رياضة
«البوندسليغا» بين طموح «البطل» ومقعد «الأبطال» يتجدد الصراع
تتجه الأنظار من جديد الى الدوري الألماني (البوندسليغا) حين تعود الفرق للمنافسة على اللقب غدا الجمعة، ويبدو أن بايرن ميونيخ (حامل اللقب) الأقرب لحصد اللقب للمرة الرابعة على التوالي وتدوين اسمه في سجل الأرقام القياسية.
وتقريبا لا يشكك أحد في قدرة بايرن على ذلك، الا ان طريقه لن يكون مفروشا بالورود في ظل وجود فولفسبورغ الساعي لاستكمال تألقه الذي بدأ من الموسم الماضي وقهره للبطل في كأس السوبر، الا ان بقية الفرق تبدو غير قادرة على مزاحمة هذا الثنائي على اللقب ويبدو أكبر أهدافها وأقصى طموحها هو حجز مقعد لها في الدوري الأوروبي، فولفسبورغ المنافس القوي للنادي البافاري دعم فريقه بصفقات جيدة هذا الموسم، أما باير ليفركوزن فإن تواجده في «الأبطال» شغله الشاغل عن لقب الدوري لصعوبة منافسة الكبيرين، وكذلك الأمر بالنسبة لمونشنغلاباخ مفاجأة الموسم الماضي والذي اقتنص المركز الثالث بعد أن كان يصارع للهروب من الهبوط، واذا ذكرنا اكبر الأندية فلا نستطيع نسيان أهم الفرق في السنوات الأخيرة الا وهو بوروسيا دورتموند الذي رحل مدربه الأسطوري يورغن كلوب وحمل الراية بدلا عنه المدرب الأنيق توماس توخيل الذي تعول عليه جماهير دورتموند الكثير للعودة لمكانه الطبيعي بين الكبار، وبين هذا وذاك نستطلع معكم أهم الصفقات وحظوظ الفرق للظفر بلقب «البوندسليغا».
بايرن ميونيخ ومهمة الحفاظ على هيبته
يبحث المدرب الإسباني بيب غوارديولا في موسمه الثالث مع بايرن ميونيخ عن الاحتفاظ بهيبة النادي البافاري في ظل رحيل العديد من النجوم الذين قادوا النادي للتويج بالأبطال ودرع الدوري الألماني لعدة سنوات، لكن ما يشعر جماهير ميونيخ بالاحباط هو ضعف الميركاتو لناديهم، وكذلك أمام غوارديولا مهمة تبدو أكثر تعقيدا وهي أن يقوم بإعداد لاعبين شبان جدد لتسلم الراية من نجوم العملاق البافاري.
ومن الواضح أن إدارة بايرن ميونيخ لا تريد في هذا الموسم الكثير من البطولات وبدلا من ذلك تسعى لأن يكون الموسم الجديد مرحلة انتقالية يتم فيه تجديد خط وسط النادي الألماني العملاق – الذي طالما اعتمد على هذا الخط لفرض هيبته على المنافسين محليا وأوروبيا – بأسماء ألمانية شابة تستطيع خدمة الفريق لسنوات قادمة، فهناك أولا سيباستيان رود الذي قدم موسما أول معقولا حيث شارك في 24 مباراة وسجل هدفين، وجوشوا كيميخ – لاعب وسط فريق شتوتغارت الذي يلعب كوسط ميدان دفاعي ويمثل جيلا جديدا في كرة القدم الألمانية وربما خليفة لباستيان شفاينشتايغر بالإضافة عنصر خبرة مثل ألونسو وألكانتارا ولام، والأهم من ذلك هو تعاقده مع لاعب الوسط التشيلي ارتوا فيدال الذي يستطيع أن يكون (جوكر) اللقب في بايرن وسيكون الاعتماد عليه كبيرا.
فيما يتعلق بالشق الهجومي فإن استقدام دوغلاس كوستا كان خطوة جيدة لتشكيل غطاء جيد وبديل مثالي لروبين أو ريبيري، لكن خط الهجوم بحاجة إلى دراسة أكبر، هل سيضع غوارديولا الثقة في غوتزه أم أن العلاقة ستتدهور، أضف الى ذلك وجود المهاجم الرائع روبرت ليفاندوفسكي الذي يحمل على عاتقه هز شباك الخصوم.
فيما يتعلق بالدفاع لا يبدو أن هناك مشكلة لدى بايرن، فالإبقاء على الأسماء المتواجدة حاليا مثل جيروم بواتينغ ودانتي ومهدي بنعطية الذي تحسن مستواه بصورة ملحوظة في نهاية الموسم مع وجود خوان بيرنات، فليب لام ورافينيا ودافيد ألابا متعدد الأدوار، في الوسط، الجناح أو في مركز الظهير، ولكن ربما يكون من المهم حقا استبدال بادشتوبر المصاب ببديل ومدافع أكثر شبابا وجاهزية بدنية.
ومن الواضح أنه سيكون بايرن ميونيخ مرشحا فوق العادة للاحتفاظ بلقب الدوري والكأس الألماني الا انه سيواجه صعوبة كبيرة أوروبيا.
هل يعيد توخيل دورتموند لمصاف الكبار؟
يعتبر الموسم الماضي موسما للنسيان لجماهير بوروسيا دورتموند، خروج بطريقة مذلة من دوري أبطال أوروبا على يد يوفنتوس، خسارة نهائي كأس ألمانيا من فولفسبورغ، أداء متواضع طيلة الموسم في الدوري، الا ان النقطة الايجابية الوحيدة هي الوصول الى الدوري الأوروبي بصعوبة بالغة.
بعد رحيل مدربه (محبوب الجماهير) يورغن كلوب وتولي توماس توخيل، مدرب ماينتس الأسبق تقع على الأخير مسؤولية اعادة بناء دورتموند واعادته لمكانته بين كبار ألمانيا ومنافس قوي في أوروبا.
تعاقدات النادي الأصفر لم ترض طموح جماهيره ومن وجهة نظر فنية تبدو الصفقات جيدة جدا لاستعادة دورتموند اللقب من بايرن ميونيخ اذ انه جلب 4 صفقات وكانت بلاعب ارتكاز وهو غونزالو كاسترو اللاعب القادم من ليفركوزن سيتحمل مسؤولية كبيرة في الموسم الجديد ويتميز كاسترو بالقوة والقراءة الجيدة للملعب، وكذلك تم التعاقد مع الحارس رومان بوركي لينافس الحارس الأساسي رومان فايدنفيلر على مركزه وهو ما يصب في مصلحة النادي، وكذلك عودة يوناس هوفمان ومورتيز لايتنر من الإعارة من ماينتس وشتوتجارت، بالتالي ما يقال هنا إنه صحيح قد يظهر الميركاتو بأنه عادي ولكن بمجرد النظر بدقة سيعرف جيدا أن التدعيمات جيدة جدا وقد تكون ممتازة بالفعل، تجعل حتمية وجود موسم جديد أفضل بمراحل من الموسم الماضي.
يقول هانز يواخيم فاتسكه الرئيس التنفيذي لدورتموند ان حظوظ فريقه ضئيلة للمنافسة على اللقب وان أقصى طموحه هو حجز مقعده في الأبطال، الا اننا نتوقع من بوروسيا دورتموند الكثير في البوندسليغا هذا الموسم وأنه سيكون مع فولفسبورغ أبرز ثنائي منافس للبايرن.
باير ليفركوزن «مقعد الأبطال» أقصى طموحه
لم يسبق لنادي باير ليفركوزن أن توج بلقب الدوري الألماني إذ حل وصيفا 5 مرات، إلا ان الفريق تحت قيادة المدرب المحنك روجر شميدت تغير كليا وأصبح ينافس محليا وأوروبيا، وخرج من نصف نهائي كأس ألمانيا أمام بايرن، وكذلك في ثمن نهائي دوري الأبطال أمام أتلتيكو مدريد بضربات الترجيح.
إذا ما أردنا أن نطلق لقبا على باير ليفركوزن فهو النادي «المنحوس» منذ خسارته للثلاثية عام 2002 في ظرف اسبوعين فقط، وتاريخيا حل وصيفا للبوندسليغا 5 مرات، الا أن المشروع الذي يقوده نجم الكرة الألمانية السابق رودي فولر في النادي بدأ يؤتي ثماره من خلال منافسة النادي على البطولات.
دخل باير ليفركوزن الميركاتو بشكل جيد للغاية بتعاقده مع الشاب جوناثان تاه قلب دفاع هامبورغ، إلى جانب عودة كريستوف كرامر من الإعارة، وهو أكبر مكسب ممكن لليفركوزن بالفعل.
بطل العالم ولاعب الارتكاز الأفضل في الموسم المنقضي من البوندسليغا، وبجواره لارس بيندر سيعني واحدا من أفضل خطوط منتصف الملعب في ألمانيا بل في أوروبا كلها، وكذلك ضمت المهاجم أدمير محمدي.
في كل الأحوال، يمكننا القول أن باير ليفركوزن دعم بصورة أكثر من ممتازة في ميركاتو قد يكون تاريخي، والحظ حالفه لعودة كرامر إليه من جديد.
هذه الصفقات مع أسلوب شميدت بالضغط العالي ستعني فريقا متماسك دفاعيا هجوميا.
العيب الوحيد في ليفركوزن هو الاعتماد الكلي على سياسة الضغط الكبير على الخصم وترك مساحات كبيرة في الخلف وهو ما يجب على الداهية روجر شميدت تصحيح هذه الأخطاء اذا ما أراد الاستمرار بالمنافسة على الألقاب وخصوصا اللقب الضائع البوندسليغا، وبطبيعة الحال لا يوجد خوف على دفاع الفريق، فقد دخل مرماه الموسم الماضي 37 هدفا وهو ثالث أقل فريق استقبالا للأهداف في الدوري الألماني الموسم الماضي.
ومما سبق نستنتج أن طموح باير ليفركوزن في الماضي هو حجز مقعده في دوري الأبطال والسير الى أقصى نقطة ممكنة فيه، وهو يعتمد كليا على المنافسة الداخلية في ألمانيا وبالذات كأس ألمانيا، لكن في ظل هذه المعطيات الجديدة ربما سيكون لهذا النادي كلمته في الموسم الجديد ومحاولته أن يكون الحصان الأسود، إلا ان صراعه على لقب البوندسليغا يبدو بعيد المنال حاليا.
فولفسبورغ المنافس الأقوى للبطل
الهدف الأول لفولفسبورغ في الموسم الجديد سيكون منافسة حامل اللقب بايرن ميونيخ.
فولفسبورغ عاد بقوة للساحة الكروية الألمانية بعد أن خطف مركز الوصافة في البوندسليغا، وتوج بلقب كأس ألمانيا على حساب بوروسيا دورتموند، والأهم ظفره بكأس السوبر الألماني على حساب النادي البافاري بالذات.
منذ رحيل مدربه الأسطوري فيليكس ماغاث في 2009 واجه فولفسبورغ مواسم صعبة جدا، الا ان كلاوس ألوفس ومن بعده المدرب الحالي ديتر هيكينغ نجحا في بناء مشروع قوي مستند على اللاعبين الشباب ممزوجين بلاعبي خبرة، ولاشك أن شركة السيارات العالمية فولكس فاغن كان لها دورا محوريا في رجوع الفريق الى منصات التتويج بضخها أموالا طائلة، كيف لا وهي تمتلك نسبة كبيرة من أسهم النادي.
ويمتلك فولفسبورغ الكثير من الإمكانيات التي تؤهله لمزاحمة بايرن ميونيخ على الساحة الألمانية، حيث بدأ النادي بتدعيم صفوفه بالتعاقد مع المهاجم الفذ ماكس كروزه، الذي يعد من أفضل اللاعبين في البوندسليجا في آخر 3 مواسم، بالإضافة الى لاعب وسط الميدان الشاب كارلوس أسكوس، لكن ما يحسب على فولفسبورغ هو تهميشه لخط الدفاع الخلفي، واذا عرفنا ان الفريق دخل مرماه في الموسم الماضي 38 هدفا وهي النسبة الأعلى بين الرباعي المتأهل لدوري أبطال أوروبا نجد أنه يعاني خللا واضحا في الدفاع لابد من اصلاحه اذا ما اراد المنافسة على اللقب الضائع عن خزائنه.
أضف الى ما ذكرنا أن على فولفسبورغ أن يحافظ على نجومه مثل نجمه الأول كيفن دي بروين ولويس غوستافو وبيريستيش الذين ساعدوا الفريق على النهوض بمساعدة اللاعب الألماني الرائع شورله.
«البقاء بين الكبار».. هدف مونشنغلا دباخ
بعد أن ضمن المشاركة في دور المجموعات لدوري أبطال أوروبا للمرة الأولى في تاريخه في الموسم المقبل، ليكمل الفريق النهضة التي بدأها المدرب السويسري لوسين فافري في يناير 2011 فإن مونشنغلادباخ يسعى لاستعادة أمجاده الماضية في حقبة السبعينيات بعد أن احتكر لقب الدوري لخمس سنوات منها ثلاث سنوات متتالية.
الا ان الفريق في ظل عدم دخوله بقوة سوق الميركاتو يبدو أن أقصى طموحه هو البقاء بين الكبار وحجز مقعده للأبطال أو يوروبا ليغ للموسم المقبل.
ويحتاج مونشنغلادباخ دون شك لتدعيم صفوفه في ظل عودة كرامر إلى باير ليفركوزن بجانب انتقال ماكس كروس إلى فولفسبورغ، الذي احتل المركز الثاني بجدول ترتيب البوندسليغا.
ومع ظهور بايرن ميونيخ بطل الموسم الحالي، كأقوى المرشحين للتتويج بلقب البوندسليغا الموسم المقبل فإن مونشنغلادباخ يتحلى بالواقعية لإدراك أن المنافسة على اللقب أمر مستبعد، ولكن لقب كأس ألمانيا أو الدوري الأوروبي استنادا إلى ظروف الفريق في الموسم المقبل، قد يكون ممكنا للحصول على أول لقب منذ عام 1995.
وأرجع لاعب مونشنغلادباخ السابق كريستوف كرامر سبب التأهل للأبطال وتحقيق نتائج جيدة في البوندسليغا الى المدرب قائلا: «أعتقد أن المدرب هو السبب الرئيسي في نجاحنا».
وبالنسبة للمدرب فافري، فإن التأهل المباشر لدوري أبطال اوروبا هو النقيض تماما للمهمة التي جاء إلى بوروسيا بارك من أجلها قبل أربعة أعوام، حيث كان الفريق حينذاك يعاني من شبح الهبوط لكنه بقي في البوندسليغا بعد نجاحه في الدور الفاصل.
ومنذ هذه المحنة مر مونشنغلادباخ بمرحلة تطور مستمر، وجاءت خيبة الأمل الوحيدة من خلال الهزيمة امام دينامو كييف الأوكراني في الدور التمهيدي لدوري الأبطال في2012.
وقال مدير الكرة لجلادباخ ماكس إيبرل: «لم نفز بلقب الكأس أو شيء من هذا القبيل ولكننا حققنا شيئا رائعا، لدينا فريق جيد جدا ومدرب مذهل».
وعاش مونشنغلادباخ فترة من الصولات والجولات في سبعينيات القرن الماضي حيث توج بالعديد من الألقاب سواء على المستوى المحلي أو الدولي، لكن الفريق أيضا عانى من فترة كارثية شهدت هبوطه لدوري الدرجة الثانية في نهاية القرن الماضي.