفيما يلي تفاصيل اللقاء:

هل من كلمة تقولها في بداية اللقاء؟

٭ في البداية، أتقدم إلى الشعب الكويتي بخالص العزاء وصادق المواساة بوفاة فقيدها وفقيد الأمة العربية والإسلامية المغفور له بإذن الله تعالى سمو الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد، رحمه الله، سائلا الله تعالى أن يتغمده بواسع رحمته وعظيم غفرانه ويسكنه فسيح جناته، وقد كان سموه قائد ومهندس الإستراتيجية والديبلوماسية الكويتية وأسطورة في العمل السياسي، حيث كانت رؤيته ان تكون الكويت كوسيط حيادي في سياسة الدولة الخارجية، كانت سياسته متزنة وفي عهده أصبحت الكويت مركزا للعمل الإنساني وبذلك لقّب بقائد العمل الإنساني.

ونسأل الله أن يعين سيدي صاحب السمو الأمير الشيخ نواف الأحمد، حفظه الله على حمل الأمانة والمسؤولية، الذي هو أهل لها بإذن الله، حيث يتصف سموه بالتواضع والحكمة والدقة في اتخاذ القرار والقدرة على مواجهة المحن والمصاعب ومعالجتها من خلال رؤيته الواضحة وخبرته الواسعة في الحياة السياسية، كون سموه شغل في السابق منصبي وزير الدفاع ووزير الداخلية، وأيضا من الخبرة التي اكتسبها من الأجداد والآباء الذين صانوا الاستقلال وحصنوا الدستور، خاصة من أخيه الراحل أمير الإنسانية سمو الشيخ صباح الأحمد، رحمه الله، حيث كان العضيد والسند والذراع اليمنى له. أسأل الله أن يديم نعمة الأمن والأمان والتطور والرقي على وطننا الحبيب في ظل القيادة الحكيمة لسموه وسمو ولي عهده الأمين حفظهما الله ورعاهما، للدأب على إعلاء شأن الكويت وتطورها ورفعتها لتكون في مصاف دول العالم المتقدمة والمتطورة في جميع المجالات.

حدثنا عن دور سمو الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد، رحمه الله، وما مدى اعتماده على الجيش الكويتي في تحقيق أمن البلاد وتأمين حدودها الخارجية، وحجم المسؤولية التي شعرتم بها وحملتموها على عاتقكم.

٭ تشرفت خلال 42 عاما منذ تأديتي القسم وانضمامي إلى صفوف الجيش الكويتي الباسل وحتى تكليفي بفخر واعتزاز بمهام رئيس الأركان العامة للجيش الكويتي من قبل سمو الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد، رحمه الله، خلال الأعوام الماضية لخدمة وطني وقيادة الجيش الكويتي، عملت جاهدا لأن أكون على قدر الثقة المتجددة التي وضعها سموه، رحمه الله، على عاتقي خلال تأديتي للواجبات المناطة لي، والتي سعيت إلى تأديتها بكل أمانة ومسؤولية أمام الله والوطن وأمام سموه لتحقيق الأمن والأمان وحماية حدود الكويت بكل ما أوتيت من قوة وخبرة في مجال العمل العسكري في ظل ما تعيشه المنطقة من عدم استقرار، حيث كان يردد، رحمه الله، في كل مرة ألتقي به «الكويت أمانة برقبتك»، ويذكرني بحجم المسؤولية التي حملني إياها ليجعلني أكثر إصرارا على صيانة هذه الأمانة العظيمة.

وكانت الحكمة والاعتدال والتواضع والتسامح وسرعة البديهة من صفات سموه، ولديه القدرة على استشراف المستقبل وكذلك الاهتمام المتواصل بالجيش الكويتي، وان ما تتمتع به الكويت من أمن راسخ واستقرار دائم هو من الصفات القيادية الحكيمة التي كان يتميز بها سموه، رحمه الله، وانه كان شرفا لي العمل تحت قيادته، إذ تعلمت منه الحلم والحكمة في اتخاذ القرارات والانفتاح على العالم والتواضع في التعامل مع الآخرين، بالإضافة الى القدرة على استشراف الأزمات وإدارتها ومواجهة مصدرها وتقييم نتائجها مع تقديم الحل الأمثل لها، وللعسكريين يعتبر ـ رحمه الله ـ قائدا استراتيجيا من الطراز الاول.

سعادة الفريق أول متقاعد، لقد بدأت خدمتك العسكرية في لواء المغاوير تدريجيا حتى أصبحت آمرا للواء المغاوير، وعادة تكون البدايات ذات تأثير في ذاكرة العسكرية، كيف ساهم ذلك في بناء قدراتك الذاتية كضابط؟

٭ عادة ما تبقى بدايات الخدمة العسكرية في ذاكرة الإنسان العسكري، وتتبادر إلى ذاكرته بصورة متكررة من حين إلى آخر، حيث إنها تشكل تحولا كبيرا من أسلوب الحياة المدنية التي اعتاد عليها إلى الحياة العسكرية التي تتسم بالالتزام والانضباط بالتوقيتات والتقيد ببرامج محددة بقصد صقل الإنسان العسكري كي تتناسب مع أسلوب حياته الجديدة خلال أداء مهامه، كما قال الله تعالى في كتابه الحكيم (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل)، ثم التحقت بعدها بالخدمة العسكرية، وذلك بعد أن شعرت بدافع أنني أميل إلى الانضمام إلى الخدمة العسكرية بعد الأحداث التي شهدتها فترة السبعينيات، وبالأخص أزمة الصامتة عام 1973.

لقد بدأت حياتي العسكرية عند التحاقي بالكلية العسكرية (كلية علي الصباح العسكرية) بتاريخ 15/9/1975، وتخرجت في عام 1977 برتبة ملازم، ثم التحقت بالكتيبة/5 باللواء/6، ثم انتقلت إلى مدرسة تدريب الأغرار (جناح المشاة)، ومن ثم التحقت بدورة المغاوير رقم 4 وحصلت على المركز الأول، وتم تثبيتي بالمغاوير كآمر فصيل، ثم مدربا بجناح تدريب المغاوير، حيث تلقيت تدريباتي وتأهيلي لأصبح ضابطا مستعدا لأقوم بواجباتي كضابط مغوار، ومن المتعارف عليه أن منتسبي المغاوير يتمتعون بلياقة بدنية عالية ومهارات استثنائية في الرماية والقيادة ويرجع الفضل إلى المدربين الذي قاموا بالإشراف على تدريباتي لأصل إلى ما اكتسبته من قدرة وصبر وتحمل والعمل المتواصل، إذ كانت خدمتي بالمغاوير تقارب 32 عاما.

سعادة الفريق أول متقاعد، لقد تسلمت مناصب متدرجة في الجيش الكويتي منها قائد للقوة البرية ثم نائب للرئيس ثم رئيس الأركان العامة للجيش الكويتي، وخلال فترة صعبة إقليميا ودوليا، وهنا لابد من الوقوف عند الاسئلة التالية: ماذا كانت رؤيتك الإستراتيجية لتطوير الجيش الكويتي، ما أولوياتك التي وضعتها لهذا الغرض، وما أهم المصاعب والتحديات التي واجهتك منذ بداية الاستلام كرئيس؟

٭ من المفترض أن يكون تطوير الجيوش بشكل مستمر في جميع المجالات العسكرية منها: العقائد العسكرية، أنظمة التدريب وغيرهما، حيث انه خلال خدمتي العسكرية مررت بمحطات عديدة لتطوير الجيش الكويتي بشكل تدريجي، واكتسبت خلال فترة انضمامي إلى صفوف الجيش الكويتي حتى تسلمت منصب نائب رئيس الأركان العامة للجيش الخبرة من خلال التمارين والتجارب التي خضتها بالتعاون مع الدول الشقيقة والصديقة، وهذا ما ألهمني لأن أوظف هذه الخبرات للاستفادة منها عندما تسلمت مهام رئيس الأركان العامة للجيش الكويتي.

وقد كان علي أن أضع رؤية تقوم على تعزيز قدرات الجيش الكويتي الدفاعية في شتى المجالات والبناء على ما تم إنجازه من الإخوة الذين سبقوني في شرف الخدمة العسكرية، وكان لا بد من تطوير مفاهيم العمليات والتدريب وأنظمة التسليح (برية ـ جوية ـ بحرية) وأنظمة القيادة والسيطرة والاتصالات والقوى البشرية، وكنا نراقب ونتابع التطوير في جيوش العالم وخاصة إقليميا ودوليا وبناء تعاون مشترك مع الأشقاء والأصدقاء وتعزيز روح الانتماء والقيم الوطنية والعسكرية.

ان عمليات التطوير والتخطيط الإستراتيجي وخاصة في ظروف غير مستقرة يرافقها عدد من الصعوبات والتحديات، وفي الأصل عند وضع تلك الخطط يؤخذ بعين الاعتبار العقبات والتحديات التي تواجه تحقيق الخطة، ولهذا يتم وضع أكثر من خطة بديلة للاستمرار في تحقيق الأهداف. ويعلم الجميع أنه على مدى 30 عاما الماضية سادت منطقة الشرق الأوسط حالة عدم استقرار أثرت على خطط التطوير، ومن هذه التحديات: تأخير تنفيذ بعض اتجاهات التطوير بسبب الحرب 1990 وما تبعها من متغيرات، والحصول على بعض أنظمة التسليح اللازمة للجيش وتطوير قدرات القوى البشرية لاستيعاب الأنظمة الجديدة.

منذ تسلمي منصب رئاسة الأركان العامة عام 2014، اثر تقاعد عدد كبير من ضباط الجيش الكويتي ذوي التميز والخبرة عن طريق «نظام الحوافز»، ترك فراغا استغرق وقتا لتأهيل من يقوم بأعمالهم، وهو ما تطلب منا سد الشواغر بالقيادات الشابة المتمكنة التي أثبتت جدارتها، لذلك يجب ألا يحبطنا وجود التحديات والصعوبات بل عكس ذلك يجب أن يكون حافزا للعمل الجاد وعلينا دوما الاستمرار في تجاوزها وان نوجد الحلول المناسبة للاستمرار في التطوير.

سعادة الفريق أول متقاعد، لديك سيرة ذاتية وتأهيل غني وكبير داخل المعاهد الكويتية العسكرية وخارجها في دول شقيقة وصديقة، وشاركت في دورات وتمارين ونشاطات مختلفة في دول عديدة حتى تقاعدك من الخدمة العسكرية، كيف أثرت هذه التجارب والمشاركة مع جيوش أخرى لاحقا في تطوير الجيش الكويتي؟

٭ شكرا على هذا السؤال، الفضل يعود لقيادتنا الحكيمة وللجيش الكويتي الذي يحرص ضمن سياسته الدفاعية على تأهيل منتسبيه وإفساح المجال له للمشاركة والتعاون والتدريب سواء داخل الكويت أو في معاهد الدول الشقيقة والصديقة، وكان لي شرف الانضمام في دورات في الكثير من الدول مثل دول مجلس التعاون، المملكة الأردنية الهاشمية، جمهورية مصر العربية، الولايات المتحدة الأميركية، المملكة المتحدة، فرنسا، روسيا، الصين وإيطاليا، وأيضا شاركت في عدد كبير من النشاطات التدريبية ليتسنى لي الاطلاع على الكثير من الأمور والتجارب التي استفدنا منها في تطوير الجيش الكويتي، مثل دعوة ضباط من تلك الدول للاشتراك بدورات لدينا في كلية علي الصباح العسكرية وكلية مبارك العبدالله للقيادة والأركان وإرسال ضباط إلى أكثر من 20 دولة لتأهيلهم في مجالات ومستويات مختلفة والمشاركة في تمارين كبرى مثل «الأسد المتأهب» في المملكة الأردنية الهاشمية، و«النجم الساطع» في جمهورية مصر العربية، و«لؤلؤة الغرب»، «البيرق» و«حسم العقبان» التي فتحت المجال للجندي والضابط للتعرف على الآخرين وكيف يعملون واكتساب وتبادل الخبرات عدا المشاركة في العمليات الحقيقية إبان تحرير الكويت الذي أعطى وطور قدرات عسكرية متعددة.

سعادة الفريق أول متقاعد، خلال خدمتكم العسكرية عاصرت عددا من الصراعات والحروب في المنطقة على مدى الأربعين سنة الماضية ومنها حروب الخليج:

ـ الحرب العراقية -الإيرانية 1980 ـ 1988.

ـ الغزو العراقي الغاشم للكويت وتحرير الكويت عام 1990 ـ 1991.

ـ حرب تحرير العراق عام 2003.

هل يمكن إلقاء الضوء على ما كان عليه الحال، كيف أثرت تلك الحروب وانعكاساتها على صياغتك واستشراف الرؤية الاستراتيجية للجيش الكويتي لاحقا كضابط ذي كفاءة عالية في خط المواجهة؟

٭ لقد مرت المنطقة في الأربعين سنة الماضية بدءا من العام 1980 بصراعات وحروب كان لها الأثر السلبي على مقدرات تلك الدول وكذلك على التنمية، وخاصة البشرية، وكذلك أيضا كان لثورات الربيع العربي وظهور الجماعة الإرهابية (داعش) تأثير على عدة عوامل منها النفسية (الإنسانية والاجتماعية)، الاقتصادية، والأيديولوجية (الصراعات المذهبية). وإذا تكلمنا عن استشراف الرؤية الإستراتيجية للجيش الكويتي حيث تحظى دولة الكويت وستبقى محط اهتمام إقليمي ودولي بحكم أهمية موقعها الاستراتيجي وإمكاناتها وثرواتها الاقتصادية ما أكسبها ثقلا سياسيا في ظل تلاقي وتضارب المصالح في منطقة الشرق الأوسط، كل هذه الحروب والصراعات كان لها الأثر السلبي على مقدرات تلك الدول واقتصادها وتنميتها وخاصة التنمية البشرية، ومن أهم الأهداف الاستراتيجية العسكرية الحفاظ على سيادة دولة الكويت وحماية مصالحها الحيوية.

من هذا المنطلق، تكون هناك قوات مسلحة مرنة قادره على مجابهة مختلف أنواع التهديدات باحترافية وقدرات عالية جنبا إلى جنب مع عناصر القوى الوطنية الأخرى وبالتعاون مع القوات المسلحة في الدول الشقيقة والصديقة.

توجد هناك ثوابت وأسس مبنية على مرتكزات ومنطلقات أساسية للاستراتيجية العسكرية الوطنية منها التوجيهات السامية من صاحب السمو الأمير القائد الأعلى للقوات المسلحة، وكذلك أيضا قطاع الدفاع المشترك لدول مجلس التعاون الخليجي وكذلك اتفاقية الدفاع العربي المشترك وأيضا اتفاقيات ومذكرات التفاهم في كل مجالات التعاون الدفاعي والعسكري مع مختلف القوات المسلحة في الدول الشقيقة والصديقة، علما أن أولويات القيادة العسكرية خلال المرحلة القادمة تحديث وتطوير الجيش الكويتي للوصول به إلى أعلى درجات الاحتراف والجاهزية والكفاءة في مواجهة التحديات المستقبلية.

تحتل الكويت موقعا إستراتيجيا متميزا في منطقة الخليج العربي، وقد أثَّر وتأثر بمعطيات ذلك ضمن الموقع الإستراتيجي في مراحل متعددة، كيف اثر ذلك في السياسة الدفاعية الكويتية؟

٭ بفضل الله، فقد حظت الكويت بموقع استراتيجي متميز انعكس إيجابيا على الكويت وأهلها عبر العصور منذ ما قبل الميلاد، إذ كانت إحدى محطات الإسكندر المقدوني والآثار القديمة الموجودة في جزيرة فيلكا تدل على ذلك وكاظمة الاسم القديم لهذا البلد الغالي، ظلت ذات أهمية قصوى من حيث الموقع والوضع، فلها حدود بحرية وبرية مع الأشقاء ودخولها على احد أهم المسطحات المائية الخليج العربي ذي الأهمية الاستراتيجية للملاحة الدولية، كل ذلك أعطى الكويت أهمية استراتيجية أثرت إيجابيا على علاقاتها مع دول الإقليم.

وهذا كله انعكس على بناء سياسة دفاعية تقوم على التالي:

1 ـ سياسة دفاعية ليست لها أهداف عدائية ضد أي دولة من دول الجوار أو غيرها تقوم على الاحترام المتبادل وحسن الجوار.

2 ـ التوازن في بناء العلاقات على أساس الاقتداء الثقافي العربي.

فأهل الكويت هم جزء من الأمة العربية باللغة والدين والعادات والتقاليد المتشابهة بين القبائل والعائلات مع كل الأشقاء، وفي الوقت نفسه اكتسب السياسة موقعا مقدرا وعاليا على مستوى العالم مثالا في الوسطية والاعتدال ودعم الإنسانية لأمير الإنسانية، رحمه الله رحمة واسعة، والإيمان بالأمن والسلم العالميين وحل النزاعات بالطرق السلمية في الوقت نفسه، هذا الموقع فرض علينا أن نبني جيشا محترفا، قوات برية وجوية وبحرية، قادرة على صد أي عدوان عن أرضنا وأهلنا وسيادتنا وأن تكون ضمن منظومة دفاع إقليمية مع الأشقاء والأصدقاء ونبني علاقات طيبة وإستراتيجية مع الأشقاء العرب والدول الصديقة لحماية مكتسباتنا وأهلنا وتراب وطننا.

يقودنا السؤال الخامس إلى تأسيس دول مجلس التعاون الخليجي العربي وتأسيس قوة درع الجزيرة (الذي عاصرت تأسيسها)، كيف ترى دور هذه القوه في منظومة الأمن والدفاع الخليجي، ومدى مساهمة الجيش الكويتي في هذه القوة؟

٭ تتعاون الكويت دائما على المستوى العسكري مع العديد من الشركاء والحلفاء بقصد تأمين وتحقيق الأمن والأمان ومواجهة الإرهاب بأنواعه ومن أهمها على المستوى الإقليمي القيادة الموحدة (قوات درع الجزيرة)، التي تم إنشاؤها كاملة لتحقيق هدف دول مجلس التعاون الخليجي لحفظ أمن المنطقة وحدودها الخارجية من التهديدات المختلفة على أصعدة كثيرة، بالإضافة إلى التدريبات والتمارين المشتركة والتي يحرص الجيش الكويتي على المشاركة بها بشكل مستمر وأن يكون جزءا منها، حيث إن التمارين المشتركة تؤدي إلى اكتساب ومشاركة العديد من الخبرات والمهارات من دول مجلس التعاون الخليجي المنتسبة إلى قوات درع الجزيرة، بالإضافة إلى أن هذه التمارين ترفع روح المعنوية وتؤدي إلى زيادة الثقة في منتسبي القوات المسلحة وزيادة التفاهم والتنسيق أثناء العمليات المشتركة على أرض الواقع، بالإضافة إلى وجود العديد من الدورات وبرامج تبادل الخبرات المختلفة، لذلك يحرص الجيش الكويتي على المشاركة ضمن قوات درع الجزيرة في مختلف القطاعات سواء كانت على صعيد العمليات التي تهدف إلى تحقيق الأمن في منطقة الخليج العربي أو على صعيد الدورات التدريبية والتمارين المشتركة، وهذا إن دل فإنه يدل على مدى أهميتها.

تتركز مهمة الجيش الكويتي في مهمة الدفاع وتقديم الإسناد في الأمن بمفهومه الشامل في دعم أجهزة الدولة الكويتية الأمنية والمدنية، هل يمكن إلقاء الضوء على الدور الاستراتيجي للجيش تجاه مؤسسات الدولة وخلال الأزمات والكوارث وتجاه أهل الكويت، كيف يمكن تطوير سبل التعاون والتنسيق وكيف تم تطورها لخلق جهد مشترك قادر على مواجهة الأزمات وتقليل آثارها وحماية الوطن وأهله؟

٭ بالتأكيد، مساندة الجهود الحكومية في دولة الكويت لمواجهة الأزمات والكوارث المختلفة هي واحدة من الواجبات المهمة التي يقوم بها الجيش الكويتي، وذلك عن طريق التعاون وتقديم جميع أنواع الدعم الممكنة ومد يد العون لجميع الجهات الحكومية في مختلف المجالات سواء إن كانت متعلقة بالخدمات الأمنية بالتعاون مع وزارة الداخلية والحرس الوطني، أو خدمات صحية بالتعاون مع وزارة الصحة، أو لوجستية مثل رحلات الإجلاء والمواد الطبية، وغيرها من المجالات التي يمكن للجيش الكويتي تقديمها لتحقيق الأمن وتوفير احتياجات دولة الكويت في مختلف المجالات.

ولنا في أزمة انتشار وباء كورونا المستجد (كوفيد ـ 19) خير مثال على الدعم الذي يقدمه الجيش الكويتي من خلال تشكيل قوة الواجب (سند) للجهات المختصة بمكافحة انتشاره في مجالات عديدة، مثل المشاركة برحلات الإجلاء ونقل المعدات والمواد الطبية إلى الكويت، وتأمين المناطق الموبوءة والمحاجر الطبية، وتوفير كوادر طبية من مستشفى الشيخ جابر الأحمد للقوات المسلحة لمساندة إخوانهم في وزارة الصحة، بالإضافة إلى مهمة تعقيم المواقع الحكومية الحيوية. ولا ننسى كذلك خلال فترة ليست بعيدة، قوة الواجب (غيث) التي تم تشكيلها لمساندة الجهات الأمنية في الكويت بالإضافة إلى قوة الإطفاء، وذلك لتجاوز أزمة الأمطار التي مرت على البلاد والتي أدت إلى انجراف سيول من مياه الأمطار إلى الطرق العامة والتي أدت بدورها إلى تعطيل هذه الطرق وإتلاف الممتلكات وعرضت حياة البعض إلى الخطر، حيث انه دور قوة الواجب (غيث) كان من خلال المشاركة في إنقاذ الأرواح والممتلكات.

حرصت القيادة السياسية على متابعة وتقديم الدعم للجيش في مجالات عديدة، هل يمكن إلقاء الضوء على ذلك الدعم من قبل القيادة السياسية؟

٭ إن القيادة السياسية متمثلة بسيدي صاحب السمو الأمير القائد الأعلى للقوات المسلحة وسمو ولي عهده الأمين تحرص دائما على تقديم الدعم للمؤسسة العسكرية المتمثلة بالجيش الكويتي في العديد من المجالات لمواكبة التطورات وخطة البلاد للتنمية من خلال تعزيز وتحديث أنظمة الدفاع والأمن السيبراني والتكنولوجيا التي من الممكن اعتبارها من أهم الجوانب التي تسعى دول العالم أجمع إلى العمل على تأمينها لمواجهة التهديدات الإرهابية، والمساعدة على تسهيل إجراءات استقطاب شباب الكويت مع مؤسسات الدولة من خلال الاستثمار بإمكاناتهم وطاقاتهم في المجال العسكري وتطويرها بهدف إعداد جيل له إلمام ووعي كاف أغلب المجالات العلمية التي بالتأكيد سوف تعود على الجيش الكويتي ودولة الكويت بالفائدة الكبيرة إذا ما تم استغلالها وتوظيفها التوظيف الصحيح في العمل العسكري.

سعادة الفريق أول متقاعد، خلال قيادتكم للجيش الكويتي وبجهد مشترك مع قيادات الجيش بصنوفه المختلفة التي واكبت التطوير، ما أهم محطات التطوير التي تمت لمواجهة تحديات المستقبل من خلال بناء السياسة الدفاعية والإستراتيجية الوطنية العسكرية ومفاهيم التدريب وتأهيل القوى البشرية التي أثرت في مجالات العمليات وغيرها؟ وما معالم تطوير القدرات الدفاعية بشكل عام؟ وكيف ترى اتجاهات وتحديات المستقبل؟ وما سبل التطوير التي ترى انه لابد ان نسير بها لتطوير قدراتنا الدفاعية والتعاون مع الأشقاء؟

٭ فيما يتعلق بأهم محطات التطوير في الجيش الكويتي خلال السنوات الماضية، لا بد أن أذكر ما يلي: الشكر والعرفان لكل من سبقنا في شرف الخدمة، والشكر الموصول لجميع الإخوة (جميع رتب الجيش) على إنجازاتهم، فنحن قمنا بالاستمرار فيما ما بدأه من سبقنا وبشكل تراكمي وأخذ ذلك التطوير اتجاهات مختلفة وبما يتناسب مع متطلبات الدفاع.

فقد طور الجيش الكويتي وثائق أساسية مثل الاستراتيجية الوطنية العسكرية التي تترجم المنهج لتدريب الجيش وصنوفه المختلفة وتم تطوير منظومة القوى البشرية، أنظمة التسليح ومفاهيم التدريب، وتطوير القوة الجوية مثل شراء الطائرات المقاتلة والهيليكوبتر ومنظومة القيادة والسيطرة والاتصالات، بالإضافة الى مشاريع القوة البرية حيث يتم اختيار احدث المعدات بما يتوافق مع التكنولوجيا الحديثة، وأيضا القوة البحرية سيتم تجهيزها بمعدات متطورة لمواكبة المتطلبات الاستراتيجية للقوة البحرية والعسكرية الكويتية، انتهاء بتطوير المنظومة اللوجستية ومجالات التعاون مع جيوش دول مجلس «التعاون» والدول العربية والدول الصديقة.

بعد قضاء حوالي ست سنوات كرئيس هيئة الأركان العامة في فترات زمنية لم تنعم المنطقة خلالها بالهدوء والاستقرار والذي انعكس بدوره على الكويت والجيش الكويتي، ما أهم وأصعب المحطات التي واجهتكم؟ وما أوجه التكيف الإستراتيجي التي كان عليكم القيام بها في تلك الظروف؟

٭ان العمل في هذا المستوى شرف كبير وفي هذا المنصب وفي ظل الظروف التي جرت ولا تزال تلقي بظلالها لا بد أن هناك تحديات وصعوبات كبيرة واجهتني كما هو الحال لجميع مواقع المسؤولية لا شك أن من أصعب الذكريات التي مرت بحياتي أثناء الخدمة هو الغزو العراقي للكويت في 2/8/1990 فقد كنت ضابطا اخدم في لواء المغاوير وكانت الظروف صعبة، ولكن بفضل الله مرت تلك الظروف.

ولكن أحتاج إلى وضع البدائل دائما فتوافر القوى البشرية والتحاق أبناء الكويت بالمؤسسة العسكرية وتنمية روح التنافس والالتحاق بالخدمة لهو شرف عظيم دفاعا عن الوطن والأهل.

كما أن توافر التسليح الحديث والمتطور في الوقت المناسب أيضا أحد التحديات لأنه مرتبط بشكل عام بالظروف السائدة وطبيعة التحديات والتهديدات وتطورها يفرض أسلوبا مغايرا في التدريب وأنظمة التسليح وذلك للتمكن من التحول من الحرب التقليدية إلى أنماط العمليات غير التقليدية والتي أصبحت عامل تهديد أساسيا في وقتنا هذا. وكان لا بد أن نعمل بطريقة منسجمة وتتماشى مع التطور في العالم والإقليم وعززنا قدرات مكافحة الإرهاب والتركيز على التكنولوجيا وتطوير أنظمة التعليم والتدريب وزيادة المشاركة مع الأشقاء والأصدقاء، وتعزيز التعاون مع مؤسسات الدولة الكويتية والعمل المشترك بيننا.

ولا أنسى ان اذكر التعاون المتميز والمشترك بين الجيش الكويتي ووزارة الداخلية والحرس الوطني وقوة الإطفاء خلال السنوات الخمس الماضية والذي وصل الى ذروته من خلال التفاهم والانسجام بين القادة ومعرفة المهام والواجبات بين تلك الجهات والعمل الجماعي الراسخ في جميع الظروف، وكان الدعم اللامحدود من سمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الصباح، حفظه الله ورعاه، عندما كان نائب رئيس الحرس الوطني، إذ أدرك أهمية التقارب بين تلك المؤسسات وتلمس احتياجاتهم علما بأنه ضابط سابق واصل مسيرته على امن واستقرار دولة الكويت. ويتميز سموه بالشخصية القوية والمؤثرة وصاحب عزيمة ورؤية في الدفاع عن المصالح العليا، وكان له الدور الأكبر في تعزيز التعاون بين المؤسسات العسكرية الأربع وهو على دراية كاملة بالتحديات التي تواجه دولة الكويت.

سعادة الرئيس، انت ضابط تدرج في الخدمة العسكرية من بداية حياتك وحتى الآن (أطال الله في عمرك) خدمت خلالها مع الجنود والضباط في مواقع عديدة وسرتم معا مسيرات كثيرة في التدريب والعمليات وشاركت زملاءك من الضباط والأفراد وإخوانكم في كل نشاطاتكم في الكويت الغالية وخارجها، ماذا تحب ان تقول للإخوة الزملاء رفاق السلاح؟ وماذا تريد أن تقول لأهلنا في الكويت؟

٭ رسالتي إلى اخواني وزملائي وعزوتي في الجيش الكويتي وجميع أجهزة الدولة الأمنية والعسكرية والأجهزة المدنية، قبل كل شيء نسأل الله سبحانه أن يرحم شهداءنا الأبرار الذين ضحوا بأرواحهم من أجل الوطن وأهله والذين سطروا التضحية بأحسن صورها، ونقول لذويهم وعائلاتهم يحق لنا ولكم أن نفخر بشهدائنا، وهنا الشكر الموصول لإخواني وقادتي الذين تعلمت منهم في حياتي العسكرية وكنت على اتصال دائم معهم حيث استفدت من المشورة والخبرة التي يتمتعون بها ولن أنسى ما حييت دعمهم لي خلال مراحل خدمتي المختلفة في رئاسة الأركان العامة للجيش، وأيضا جميع الضباط وضباط الصف والأفراد الذين يواصلون العمل ليلا ونهارا للدفاع عن الكويت الغالية، وأقول لهم حماكم الله وقواكم وأعانكم على حمل المسؤولية، والشكر والعرفان لقيادتنا الحكيمة المتمثلة بقيادة سيدي حضرة صاحب السمو الأمير القائد الأعلى للقوات المسلحة وسمو ولي عهده الأمين التي لم تدخر جهدا في دعم الجيش والعناية بأبنائه. إن شرف الخدمة في الجيش والمؤسسات الأمنية شرف لا يضاهيه شيء وإن أبناءنا هم عدتنا وعتادنا وأن في التحاقهم في الجيش هو تعبير عن الانتماء والولاء وحب الفداء ودفاع عن الأرض والعرض وسيادة بلدنا واستقلاله من جميع الأخطار والتحديات. في الختام، أتقدم بالشكر الجزيل للقيادة العليا على كل ما لمسته من تكريم وتقدير طوال مدة خدمتي كرئيس للأركان العامة للجيش والمنتهية بتكريمي من خلال منحي رتبة «فريق أول» بناء على طلب الإحالة للتقاعد الذي تقدمت به قبل بلوغي للسن القانونية بأيام، الأمر الذي ترتب عليه منحي الرتبة التي تلي رتبتي وفقا للمادة 103 من القانون رقم 32/67 في شأن الجيش، إذ أصدر وزير الخارجية ووزير الدفاع بالإنابة القرار الوزاري رقم 297 لسنة 2020 بتاريخ 27/9/2020 بإحالتي إلى التقاعد مع منحي الرتبة التي تلي رتبتي وذلك بناء على طلبي وقبل بلوغي السن القانونية المقررة لانتهاء الخدمة في هذه الحالة، حيث بلغت من العمر 65 عاما بتاريخ 4/10/2020، وبذلك أكون قد استنفدت المدة المقررة لتمديد الخدمة ولا مجال للتمديد بعد هذا العمر من الناحية القانونية، ولكنني سأبقى دائما وأبدا جنديا مخلصا لبلدي وأهلي في الكويت وقيادته النبيلة الحكيمة، داعيا الله العلي القدير أن يديم على بلدنا الأمن والاستقرار ودوام التقدم والازدهار إنه سميع مجيب.

 

 الفريق أول ركن متقاعد محمد خالد الخضر

وصف الصورة

1 ـ ولد الفريق أول ركن متقاعد محمد خالد الخضر في الكويت بشهر أكتوبر عام 1955، والتحق بكلية علي الصباح العسكرية في سبتمبر عام 1975 وتخرج فيها بتاريخ 15/11/1977، وبعد ذلك تم تعيينه بكتيبة المشاة (2) باللواء السادس، ثم انتقل إلى مدرسة الأغرار وشغل منصب مدرب بجناح المشاة.

2 ـ التحق في العام 1979 بدورة المغاوير التأسيسية، وحصل على المركز الأول وعين آمر فصيل مغاوير، ثم مساعد آمر سرية مغاوير، وبعدها انتقل إلى جناح التدريب آمر القسم المتقدم ثم آمر جناح المغاوير.

3 ـ عمل في القيادة الأمامية بقوة المغاوير خلال الحرب الايرانية ـ العراقية (1980 ـ 1988).

4 ـ في عام 1990 خلال الغزو العراقي الغاشم على الكويت شغل منصب ركن 1 عمليات وتدريب في قوة المغاوير، وأسر لمدة 7 أشهر.

5 ـ في عام 1991 شغل منصب ركن 1 عمليات وتدريب، وفي عام 1993 شغل منصب مساعد آمر المغاوير.

6 ـ في عام 1998 انتقل إلى كلية علي الصباح العسكرية وشغل منصب رئيس فرع التدريب واستمر بالعمل لمدة 3 سنوات.

7 ـ في عام 2001 اصبح تنظيم المغاوير لواء وبعدها انتقل إلى لواء المغاوير وشغل منصب مساعد آمر لواء المغاوير/25.

8 ـ في عام 2003 خلال حرب تحرير العراق، شغل منصب آمر لواء المغاوير/25 بالوكالة، وفي عام 2009 شغل منصب آمر لواء المغاوير/25.

9 ـ في ابريل عام 2012 تم تعيينه مدير كلية علي الصباح العسكرية.

10 ـ في يناير عام 2014 تم تعيينه آمر القوة البرية.

11 ـ في أبريل عام 2014 تم تعيينه نائب رئيس الأركان العامة للجيش.

12 ـ في 26 أكتوبر 2014 تم تعيينه رئيس الأركان العامة للجيش.

التأهيل العلمي

‌أ ـ ماجستير في العلوم العسكرية ـ جمهورية مصر العربية (1994).

‌ب ـ دبلوم الدراسات العليا في إدارة المواد الوطنية ـ المملكة الأردنية الهاشمية (2004).

‌ج ـ ماجستير في الإدارة والدراسات الإستراتيجية ـ المملكة الأردنية الهاشمية (2006).

المصدر: الأنباء الكويتية

إغلاق
إغلاق