مقالات وكتاب
اربطوا الحزام يا أهل الخليج
بقلم: أ. عبدالله خالد العبدالمنعم
وافق مجلس الوزراء الموقر في اجتماعه الأسبوعي مؤخراً على إقرار قانون ضريبة القيمة المضافة وضريبة السلع الانتقائية، تمهيدا لإحالتهما إلى مجلس الأمة لاعتماد القانون أو رفضه مع بداية دور الانعقاد القادم، والقانون الضريبي الجديد ليس بدعة .. !! بل هو امتداد لتوقيع نهائي بين وزراء مالية دول مجلس التعاون الخليجي على تطبيق هاتين الضريبتين جرى نهاية العام الماضي، حيث بدأت بعض دول مجلس التعاون الخليجي تطبيق الضريبة الانتقائية مثل المملكة العربية السعودية، والتي أعلنت في شهر يونيو الماضي دخول هذه الضريبة حيّز التنفيذ، على أن يبدأ العمل بضريبة القيمة المضافة مطلع 2018. ولعل المملكة هي أسرع دول الخليج تنفيذاً للاتفاق الضريبي المعلن نظرا لعجز الموازنة المالية الكبير لديها مقارنة ببقية دول الخليج، حيث هرولت سريعا لتطبيق ضريبة السلع الانتقائية، رغبة من صانع القرار السعودي في إجراء «عمليات جراحية سريعة» في البنية المالية للشقيقة الكبرى.
بيد أن الأمر مختلف تماما في دولة الكويت حيث يقوم نظام الدولة على الديمقراطية والمشاركة الشعبية، وقد نص دستور الكويت صراحة في المادة (51) أن “السلطة التشريعية يتولاها الأمير ومجلس الأمة»، وبالتالي فلا يمكن تمرير قانون الضريبتين بأي حال من الأحوال دون موافقة مجلس الأمة، رغم أن المادة (48) من الدستور ذكرت أن «أداء الضرائب والتكاليف العامة واجب وفقا للقانون، وينظم القانون إعفاء أصحاب الدخول الصغيرة من الضرائب بما يكفل عدم المساس بالحد الأدنى اللازم للمعيشة». وفي تقديري أن القانون سيمرر في المجلس بعد مسلسل كوميدي سامجروطويل من التصعيد والتكسبات السياسية وبعد ضمانات حكومية بعدم مس جيب أصحاب الدخول الصغيرة وبما يكفل العدالة الاجتماعية، أي أنه سيقر بالنهاية.
لكن ماهي الضريبة الانتقائية ؟ وضريبة القيمة المضافة ؟ الضريبة الانتقائية تفرض على بعض السلع بهدف تقليل استهلاكها، مثل السجائر والمشروبات الغازية وبعض الأدوية.. الخ. أما ضريبة القيمة المضافة فهي التي تفرض على معظم توريدات السلع والخدمات التي يتم شراؤها وبيعها، كما تعرف بأنها الفرق بين سعر التكلفة وسعر القيمة المباعة للسلعة، علما بأن كلا الضريبتين لا يزيد عن 5%، وهما من الضرائب المطبقة في 150 دولة حول العالم بما فيها دول الاتحاد الأوروبي. بيد أن دول مجلس التعاون الخليجي ستستثني 100 سلعة وخدمة من ضريبة القيمة المضافة منها السلع الاستهلاكية المعيشية الأساسية وخدمات التعليم والصحة بغرض الحفاظ على المستوى المعيشي، كما تركت الاتفاقية الضريبية الجديدة لدول الخليج الحق لكل دولة لفرض أو عدم فرض ضرائب على الخدمات المالية و العقارية وخدمات النقل المحلي وصناعة النفط والغاز، الجدير بالذكر أن تطبيق هذا النوع من الضرائب يتطلب كيان قانوني و مؤسسي حكومي يمتلك تدريب فني خاص.
لكن ان نظرنا إلى الزاوية الاقتصادية لمسألة الضرائب فلدي رأي مسبق طرحته في مواقع التواصل الاجتماعي في أكثر من مناسبة، وهو أن الزكاة هي البديل الشرعي للضرائب، لا أعني أن الضرائب يشوبها النهي الشرعي المطلق والتام، لكن ما أعنيه هو ألا نلجأ لها إلا بعد استنفاد حق الزكاة كأداة مالية للاقتصاد القومي للدولة، بمعنى أنه في حال لم تكف الزكاة لسد حاجة خزينة الدولة – بعد إخراج كل مسلم عليه حق الزكاة – حينها نلجأ للضريبة. الأمر الآخر المهم هو أن ضريبة القيمة المضافة وضريبة السلع الانتقائية تعتبران من الضرائب غير المباشرة، أي أنها على المنتج لكن يتحملها في نهاية المطاف المستهلك .. !! وهذا هو مكمن الإشكال، فيترتب على ذلك ارتفاع مستوى التضخم وزيادة مستوى الأسعار، رغم أنه يجدر التفريق بين الأثر الاقتصادي لكل من ضريبة القيمة المضافة وضريبة السلع الانتقائية، فالأولى ستساهم بشكل أكيد في زيادة طفيفة بالأسعار بطبيعة الحال، رغم أن الأخيرة ستوجه الدخول نحو الادخار بدلا من الاستهلاك المفرط مما يعيد مستوى أسعار هذه السلع المنتقاة إلى الطبيعي.
بقي أن نقول أن الضرائب بشتى أنواعها تعد أحد وسائل تنويع مصادر الدخل وتقليل فجوة العجز، حيث ذكرت دراسة حكومية منشورة أن ضريبة القيمة المضافة وضريبة السلع الانتقائية تساهمان بإيرادات متوقعة تتخطى 800 مليون دينار كويتي في عام 2018، ورغم أن الضرائب ليست شرا مطلقا ولا خيرا مطلقا، إلا أن تطبيق ضريبة القيمة المضافة وضريبة السلع الانتقائية سيكون بالون اختبار اقتصادي واجتماعي نحو فرض مزيد من الضرائب مستقبلا في الخليج، ومن أبرزها : ضريبة الدخل على الشركات.