شؤون دولية

البرلمان المصري يقر نقل تبعية جزيرتين بالبحر الأحمر إلى السعودية

أقر البرلمان المصري يوم الأربعاء اتفاقية تعيين الحدود البحرية التي أبرمتها مصر والسعودية العام الماضي وتتضمن نقل تبعية جزيرتي تيران وصنافير بالبحر الأحمر إلى المملكة، وذلك رغم الاعتراضات على الاتفاقية وصدور حكم قضائي نهائي ببطلانها.

وأعلن علي عبد العال رئيس مجلس النواب موافقة البرلمان على الاتفاقية بعد تصويت أجري على عجل. وقال شهود إن التصويت أجري بوقوف الأعضاء المؤيدين للاتفاقية.

وقال عبد العال قبل أن يرفع الجلسة “أعلن موافقة المجلس نهائيا على اتفاقية تعيين الحدود البحرية مع المملكة العربية السعودية”.

واعترض نواب على الاتفاقية خلال الجلسة ورددوا هتاف “مصرية..مصرية”، وذلك في إشارة إلى الجزيرتين الإستراتيجيتين الواقعتين عند مدخل خليج العقبة.

ويتعين تصديق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على الاتفاقية حتى تدخل حيز التطبيق.

وقال رفيق شريف نائب رئيس هيئة قضايا الدولة، التي تمثل الحكومة في النزاعات القضائية، لرويترز: “بعد إقرار مجلس النواب للاتفاقية ستتجه مباشرة إلى رئيس الجمهورية لتوقيعها وتصبح قانونا واجب التنفيذ”.

ولم يتسن لرويترز الاتصال بالمتحدث باسم مجلس الوزراء أو المتحدث باسم رئاسة الجمهورية للتعقيب.

وكانت لجنة الدفاع والأمن القومي بالبرلمان وافقت في وقت سابق يوم الأربعاء على الاتفاقية وأحالتها للجلسة العامة للتصويت عليها.

وأقر البرلمان الاتفاقية رغم صدور حكم نهائي من المحكمة الإدارية العليا في يناير كانون الثاني الماضي ببطلان توقيعها، وبعد ثلاثة أيام فقط من بدء مناقشة الاتفاقية على مستوى اللجان. و أثارت الاتفاقية احتجاجات نادرة في الشوارع العام الماضي.

وتقول الحكومتان السعودية والمصرية إن تيران وصنافير كانتا تخضعان فقط للحماية المصرية منذ عام 1950 بناء على طلب من الملك عبد العزيز آل سعود مؤسس المملكة.

لكن محامين معارضين للاتفاقية يقولون إن سيادة مصر على الجزيرتين تعود إلى اتفاقية موقعة عام 1906 أي قبل تأسيس المملكة.

وقالت لجنة الدفاع والأمن القومي، في تقرير أصدرته بعد اجتماعها في وقت سابق يوم الأربعاء “نظرا لما أظهرته عملية تعيين الحدود البحرية بين جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية من وقوع جزيرتي تيران وصنافير ضمن المياه الإقليمية السعودية، وبالتالي فإن تبعية هاتين الجزيرتين تكون للمملكة العربية السعودية”.

وقال مجلس الوزراء في تقرير أرسله لمجلس النواب في وقت سابق هذا الشهر إن “الاتفاقية تنهي فقط الجزء الخاص بالسيادة ولا تنهي مبررات وضرورات حماية مصر لهذه المنطقة (تيران وصنافير) لدواعي الأمن القومي المصري السعودي في ذات الوقت”.

وأضاف “قد تفهم الجانب السعودي ضرورة بقاء الإدارة المصرية لحماية الجزيرتين وحماية مدخل الخليج وأقر في الاتفاقية ببقاء الدور المصري إيمانا بدور مصر الحيوي في تأمين الملاحة في خليج العقبة، وهذه الأسباب كانت وما زالت وستستمر في المستقبل”.

وذكر التقرير أن “نقل السيادة للسعودية على الجزيرتين لا يمنع مصر من ممارسة حق الإدارة عليهما لظروف الأمن القومي المصري السعودي”.

وقالت لجنة الدفاع والأمن القومي في تقريرها “نحن نثق… أنهما (الجزيرتان) ستكونان دائما في خدمة الأمن القومي المصري والعربي”.

يقول محامو الحكومة ونواب إن البرلمان هو الجهة الوحيدة المنوط بها مناقشة الاتفاقيات والمعاهدات السيادية. وصدرت أيضا أحكام من محكمة الأمور المستعجلة تقضي بعدم اختصاص القضاء الإداري في نظر الاتفاقية.

لكن المحكمة الإدارية العليا رفضت الدفع بعدم اختصاصها.

وتنظر المحكمة الدستورية العليا دعاوى تطالبها بالفصل في النزاع بين الجانبين.

وشهدت الجلسة العامة يوم الأربعاء اعتراضات من نواب تكتل (25-30) ونواب مستقلين على الاتفاقية، وحملوا لافتات كتب عليها (مصرية.. مصرية) ورددوا نفس الهتاف.

ويبدي التكتل الصغير اعتراضات على الكثير من سياسات الحكومة.

وبعد رفع الجلسة ذهب عدد من النواب إلى مكتب رئيس البرلمان وهددوا بالدخول في اعتصام مفتوح اعتراضا على طريقة تمرير الاتفاقية، فيما لوح البعض بإمكانية تقديم استقالات جماعية.

وقال النائب هيثم الحريري وهو عضو بتكتل (25-30) “اليوم هو يوم مشؤوم على الشعب المصري، حيث يفقد الوطن جزءا من أرضه”.

وأضاف أن البرلمان أقر الاتفاقية “في تحد واضح للجميع”.

وعبر كثيرون على مواقع التواصل الاجتماعي عن غضبهم لإقرار الاتفاقية. ونشر الكثير من السياسيين والنشطاء والشخصيات العامة تغريدات تندد بالاتفاقية.

وكان وسم أو هاشتاج (#تيران_وصنافير_مصرية) من بين الوسوم التي تصدرت موقع تويتر في نطاق مصر بعد تمرير الاتفاقية.

ومساء الثلاثاء احتج عشرات الصحفيين والنشطاء على الاتفاقية ومناقشة البرلمان لها بمقر نقابة الصحفيين بوسط القاهرة. وقال شهود إن الأمن أرغم المتظاهرين على دخول مبنى النقابة وعدم التظاهر خارجها وألقى القبض على عدد منهم.

وأضافوا أن الأمن أفرج عن بعض المقبوض عليهم بعد فترة وجيزة.

وقالت محامية إن ثمانية أشخاص لا يزالون رهن الاحتجاز وعرضوا على النيابة العامة يوم الأربعاء ووُجهت لهم تهم من بينها التظاهر دون إخطار وإهانة رئيس الجمهورية.

وقالت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية إن النيابة قررت يوم الأربعاء احتجازهم لمدة 24 ساعة على ذمة التحقيقات.

وقال محمود كامل عضو مجلس نقابة الصحفيين إن ثلاثة من المحتجزين أعضاء بالنقابة. وما زالت قوات الأمن تغلق الشارع المطلة عليه النقابة وتمنع حركة المرور به.

وشهد محيط نقابة الصحفيين احتجاجات كبيرة على الاتفاقية العام الماضي.

وكانت الحكومة المصرية أقرت الاتفاقية يوم 29 ديسمبر كانون الأول وأحالتها إلى مجلس النواب لمناقشتها واتخاذ قرار بشأنها.

وتقول الحكومة إن توقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع السعودية إنجاز هام من شأنه أن يمكن الدولتين من الاستفادة من المنطقة الاقتصادية الخالصة لكل منهما في خليج العقبة.

وكان مجلس الشورى السعودي أقر الاتفاقية بالإجماع يوم 25 أبريل نيسان.

وأثارت الاتفاقية اتهامات من جماعات معارضة للحكومة بالتنازل عن الجزيرتين مقابل استمرار تدفق المساعدات السعودية وهو ما تنفيه الحكومة. والسعودية هي أكبر داعم لمصر منذ انتفاضة 2011.

وتسبب التأخر في إقرار الاتفاقية والدعاوى القضائية التي تطالب ببطلانها في توتر العلاقات بين مصر والسعودية لشهور قبل أن تتحسن العلاقات في الآونة الأخيرة.

 

المصدر: رويترز

إغلاق
إغلاق