أخبار
التاجر النوخذة محمد ثنيَان الغانم المفترى عليه
للأسف في الآونة الأخيرة انتشر في وسائل التواصل الاجتماعي مايقوم به بعض السفهاء من تزوير تاريخ التاجر والسياسي محمد ثنيان الغانم رحمه الله بسبب عدائهم وحقدهم وحسدهم لأسرة الغانم أو لبعض أفرادها.
هو السياسي الكويتي المحنك عضو المجلس الشريعي الكويتي الأول، أول مجلس تشريعي في الكويت تم تشكيله في تاريخ 29 يونيو 1938 وهو أول مجلس نيابي منتخب في تاريخ الكويت السياسي في عهد الشيخ أحمد الجابر الصباح.
وجرت أول انتخابات نيابية لأعضاء المجلس التشريعي في ديوانية الصقر فاز فيها كل من : محمد ثنيان الغانم (استقال فحل محله محمد بن شاهين الغانم)، عبد الله حمد الصقر، الشيخ يوسف بن عيسى القناعي، سيد علي سيد سليمان، مشعان الخضير الخالد، عبد اللطيف محمد الثنيان، سليمان خالد العدساني، يوسف المرزوق، صالح العثمان الراشد، يوسف صالح الحميضي، محمد داود المرزوق، سلطان الكليب، مشاري البدر، وخالد الحمد.
وعقد المجلس التشريعي اجتماعاته وأقر قانونا بصلاحياته رفعه مع مذكرة إلى الحاكم بتاريخ 12 جمادي الأول 1357 هـ طالبه بالتصديق عليه ، ومما جاء في تلك المذكرة:
”إن أعضاء المجلس جميعا لم يرتاحوا ولم يقتنعوا بهذه البيانات الشفهية ففي الظروف التي توليتم بها الحكم قطعتم على أنفسكم أن تجعلوا الحكم بينكم وبين الأمة شورى ، ومضت الأيام ولم تر الأمة تحقيقا لما وعدتم “.
وإزاء شدة المطالبة الشعبية صودق على قانون الصلاحيات الأساسية لمجلس الأمة .. الذي جاء فيه أن ” الأمة مصدر السلطات ممثلة في هيئة نوابها المنتخبين .. ومجلس الأمة التشريعي مرجع لجميع المعاهدات والامتيازات الداخلية والخارجية والاتفاقيات .. ورئيس مجلس الأمة التشريعي هو الذي يمثل السلطة التنفيذية في البلاد”.
ومحمد ثنيان الغانم هو من أكبر تجار الكويت منذ أكثر من قرن من الزمان وأحد أبرز نواخذة الكويت الكبار، ولد رحمه الله في منطقة القبلة (جبلة) عام 1882، ضمن عائلة عرفت بعملها التجاري، فهو يرجع إلى عائلة الغانم العريقة التي هاجرت إلى الكويت منذ أكثر من ثلاثة قرون، ويعود نسب عائلة الغانم إلى غانم بن جبر بن علي الزايد، وهم من العلي من الدهامشة من العمارات من قبيلة عنزةالعريقة، وهم من عوائل حلف العتوب، ويذكر أن تسمية الزايد هي صفة جدهم الأول الذي اشتهر بالكرم.
وقد بدأ محمد ثنيَان الغانم بتعلم القراءة والكتابة على يد الشيخ عبد اللطيف بن عمر، وعندما أكمل ربيعه الثاني عشر اتجه إلى العمل في البحر مع خاله النوخذة صقر العبد الله الصقر، وفي سن الخامسة عشر أصبح نوخذة على السفن، وعندما أصبح في الخامسة والعشرين من العمر استلم تجارة أخواله، وأصبح وكيلها في الهند، ليعمل رفقة أخيه ثنيَان ثنيَان، وفي عام 1938 دخل عالم السياسة ليكون عضوًا في المجلس التشريعي الكويتي الأول كما مر سالفا.
توفي محمد ثنيَان الغانم عن عمر 84 عام حيث ولد في عام 1882 ضمن عائلة عرفت بحبها للبحر والتجارة، فأخواه رجلا البحر والتجارة يوسف ثنيَان الغانم وثنيَان ثنيان الغانم، حيث دخل عالم البحر مبكرًا؛ مما أكسبه خبرة واسعة كانت السبب في تسميته بالبنان وهو في سن الخامسة والعشرين، حيث ازدهرت تجارته رفقة أخيه ثنيَان ثنيَان الغانم ليصبحا مرجعًا تجاريًا وبحريًا لتجار ونواخذة الكويت.
بوم المهلب ومحمد وثنيان الغانم
اشتهرت دولة الكويت قبل اكتشاف النفط في القرن العشرين بالسفن الشراعية الخشبية، وتميز صناع السفن الكويتيون ويسمون الأستاذية أو القلاليف (نجار السفينة) في تصميم السفن الخشبية (البوم)، ومن خلالها اكتسبت الكويت سمعة من أفضل صناع السفن بالخليج , وكانت تمتلك أسطولا يعتبر الأكبر في الشرق الأوسط من حيث العدد، ويقدر ب900 سفينة خشبية بأحجامها وتسمياتها واستعمالاتها المختلفة.
وكانت تستعمل في التجارة والصيد والغوص للبحث عن اللؤلؤ ونقل المياه ,كانت هي العصب الرئيسي للاقتصاد الكويتي وعلى حياة المواطنين الكويتيين.
وكان لها أيضاً دور كبير في الاقتصاد والتجارة والملاحة في الخليج العربي.
من القرن السابع عشر حتى أواخر الأربعينيات من القرن العشرين، كانت السفن الخشبية الكويتية تبحر حاملة التمور من العراق (البصرة) إلى موانئ في غرب الهند وجنوب شبه الجزيرة العربية.
وتحمل الأخشاب والحبال والأرز والشاي والسكر والبهارات من الهند ومن ساحل أفريقيا الشرقية، مرورا بالخليج العربي ذهابا وإيابا.
ومن أشهر هذه السفن كانت سفينة المهلب، والتي مازالت موجودة، حتى يومنا هذا، شاهدة على هذه الحقبة من التاريخ في متحف الكويت الوطني، قبالة ساحل مدينة الكويت . وتعود ملكية سفينة المهلب للأخوين ثنيان الغانم ومحمد الغانم.
وسفينة المهلب ( تسمى بوم) وهي من نوع السفار، كانت إحدى هذه السفن.
وأنزلت البحر أول مرة في بداية صيف سنة 1937 واستغرق بناؤها حوالي 70 يوماً، وتقدر حمولتها ب 225 طناً وسبب تسميتها المهلب هو أن عبد اللطيف الغانم ابن الحاج محمد ثنيان الغانم أراد أن يحيي ذكرى بطل من أبطال الإسلام وهو المهلب بن أبي صفرة (داود ابن المهلب) الذي ولي مصر سنة 812.
وكان قبطان السفينة (يسمى النوخذه) المهلب من أشهر نواخذة الكويت هو الحاج حسين عبد الرحمن العسعوسي، واستمر في قيادتها حوالي 15 عاما وتم منحه شهادة الخبرة في الشئون البحرية من قائد البارجة البريطانية (شورهام) وذلك تقديرا له. وتوفي سنة 1986.
وللمهلب دور كبير خلال الحرب العالمية الثانية في نقل البضائع من الهند إلى الكويت والبصرة فهي سفينة سريعة لا مثيل لها .
وبقيت المهلب أمام منزل صاحبها ثنيان الغانم بعد تقاعده حتى طلب الشيخ عبد الله الجابر الصباح مدير المعارف آنذاك (وزير للتربية ) عام 1960 شراء المهلب لحفظه للأجيال القادمة ووضعه بالمتحف ولكن الحاج ثنيان الغانم أهدى المهلب لوزارة التربية لحبه للكويت وأهلها، وحتى يتسنى للأجيال القادمة التعرف والاطلاع على تراث الكويت, ووضع المهلب أمام ساحل ثانوية الشويخ القديمة (حاليا جامعة الكويت ) حتى عام 1983 بعد ذلك تم نقله إلى مبنى المتحف الوطني.
اثناء الغزو 1990 حرقها الجيش العراقي قبل انسحابه من الكويت، وفي سنة 1996، أمر أمير الكويت الراحل، الشيخ جابر الأحمد الصباح بإعادة بنائها في نفس المكان الذي حرق به متحف الكويت الوطني, وقد اختير لبنائها الأستاذ جاسم الصباغة مع مجموعة من القلاليف الكويتيين. جميعهم من الرعيل الأول الكويتيين واستغرقت عملية إعادة بنائها حوالي السنة والنصف.
وأحضرت الأخشاب من الهند واستغرق بناؤها حوالي السنة والنصف. وفي عام 1997 تم الاحتفال بعد ما تم الانتهاء من بنائها بحضور أمير البلاد الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح .