مقالات وكتاب

من هدم خيمة قائد الفرس على رأسه؟!

بقلم د. عصام عبداللطيف الفليج 

أرسل سعد بن أبي وقاص سبعة رجال لاستكشاف أخبار جيش الفرس، وطلب منهم أن يأسروا رجلاً من الفرس ان استطاعوا.
وبمجرد خروج الرجال السبعة إلى الطريق؛ تفاجؤوا بجيش الفرس أمامهم، وكانوا يظنون أنه بعيد عنهم، فاتفقوا على العودة، وإخبار سعد بذلك، إلا رجلاً واحداً رفض العودة إلا بعد أن يتم المهمة التي كلفه بها سعد.
عاد الستة رجال إلى جيش المسلمين، واتجه الفارس السابع ليخترق جيش الفرس وحده.
التف الفارس المسلم حول الجيش، وتخير الأماكن التي فيها مستنقعات مياه، وبدأ يمر منها حتى تجاوز مقدمة الجيش الفارسي المكونة من 40 الف مقاتل.
ثم تجاوز قلب الجيش حتى وصل إلى خيمة بيضاء كبيرة، أمامها خيل من أفضل الخيول، فعلم أن هذه خيمة رستم قائد الفرس، فانتظر في مكانه حتى أسدل الليل ستاره، ثم ذهب وضرب بسيفه حبال الخيمة، فوقعت على رستم ومن معه بداخلها، ثم قطع رباط الخيل وأخذها معه وجرى. وكان يقصد بذلك أن يهين الفرس، ويلقي الرعب في قلوبهم.
تبعه حرس قائد الفرس، فكان كلما اقتربوا منه أسرع، وكلما ابتعد عنهم تباطأ حتى يلحقوا به، لأنه يريد أن يستدرج أحدهم؛ ويذهب به إلى سعد كما طلب.
فاستطاع اللحاق به ثلاثة فرسان، فقتل اثنان منهم وأسر الثالث، ووضع الرمح فى ظهره وجعله يجري أمامه حتى وصل به إلى معسكر المسلمين، وأدخله على سعد بن أبي وقاص.
فقال الفارسي لسعد: أمّني على دمي وأصدقك القول.
فقال له سعد: الأمان لك، ونحن قوم صدق، ولكن بشرط ألا تكذب علينا. والآن.. أخبرنا عن جيشك.
فقال الفارسي في ذهول: قبل أن أخبركم عن جيشي، أخبركم عن رجلكم، لقد دخلت حروبا منذ نعومة أظافري، ولم أر مثل هذا الرجل قط؛ فقد تجاوز معسكرين لا يتجاوزهما جيوش، ثم قطع خيمة القائد وأخذ فرسه، ولحقه الفرسان، وبلغه ثلاثة منهم، فقتل الأول الذي نعدله عندنا بألف فارس، وقتل الثاني وأيضاً نعدله بألف، والاثنان أبناء عمي؛ فتابعته وأنا في صدري الثأر للاثنين اللذين قتلا، ولا أعلم أحدا في فارس بقوتي، فرأيتُ الموت فاستأسرت (أي طلبت الأسر)، فإن كان من عندَكم مثله فلا هزيمة لكم.
ثم أسلم ذلك الفارسي بعد ذلك، واستفاد منه المسلمون في خبر جيش الفرس.
البطل الذي أذهل الفرس واخترق جيوشهم وأهان قائدهم، هو “طلحة بن خويلد بن نوفل الأسدي”، رضي الله عنه.
ومن غرائب الأمور أن طليحة أسلم عام ٩ للهجرة، بعد غزوة الخندق، ثم ارتد وادعى النبوة في نجد، فقاتله خالد بن الوليد فهزمه وهرب للشام، ثم عاد وأسلم وحسن إسلامه، وأبلى في قتال الفرس في “القادسية” بلاء حسنا، وكتب عمر بن الخطاب إِلى النعمان بن مُقَرِّن: “أَن اسْتعِنْ في حربك بطُلَيحة وعَمْرو بن معديكرب، واستشرهما في الحرب، ولا تولِّهما من الأَمر شيئًا، فإِن كل صانع أَعلم بصناعته”،وهذا من فقه عمر، لأن الذي جعل طليحة يدعي النبوة حبه للرئاسة والزعامة.
ان استعراض هذه القصص والمواقف لأبنائنا الشباب، تعرفهم بتاريخهم المجيد وعزة دينهم العتيد، وتعطي فسحة كبيرة من الأمل، للتوبة والعمل، فكما انحرف العديد من الشباب، فبإمكان كل واحد منهم التوبة والأوبة، وخدمة الاسلام من المكان المناسب، في الدعوة الحسنة، وتقديم الصورة الطيبة عن الاسلام.

 

الوسوم
إغلاق
إغلاق