مقالات وكتاب
أين الرقابة الذاتية لدى الفنانين والكُتّاب؟!
بقلم : عصام عبداللطيف الفليج
تتكرر بين الحين والآخر مشكلة الرقابة على ما ينشر في الكتب، وعلى النصوص التمثيلية والمسرحية، وثبت لأكثر من مرة أن ما تمنعه إدارة الرقابة بوزارة الإعلام إنما يمس أمرا مخالفا ليس ضمن مجال الحرية الشخصية، وإدارة الرقابة مشكورة لا ترد على المعترضين بنفس أسلوبهم الحاد، وإلقاء التهم جزافا، بل تكتفي بالرد بأنه مخالف منعا لإحراج الكاتب، لعله يغير النص.
وطلب القراء من الكتّاب تبيان سبب اعتراضهم، وتحديد الفقرة التي تم منعها، إلا أنهم لا يجرؤون على ذكرها، لأنهم تجاوزوا حد الحياء والحرية، مثل الإيحاءات الجنسية، أو الإساءة للمجتمع الكويتي بأوصاف لا تليق، أو غير ذلك.
لذا.. يتجه المنتجون إلى دولة خليجية أخرى لتنفيذ أعمالهم المرفوضة من الرقابة الكويتية، وتبيعها على قنواتهم، وقد يضطرون لإلغاء المشاهد الممنوعة لكي تعرض في الكويت (ما كان من الأول). ولأن الممثلين كويتيون أو أشباه كويتيين، فلك أن تتصور الأثر السلبي الذي يتركونه لدى المشاهد في العالم العربي، والإساءة البالغة للمجتمع الكويتي لرداءة النص، وهبوط مستوى الألفاظ والسلوك!
كما أن الفنانين لا يعرفون واقع بيوت الأغنياء، وزيارتهم في المناسبات لا يعني معرفة خباياهم، وتكوين صورة سلبية عن الأسر الكبيرة والغنية يعد تشويها لهم.
ورغم الرفض الكبير من المجتمع الكويتي لهذه الأعمال المنحرفة قيميا، تتسابق النساء في متابعتها، مما يكون له الأثر البالغ سلبا على سلوك الفتيات بشكل خاص!
يعاني الإنتاج الفني من ضعف استشعار بعض الفنانين مسؤولية العمل الذي يقومون به، وبالأخص في المسرح، الذي يكون معظم مرتاديه من الشباب، فلا يعني اعتماد النص أن يقوم بما يريد ويؤشر ويضرب ويسخر ويسب ويلعن كما يشاء، وبالأخص يوم التصوير، وهذا ما نشاهده في قنوات تلفزيونية من ألفاظ وسلوكيات وحركات مزعجة، انتزع منها الحياء، رغم وجود عوائل وأطفال في المسرح، وخلف الشاشة!
لذا.. فمن الضرورة بمكان تواجد مراقبي وزارة الإعلام في العروض المسرحية، لنحمي أسرنا وأجيالنا من هذا الانحراف السلوكي واللفظي.
وأدعو الفنانين الكرام رفض المشاركة في أي انتاج يسيء للمجتمع الكويتي، أو التطاول على القيم والأخلاق، بشكل مباشر أو غير مباشر، وألا يكون الهدف هو المال كما صرحت بذلك إحدى الممثلات.
كما أدعو وزارة الإعلام الى تكرار تجربتها السابقة بالإعلان المبكر لأعمال شهر رمضان القادم، ولأي أعمال درامية طوال السنة، وتحدد شروطها وطلباتها من القيم والقضايا الوطنية والاجتماعية والسلوكية والقيمية لتضاف في النص، وألا يكون طريقة تقويم الشيء السلبي بإبرازه بشكل جميل، كأن يكون المدمن عنده عضلات (مجسم)، والمنحرف شعره حلو، والمجرم ذكي، وصاحب الخلق تفكيره ساذج.. ألخ. ويدخل ذلك ضمن التخطيط الاستراتيجي لعمل الوزارة، وتنفيذ أهداف التنمية للدولة، فبعض المؤلفين والمنتجين تجار يعملون لأجل المال، لا لأجل القيم أو الوطن، وهنا يأتي دور إدارات الإنتاج الإعلامية المسبقة في تحديد هوية وخريطة الإنتاج الفني في الكويت، وينشر ويعمم ليستفيد منه المنتجون خارج الكويت.
وأود أن أضيف ملاحظة مهمة لكل منتج ومخرج كويتي، وهو تضمين العمل المرافق الشهيرة في الكويت، كما يفعل المنتجون الكبار في أوروبا وأميركا في الدعاية لبلادهم، فعندما تشاهد مسلسل شارلوك هولمز البريطاني، تجده في كل حلقة يعرض مرافق ثقافية وعلمية وترفيهية ضمن النص، ولو لدقائق، أو وهو بالسيارة، (ملاحظة: من النادر أن ترى منظرا خادشا للحياء في هذا المسلسل)، وذلك لتقديم صور جميلة عن الكويت، فلدينا متاحف ومعارض ومجمعات تجارية وفنادق ومراكز علمية وثقافية وحدائق وأسواق شعبية وأبراج سبقنا بها العالم، فهل من مبادر؟