مقالات وكتاب
هوسات الخور مدفوعة الثمن للابتزاز السياسي
بقلم: د. عصام الفليج
لم أستغرب الهوسات والتجمعات العراقية تجاه الحدود الكويتية، للمطالبة ب”خور عبدالله”، لأنها ليست الأولى، ولن تكون الأخيرة، فكل ذلك يتم بتوزيع أدوار، ومراقبة الشرطة العراقية التي تتمتع بالمشهد الحدودي. وأعتقد أننا لو سألنا بعض الموجودين أين يقع خور عبدالله، فلن يعرف مكانه!
كان الله في عون الشعب العراقي، لأن الذي يحكم البلاد ميليشيات لا أحزاب سياسية، ومع احترامنا لجميع المناصب السياسية والقيادية، الا انه لا يستطيع أحد أن يوقف مثل هذه المهاترات، فما بالك بمظاهرات الفقر والجوع والفساد التي تقام بين الحين والآخر!
وما هذه المهاترات الحدودية إلا رسالة ابتزازية من جهة يعرفها الساسة، ولا يعرفها المتظاهرون الذين خرجوا مقابل بضع دولارات، فهم أدوات للميليشيات وهم لا يعرفون ذلك.
ولحجم الفساد الضخم الذي يعيشه العراق، كان لا بد من اشغال الناس في ما لا يعرفون ولا يفقهون، فلا أبالغ ان قلت ان ٩٠٪ من الشعب العراقي بسطاء وطيبين وفقراء، يسيطر عليهم ١٪ من المتنفذين، ويخدمهم ٩٪ من الشعب!
أما الحدود فهي أمر منته منه ضمن إتفاقيات دولية، وقعتها الأنظمة العراقية السابقة واللاحقة، ومعتمدة في مجلس الأمن في هيئة الأمم المتحدة، مؤكدة أن “خور عبدالله” جزء من الأراضي الكويتية، ويقع تحت سيادتها.
ان الأوضاع في المنطقة العربية بشكل عام، وما تعانيه من توتر وأزمات سياسية واقتصادية وتحديات أمنية، لا تحتمل مثل هذه المهاترات، فنحن جميعا بحاجة الى ضبط ودعم الأمن العربي والخليجي، أمام الاختراق الإيراني الواضح في عدة دول، المدعوم من روسيا وأمريكا، واستخدام أداة القاعدة ثم داعش لترهيب المنطقة!
أتمنى أن يعي الشعب العراقي حجم الخدعة الكبرى التي يعيشونها، وألا ينساقوا وراء شعارات طائفية براقة، ازدادوا معها فقراً، وزاد معها الكبار ثراءً، أمام صمت مدقع لرجال الدين، الذين استخدموهم طائفياً لمنصب ومال ومتعة، وهم فازوا بالملايين!
عيب ما يحصل من الإخوة في الجوار، وقد جمعتهم مع أبناء الكويت أنساب وعلاقات اجتماعية واقتصادية، والكل يعلم ان العديد من الكويتيين يمتلكون مزارع وأسواق وعقارات في جنوب العراق، ويسترزق منها عراقيون، ويسكنها عراقيون بالمجان منذ الاحتلال العراقي عام ١٩٩٠م حتى الآن، وبدأت في السنوات الأخيرة مشاريع استثمارية كويتية هناك، والمستفيد الأكبر هو الشعب العراقي، وهذا يتطلب الحرص على حسن الجوار.
أما الجانب الكويتي.. الرسمي والشعبي؛ فعليهما بالحكمة في التعامل مع مثل هذه الأمور، وضرورة أخذ التدابير والحيطة اللازمة لحفظ أمن البلاد وسلامة أراضيها، والعمل على تعزيز الوحدة الوطنية التي تعتبر السد المنيع أمام أي تهديد خارجي يواجه البلاد. اضافة الى ضرورة التنسيق مع الأشقاء في دول مجلس التعاون، وتفعيل الاتفاقيات الأمنية، وإحاطة الشعب الكويتي بجميع الحقائق درءاً للشائعات والفتن.
اللهم احفظ الكويت وشعبها من مل مكروه.