مقالات وكتاب
الديوان الأميري و أرامكو
بقلم: عبدالله العبد المنعم
برز على الساحة المحلية خلال العامين الماضيين تقريبا افتتاح مشاريع تنموية فاعلة ومبدعة للديوان الأميري كمركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي (دار الأوبرا) وحديقة الشهيد ومحاكم الفروانية والجهراء، وفي مقبل الأيام مركز عبدالله السالم الثقافي وحلبة السيارات الدولية وغيرها الكثير، وتشكل هذه المشاريع بلا استثناء إضافة حضارية نوعية متميزة ليس على مستوى الكويت فحسب بل على مستوى الخليج والعالم، من حيث روعة التصميم والتكنولوجيا المستخدمة وفخامة المنشآت وغيرها من اللمسات الإبداعية لتلك المشاريع، حتى قيل : (أفضل المشاريع في دولة الكويت ما يتولاه وينفذه الديوان الأميري). ومن جهة أخرى نرى الوضع مشابها في المملكة العربية السعودية الشقيقة، فشركة أرامكو النفطية تتولى تنفيذ مشاريع تنموية مبدعة لاقت استحسان الشارع السعودي كملعب الجوهرة في جدة ومركز الملك عبدالعزيز في الظهران ومشاريع أخرى كثيرة.
وثمة سؤال يتبادر إلى الذهن : هل الديوان الأميري أصبح بديلا عن الحكومة؟!! أو لنطرحه بأسلوب أوضح: هل أصبح الديوان الأميري يشيد المرافق العامة للدولة بدلا عن الحكومة؟!! .. حتى نجيب عن هذا السؤال بموضوعية ودقة بعيدا عن الهالة الاجتماعية والعقل الجمعي لتفكير الناس والكلام المتداول، كي ننظر إلى الأمر بروية وتجرد بعيدا عن العواطف. فإن أغلب مشاريع الديوان الأميري هي مشاريع ثقافية سياحية مكملة وليست بديلة لمشاريع الحكومة، بل هي توجه لتنفيذ مشاريع وأفكار تعكس رؤى ورغبات سامية، وبالنظر إلى الكم تعتبر مشاريع قليلة جدا مقارنة بحجم مشاريع الدولة الحكومية، فالديوان الأميري لم يقم بتشييد جامعات أو مدارس أو جسور أو طرق أو مطارات أو موانئ أو غيرها من مشاريع البنى التحتية حتى نقول أنه أصبح بديلا عن الحكومة.إن الدور الذي يقوم به الديوان الأميري ما هو إلا دور رديف ومعين للحكومة وينبغي لمؤسسات أخرى في الدولة مشاركته هذا الدور الفعال من تمويل وتنفيذ مشاريع التنمية كمؤسسات القطاع النفطي ممثلة بشركة نفط الكويت (KOC) والقطاع المصرفي والمالي ممثلا بالبنوك في المسؤولية الاجتماعية والقطاع الثالث ممثلا بالمؤسسات المالية اللاربحية كالأمانة العامة للأوقاف ونحو ذلك.
ولا يخفى على القارئ ما تمر به دول الخليج من أزمة اقتصادية متمثلة بانخفاض أسعار البترول وتراجع الإنفاق الحكومي لاسيما في تقليل ميزانية دعم الوقود ورفع فاتورة الكهرباء والماء وتقليص ميزانية المشاريع، فإحدى الدول الخليجية – مثلا – ألغت مشاريع تنموية في خطتها تبلغ أكثر من ٢٦٦ مليار دولار بسبب تراجع ايراداتها .. !! كل هذا وأكثر يتطلب تضافر الجهود للحيلولة دون تراجع الإنفاق العام، في ظل استمرار الحكومات الخليجية بالاستدانة من الخارج بإصدارات سيادية متمثلة بسندات وصكوك استثمارية، فضلا عن استمرار السحب من الاحتياطات العامة، وكلها مؤشرات غير مريحة على المدى الطويل. بعد هذا كله نخلص إلى نتيجة واحدة مفادها ضرورة مساهمة المؤسسات في كافة القطاعات في هذا الدور التنموي ليس تقليلا من دور الحكومة بل تحقيقا للتكامل المنشود في ظل شبح الأزمات المالية العالمية المتتالية.
ففي العهد الحضاري الزاهر للإسلام سواء في العهد الأموي أو العباسي أو الأندلسي .. الخ، كان الوقف هو المورد المالي الرئيسي للتنمية في ذلك الوقت، ولم يقتصر على بناء المساجد ورعاية طلب العلم وحلقات القرآن فحسب كما هو الآن، بل شمل جميع مناحي الحياة المختلفة فيما يهم الدين والدنيا، وهذه هي الغاية الأساسية من الوقف، فبرزت أمثلة كثيرة من الوقف الخدمي التي يرعى مصالح الناس في جميع القطاعات التعليمية والصحية والدينية والاجتماعية، وإذا تركنا الوقف جانبا فالصكوك الاستثمارية تتكون من حصص من أصول وأعيان ومنافع وخدمات، وتملك هي الأخرى قابلية جلب السيولة لتحويلها إلى أداة تمويل مشاريع تنموية حقيقة. ختاما نقول إلى الأمام لمشاريع الديوان الأميري ولكل جهد يحرك عجلة التنمية والنهضة لدولة الكويت.