مقالات وكتاب
الضمانات العشر لإيجاد البيئة الملائمة للعمل الوقفي الناجح
وقفة الاثنين مع الوقف :
الخواطر الأسبوعية
في الإدارة الرسالية
للمؤسسات الوقفية
الضمانات العشر لإيجاد البيئة الملائمة للعمل الوقفي الناجح :
الأمانة ونظافة اليد :
إذا كنّا نتناول الضمانات الكفيلة بنجاح العمل الوقفي؛ فنحن – وبصراحة شديدة – أمام واحدة من أهم هذه الضمانات، ومن الشروط الأساسية للعاملين في مجال الوقف، وهي صفة الأمانة ونظافة اليد والنزاهة.
وقد يستغرب القارئُ الكريم إيرادَها في هذا الكتاب، باعتبارها أمرًا مفروغًا منه، ولكنني وجدت إيداعها في كتابي هذا الذي يتناول تجربتي الوقفية عمومًا، وفي الموضع المتعلق بضمانات نجاح الوقف؛ وجدتُ ذلك لزامًا عليّ، من باب التأكيد على أهميتها وقيمتها، وإعلاء لشأنها، وتنويهًا بذكرها، وإلا فإنني كنتُ – ولله الحمد والمنّة – ومن حولي؛ حريصين على أداء العمل بأمانة وشفافية ونظافة ذات اليد، مع الوضوح والمصارحة إذا اقتضى الأمر في طريقة إدارة العمل، وبخاصةٍ في الشؤون المالية التي يكون فيها الجانب المادي حساسًا، بطبيعة الحال.
ونحن في غنًى عن سرد النصوص والشواهد الإسلامية التي تبيّن حثّ ديننا الإسلامي الحنيف على الأمانة والنزاهة وإعطاء كل ذي حق حقه وحرمة السرقة والنهب والخيانة والرشوة وأكل مال اليتيم وأكل أموالنا بيننا بالباطل؛ فإن ذلك من الشهرة بمكان، بل لا يختلف فيه العقلاء فضلًا عن الفضلاء، من كلّ ملة ودين.
إلّا أن هذا الخُلُق الحميد، والخصلة الشريفة، كما أنها مطلوبة بالعموم؛ فإنها تتأكد في المجال الوقفي على وجه الخصوص، لكونه جامعًا بين العمل الخيري من جهة، بما يعني تأكُّد حضور الدين والتقوى ومراقبة الله فيه، والعمل التجاري والمالي من جهة أخرى، فإن التصرف في الأوقاف وإدارتها يتضمن بالضرورة إجراءات محاسبية ومالية، قد يكون لبعضها طابعًا خدميًّا، ولبعضها طابعًا تجاريًّا، فهي لا تخلو على كل تقدير من الإدارة المالية، التي تتطلب الأمانة والنزاهة والعدالة، وتقوى الله أولًا وأخيرًا.
وإذا تخصصنا بالحديث عن الأمانة العامة للأوقاف على وجه الخصوص، باعتبارها المؤسسة الحكومية المعنية أصالة بالإشراف على الأوقاف وإدارتها، بحسب ما ورد في المرسوم الأميري السامي الذي قامت على أساسه؛ فإن هذه المؤسسة الوقفية المهمة قد قامت في الأساس على نظافة اليد، وهي محاطة بالرقابة الحكومية الدقيقة، فتحاسب من قِبل الديوان العام للمحاسبة إذا لم تصرف ريع الأوقاف الصرف الصحيح، أو أخلت في إدارته إخلالًا يضرّ بمال الوقف أو منافعه، بحيث يكون العمل، ولله الحمد؛ غير مشوب بأية شائبة في الذمة والضمير، من جهة الواقع القانوني، فضلًا عن الرقابة الذاتية وسلطة الضمير.
ومن ثَمَّ وبصورة بدهية؛ فيجب أن يكون العاملون في الوقف على أرفع الصفات فيما يتعلق بالأمانة والشفافية والوضوح والعدالة فيما يتعلق بالأمور المالية على وجه الخصوص. ولذلك فمن المناسب اختيار أفضل الموظفين وزبدتهم ليكونوا قائمين بدورهم بكل أمانة، وأن يكون العاملون في المجالات الوقفية من آمن الناس وأكثرهم تقوى لله، ويتمثلون التقوى والورع في عملهم، حتى ولو كانوا موظفين عاديين، أو غير ملتزمين بحسب المصطلح الشائع الذي يطلق على الهيئة المعينة من التدين بالالتزام بالسنن والنوافل والهَدْي الظاهر؛ إلا أنهم مطالبون على كل حال بالأمانة ونظافة اليد حتى تسلم الأوقاف، وتأمن ولا تكون عرضة للضياع، وحتى تستمرّ محل ثقة الموقفين، والمجتمع.
وأحمد الله أن ذلك الجانب كان متوفّرًا في خلال فترة توليتي مسؤولية الأمانة العامة للأوقاف، فلم نقف على ما يعكّر تلك الأوصاف، ومهما كان من تقصير أو خلل في أداء بعض الموظفين – وكلنا ذوو تقصير – فإن ذلك كان في جوانب بعيدة عما يمسّ الذمة والأمانة، ولعل ذلك يرجع إلى حسن الاختيار بالأساس، كما أشرنا، وإلى جودة الإدارة والرقابة والإشراف، سواء من داخل الأمانة، أو من الجهات الرقابية الأخرى، فأسأل الله أن يديم تلك النعمة، وأن يذكّرنا بها دائمًا حتى تكون شعارًا وسلوكًا وهدفًا باستمرار.
وحتى ملاحظات ديوان المحاسبة و رغم تعددها وتشعبها إلا أنها كانت مركزة دائماً حول سير العمل بشئون الوقف ، ولم نلمس منها في أي شكل من الأشكال ما يخدش الذمة والأمانة .
د. عبدالمحسن الجارالله الخرافي
الأمين العام السابق للأمانة العامة للأوقاف
بدولة الكويت