مقالات وكتاب
الشعور بالمسئولية العظمي في إدارة الوقف
الخواطر الأسبوعية في الإدارة الرسالية للمؤسسات الوقفية :
الشعور بالمسئولية العظمي في إدارة الوقف
بقلم الدكتور عبدالمحسن الجارالله الخرافي.
إدارة الوقف مسؤولية شرعية عظيمة ، استشعرتها وأنا على رأس الأمانة العامة للأوقاف ، فالعمل في مجال الوقف من الوظائف الشرعية التي تدعو لأمر شرعي وتتطلب علماً شرعياً، ولا تبرأ الذمة إلا إذا عُمل به حسب ضوابط وقواعد الشرع، فالوقف نوع من أنواع الصدقات التي هي عبادة ، والعمل على إيجادها عبادة ، والعمل على حفظها ورعايتها وحمايتها أيضاً عبادة ، وإيصالها لمستحقيها عبادة ، إذا احتسب العامل ذلك لله تعالى .
لذا فالمطلوب من العاملين في مجال الوقف ورعاية أصوله، التسلح بالثقافة الشرعية بما يخص عملهم، فلا بد من المعرفة والعلم بالحد المطلوب من العلم الشرعي في مسائل ما يخص عملهم فيما لزمهم عيناً أن يؤدوه، لأن طبيعة الوظيفة في الأعمال الوقفية، وظيفة شرعية دينية لها مقاصدها وضوابطها.
والتولية على الوقف أمر واجب، للمحافظة عليه من التلف والضياع والتعطل. ويشترط فيمن يتولى النظر على الوقف القدرة على التصرف فيما هو ناظر عليه بما فيه المصلحة، أي القدرة على القيام بشؤون الوقف، وحفظ عين الأوقاف، والقيام بشؤونها، وتنفيذ شرط واقفها، وكل ما يتعلق بحماية العين عن الهلاك أو التعطل، وصيانتها، وعمارتها، ورعاية غلتها، والاجتهاد في تنميتها، وتحصيل الغلة وتوزيعها على مستحقيها، ودفع كل ضرر متوقع عن عين الوقف.
لأن المقصود من الوقف هو انتفاع الواقف والموقوف عليه، انتفاع الواقف بما يحصل عليه من الأجر والثواب من الله تعالى في الدنيا والآخرة، وانتفاع الموقوف عليه بما يحصل عليه من المال أو المنفعة التي تندفع بها حاجته، ولا يتحقق ذلك إلا ببقاء العين الموقوفة على حالٍ ينتفع بها، والسبيل إلى ذلك هو الولاية التي تتوفر فيها الشروط والأحكام المعتبرة لذلك شرعاً.
فالمسؤلية التي يستشعرها ناظر الوقف عظيمة تتناسب مع ديمومة عطائها كقيمة مضافة لصالح الأمة عامة ، وللموقف في حياته وبعد مماته خاصة .
وبالتالي فإن ضخامة هذه المسؤلية تستلزم أن يكون ناظر الوقف عند حسن الظن وعلى قدر المسؤلية ، ويستشعر المسئولية العظمى عليه للإدارة الجيدة لهذا الوقف ، وإلا فهو مدعو لأن يتسلح بالشجاعة الأدبية للاعتذار عن إدارة الوقف ، بشرط تسليم هذه الإدارة إلى من يتحرى أنه الأكفأ والأفضل ، وبشرط الأخذ بالرأي الشرعي في ذلك من قِبل الجهة الشرعية التي تُشكل المرجعية الشرعية للمؤسسة الوقفية ، والتي قد تتمثل في القاضي أحياناً أو الهيئة الشرعية أحياناً أخرى أو المستشار الشرعي أحياناً ، وذلك حسب الهيكل الإداري والتنظيمي المتبع في المؤسسة الوقفية .