مقالات وكتاب
إضافة مسؤوليات ثقيلة للشيخ ناصر صباح الأحمد!
تكليف النائب الأول وزير الدفاع الشيخ ناصر صباح الأحمد بترؤس المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية وكذلك قيادة مجلس الخدمة المدنية كمهمتين إضافيتين زيادة على أعبائه الأصلية، قد يؤدي إلى إثقال كاهله ومن ثم التأثير على أدائه العام ما لم يبادر وعلى نحو سريع باستخدام المفعول السحري لمواجهة تعدد المسؤوليات وجسامتها وهو ( الرؤية المدروسة وفريق العمل الكفؤ) ، ومن غير ذاك، سوف ينصرف جهد الشيخ ناصر إلى الهوامش والتفاصيل التي ربما تشكل له إزعاجا وإحباطا لا سيما إذا تحقق بنفسه من وجود أسقام متجذرة في الإدارة الحكومية من أهمها: الترهل الإداري وتخبط القرارات وتضاربها وتعقيد الإجراءات أو عدم وضوحها فضلا عن الواسطات والمحسوبيات واللوبيات ناهيك عن محدودية القدرات والمهارات لدى بعض القياديين وكثير ممن يدير مفاصل الأجهزة الحكومية .
ومادام الشيخ ناصر يتبنى رؤية تنموية لكويت جديدة تضيء أنوارها في عام ٢٠٣٥ ، فإن أولى خطوات الوصول إلى تلك النقطة الفارقة هي الاستثمار البشري والتركيز على الإنسان الكويتي تعليما وتأهيلا وصقلا كي يتولى مسؤولية النهوض ببلده ، وهذا يتطلب بداية وقبل كل شيء تحقيق الحد الأدنى من العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص في المناصب القيادية وما دونها عن طريق سن تشريع محكم يضمن مقاومة التعيينات البراشوتية والمحاصصات والتنفيع النيابي والسياسي ، فالإنسان الفاشل لا يمكن أن يبني وطنا أو مستقبلا مشرقا لأمته والعكس صحيح.
المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية من المفترض أن يعاد النظر في فلسفته وأسلوب اختيار أعضائه ، بحيث يصبح رافدا حقيقيا يسهم في دفع عجلة التخطيط والتنمية وليس عبئا هيكليا إداريا يستنزف موارد الدولة المالية والإدارية ، وعلى هذا الأساس ، ينبغي الاسترشاد بالكيانات المماثلة له خليجيا وعالميا وإعداد دراسة بحثية تقوم على منهج المقارنة من أجل تقديم نموذج يواكب التطلعات نحو تنمية شاملة ومستدامة تستمد استمراريتها من قواعد حيوية تقوم على الاستثمار البشري وتنويع مصادر الدخل وتشجيع الاستثمار داخليا وخلق بيئة تجارية تنافسية إيجابية ومعالجة اختلالات العجر المالي وصياغة رؤية استراتيجية للاقتصاد الوطني ، وهذه الاعتبارات تستوجب إيجاد بيئة صحية تحتضنها ، ولن يتأتى ذلك من دون العمل على محاربة الفساد بشتى أشكاله المالية والإدارية والسياسية وتفعيل مبدأ الثواب والعقاب وإطلاق حزمة من القوانين العصرية التنموية التطويرية والأخرى التنظيمية الإجرائية.
أما ما يتعلق بمجلس الخدمة المدنية ، فحدّث ولا حرج ، فثمة قرارات وتعميمات تحتاج إلى غربلة وإعادة بحث بما يجعلها في سياق تنفيذي يخدم الصالح العام ، وأتصور أن الإصلاح الفعلي ينبغي أن يتوجه إلى ديوان الخدمة المدنية ويركز على إعادة هيكلته وتنظيمه ودراسة اختصاصاته ومهامه للوصول إلى غايات أساسية من أبرزها : تحقيق الرشد في اتخاذ القرارات إضافة إلى تطوير آليات الرقابة على الجهات الحكومية التي تقع تحت مسؤولية هذا الجهاز علاوة على تقليل زمن الدورة الإجرائية المتعلقة بالمراسلات الحكومية والسرعة في تقديم الإفادات اللازمة أو إصدار القرارات المختلفة ، والخلاصة في هذه الجزئية تكمن بضرورة تعزيز جهاز الخدمة المدنية بكفاءات قانونية وإدارية وتنظيمية ومالية ، حتى تعمل تلك الطاقات على وضع تصور عملي فعال ينسف نمط المدرسة القديمة في الإدارة ويستبدله بنهج آخر يتسلح بنظريات الإدارة الحديثة التي تتشبث بمفهوم وتطبيقات ( الحوكمة الحديثة ).
نعم ، هما حملان ثقيلان أُضيفا للشيخ ناصر الصباح فوق ما لديه من مسؤولية وزارة الدفاع ، ولكن الأمل كبير في أن يشق الأخ ( بوعبدالله ) طريقا آخر في تصويب أخطاء وممارسات الجسم الحكومي ، وينتقل بعد ذلك إلى مرحلة الإصلاحات وقص شريط الإنجازات وحل المشكلات ذات الطبيعة الشعبية واستثمار قدرات الشباب وتوظيفها في بناء وطنهم وازدهاره ، فلاشيء يقف أمام تحويل الأمنيات إلى حقائق ووقائع ملموسة إذا توافرت النية المخلصة والعمل الجاد الدؤوب والفكر المستنير والمشاركة المجتمعية الفعالة في القرار والبناء والتنمية.