أخبار
السفير التونسي: ندعم ترشيح الكويت لعضوية «الفرانكوفونية».. وانضمامها إلى المنظمة يتسق مع دورها الإنساني ورسالتها الحضارية والثقافية
تونس أول دولة عربية وشمال أفريقية تحتضن القمة بحضور قادة دول ورؤساء حكومات من القارات الخمس 19 و20 نوفمبر 2022
«الفرانكوفونية» تثري المخزون الحضاري والثقافي للدول الأعضاء وتمثل أداة ناجعة لتعميق العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية
مصممون على إنجاح قمة «جربة للفرانكوفونية» وأن تكون بمنزلة انطلاقة جديدة لعمل المنظمة في التعاون الاقتصادي وتقليص الفجوة الرقمية بين الأعضاء
قمة «جربة» تركز على المجال الرقمي كمحرك للتنمية ودعامة أساسية لتمتين التعاون والشراكة بين الدول الأعضاء في المنظمة الدولية للفرانكوفونية
أجرى اللقاء: أسامة دياب
أكد السفير التونسي لدى البلاد الهاشمي عجيلي، أن بلاده تدعم ترشح الكويت لعضوية «الفرانكوفونية»، مؤكدا أن انضمامها الى المنظمة في المستقبل يتسق مع دورها الإنساني ورسالتها الحضارية والثقافية. وأشار السفير عجيلي، في لقاء خاص لـ «الأنباء»، إلى أن اختيار بلاده لاستضافة القمة الـ 18 للفرانكوفونية في جزيرة جربا يعود إلى عدة اعتبارات تاريخية وحضارية، منها أن بلاده من الدول المؤسسة للفرانكوفونية في مارس 1971، بالإضافة إلى أن تونس قد أولت بناء المشروع الفرانكوفوني اهتماما موصولا باعتباره أداة لدعم وتعزيز روابط الصداقة والتضامن والتعاون بين الشعوب، فضلا عن دورها في إثراء المخزون الحضاري والثقافي للدول الأعضاء، كما تمثل أداة ناجعة لتعميق العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية مع مختلف دول العالم. ولفت إلى تصميم بلاده على إنجاح قمة «جربة للفرانكوفونية» وأن تكون بمنزلة انطلاقة جديدة لعمل المنظمة في التعاون الاقتصادي وتقليص الفجوة الرقمية بين الدول الأعضاء.. فإلى التفاصيل:
لماذا تم اختيار تونس لاستضافـة الـدورة الـ 18 للقمة الفرانكوفونية؟
٭ حظيت تونس خلال الدورة الـ 16 للقمة الفرانكوفونية المنعقدة بأنتاناريفو في نوفمبر 2016 بشرف احتضان الدورة الـ 18 للقمة الفرانكوفونية في جزيرة جربة السياحية، وستتزامن هذه القمة مع الاحتفال بالذكرى الخمسين لإنشاء الفرانكوفونية المؤسسية. ويعود اختيار بلادنا لاستضافة هذه القمة الى عدة اعتبارات تاريخية وحضارية، فتونس تعتبر من الدول المؤسسة للفرانكوفونية مع كل من السنغال والنيجر وكمبوديا في 20 مارس 1970، والتي كانت تسمى حينها وكالة التعاون الثقافي والتقني، وقد أولت تونس بناء المشروع الفرانكوفوني اهتماما موصولا باعتباره أداة لدعم وتعزيز روابط الصداقة والتضامن والتعاون بين الشعوب، فضلا عن دورها في إثراء المخزون الحضاري والثقافي للدول الأعضاء، كما تمثل أداة ناجعة لتعميق العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية مع مختلف دول العالم. وباعتبارها بلد الحضارات العريقة منذ آلاف السنين، فقد تجذرت في الهوية التونسية العديد من الأبعاد المغاربية والعربية الإسلامية والأفريقية والمتوسطية والدولية، وهو ما أهلها على الدوام لتكون بلدا منفتحا متسامحا يعتز بموروثه الثقافي والتاريخي المتعدد ويبحث باستمرار عن فضاءات جديدة للتعاون والشراكة مع البلدان والشعوب الأخرى. وقد حرص رئيس الجمهورية قيس سعيد في مختلف لقاءاته واتصالاته المتعددة مع الأمين العامة للمنظمة الدولية للفرانكوفونية وعدد من قادة الدول الأعضاء على تأكيد تصميم تونس على إنجاح قمة جربة للفرانكوفونية، وأن تشكل هذه القمة انطلاقة جديدة لعمل المنظمة في مجال التعاون الاقتصادي وتقليص الفجوة الرقمية بين الدول الأعضاء وكذلك تجسيد مقومات التعافي الاقتصادي وفقا لمبادي التعاون والتضامن والتكافل بين الشعوب الفرانكوفونية.
ما الدلالات الرمزية لاختيار جزيرة جربة كمقر للقمة الـ 18؟
٭ اختيار جزيرة جربة لاحتضان القمة الفرانكوفونية يعود بالأساس إلى الإرث التاريخي الذي تتمتع به الجزيرة التونسية ورمزيتها الحضارية والثقافية الفريدة من نوعها في منطقة حوض المتوسط والعالم.
88 دولة
ما آخر الاستعدادات لاحتضان تونس للدورة الـ 18 لقمة الفرانكوفونية؟
٭ في البداية اسمحوا لي بالتذكير بأن تونس تعتبر أول دولة عربية وشمال أفريقية تحتضن هذا اللقاء المهم بحضور قادة دول ورؤساء حكومات من القارات الخمس، حوالي 88 دولة، حيث تقرر عقد القمة الـ 18 في جزيرة جربة يومي 19 و20 نوفمبر 2022 وفي إطار الإعداد لاحتضان بلادنا لهذه القمة تم استحداث لجنة وطنية لتنظيم هذه التظاهرة برئاسة وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج وعضوية ممثلين عن رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة وممثلي 19 وزارة، مهمتها إعداد مختلف الجوانب المادية واللوجستية المتعلقة بالقمة.
محاور القمة
ما أبرز المحاور الرئيسية لقمة جربة؟
٭ حرصت تونس في اختيارها للمحور الأساسي للقمة على النأي عن المواضيع المعتادة وانتقاء موضوع مبتكر ومرتبط بالتقنيات الجديدة، بما يضفي صبغة اقتصادية على قمة جربة، وفي هذا الاطار تم وبالتنسيق مع الامانة العامة للمنظمة الدولية للفرانكوفونية اختيار شعار «التواصل في إطار التنوع: التكنولوجيا الرقمية كرافد للتنمية والتضامن في الفضاء الفرانكوفوني». ويندرج تركيز قمة جربة على المجال الرقمي كمحرك للتنمية ودعامة اساسية لتمتين التعاون والشراكة بين الدول الأعضاء في المنظمة الدولية الفرانكوفونية، في إطار نظرة استشرافية لتحسين أداء المنظمة والتغلب على التحديات الماثلة امام شعوبها والناجمة عن تفشي جائحة «كوفيد-19»، ومستلزمات التعافي من تداعياتها الصحية والاجتماعية والثقافية.
كما سيتيح هذا المحور الفرصة لتعميق التشاور وتبادل الآراء من أجل بلورة مقاربة مشتركة جديدة للتعاون في المجال الرقمي تمكن من المساعدة على تحقيق التعافي السريع والانتعاشة الاقتصادية المنشودة مع المساهمة في الوقت ذاته في تعزيز التضامن والشراكة بين الدول الأعضاء.
وتؤكد تونس في هذا السياق على أهمية الاستفادة المشتركة من الثورة الرقمية التي يعرفها العالم في القرن الـ 21، في إطار من التعاون والتضامن الحقيقي الذي يكفل تقليص الفوارق بين الدول سواء على مستوى الحصول على الخدمات أو مستوى الأداء وكلفة الخدمات، وهو شرط أساسي لتحقيق التنمية المستدامة والانتعاش الاقتصادي المطلوب.
برنامج القمة
ما برنامج القمة الفرانكفونية وأهم التظاهرات التي ستشهدها؟
٭ برنامج القمة سيكون كالأتي:
ـ من 13 إلى 19 نوفمبر2022: القرية الفرانكوفونية.
ـ يوم 18 نوفمبر 2022: الدورة 41 للمؤتمر الوزاري للفرانكوفونية.
ـ يومي 19 و20 نوفمبر 2022: القمة 18 لقادة دول ورؤساء حكومات البلدان الفرانكوفونية.
ـ يومي 20 و21 نوفمبر 2022: المنتدى الاقتصادي للفرانكوفونية.
نود اعطاءنا فكرة أوضح حول المنتدى الاقتصادي والقرية الفرانكوفونية؟
٭ فيما يتعلق بالمنتدى الاقتصادي تجدر الإشارة في البداية إلى أن المنتدى الاقتصادي للفرانكوفونية والذي انطلق سنة 2014 بالسنغال، يعد مكونا مهما في العمل الاقتصادي للمنظمة الدولية للفرانكوفونية، ولقد حددت وثيقة «الإستراتيجية الاقتصادية للفرانكوفونية» المتبناة للفترة 2020 ـ 2025، القضايا الرئيسية والأهداف المنشودة لكل عمل من أعمال التنمية الاقتصادية التي تستقطب كل الأطراف المعنية وذات المصلحة في العالم الناطق بالفرنسية. ويمثل «الازدهار المشترك والمستدام» الهدف الاساسي للاستراتيجية الاقتصادية للمنظمة، والذي يستلزم تفعيل دور الفرد وخصوصا الشباب والمرأة في دفع عملية التنمية. وبخصوص سير عمل المنتدى الاقتصادي لقمة جربة، فإن تونس تدرك بأن «مسألة التعافي الاقتصادي من جائحة كورونا» تمثل أبرز التحديات المطروحة أمام هذا المنتدى. كما سيخصص المنتدى حيزا مهما لمناقشة موضوع «من أجل تنمية تشاركية في الفضاء الفرانكوفونية»، وذلك من خلال ثلاث ورشات تتعلق بـ:
1 ـ تعزيز إدماج سلاسل القيمة في الفضاء الفرانكوفونية.
2 ـ تمويل التنمية المستدامة في الفضاء الفرانكوفونية.
3 ـ تنمية قدرات شباب ونساء الفضاء الفرانكوفونية من أجل جعلهم عناصر فاعلة ومؤثرة في التنمية الاقتصادية الدولية.
كما سيتعين على كل ورشة الخروج بورقة عمل تحتوي تقييما للوضع الراهن في فضاء الفرانكوفونية ومجموعة من التوصيات العملية لتحسين ذلك، ترفع فيما بعد إلى صناع القرار في الدول الفرانكوفونية. أما بخصوص القرية الفرانكوفونية: ستقام بفضاء «منتزه جربة الاستكشافي» وتمتد أنشطتها من 13 إلى 19 نوفمبر 2022 حيث ستكون هذه القرية بمثابة موقع يجمع مختلف الثقافات للبلدان المشاركة بما سيتيح إبراز ما تزخر به الفرانكوفونية من تنوع وعراقة.
كما سيتاح لزائري هذا الفضاء فرص اكتشاف إبداعات مختلف المشاركين في هذه القرية. وهكذا سيحظى تراث 88 بلدا عضوا في المنظمة الدولية للفرانكوفونية وعاداتها الثقافية ومعالمها السياحية واختصاصاتها في الصناعات التقليدية والخزف والأطعمة وغيرها بشرف العرض على نظر الزائرين.
ترشيح الكويت
شاركتم مؤخرا في اجتماع بمقر السفارة الفرنسية حول الفرانكوفونية، هل من فكرة حول هذا النشاط؟
٭ شاركت يوم 7 مارس الجاري في الاجتماع الثالث لمجلس سفراء البلدان الفرانكوفونية في الكويت، الذي يرأسه بصفة فخرية سمو الشيخ ناصر المحمد ويضم في عضويته سفراء الدول الناطقة بالفرانكوفونية.
وتناول اللقاء التحضيرات الجارية لتنظيم الأيام الفرانكوفونية التي تمتد من 08 إلى 30 الجاري وتتضمن عروضا فنية وسينمائية ورياضية وندوات ثقافية ومسابقات للأطفال وغيرها، وتهدف هذه الأنشطة إلى تعريف المجتمع الكويتي بخصائص الثقافة الفرانكوفونية.
وعبرت الجمهورية التونسية في العديد من المناسبات عن دعمها لترشيح الكويت إلى عضوية المنظمة الفرانكوفونية وتعتقد أن انضمام الكويت في المستقبل إلى هذه المنظمة سيكون له فوائد مهمة بالنظر إلى دور الكويت الإنساني ورسالتها الحضارية والثقافية وانفتاح مجتمعها على الشعوب والثقافات الأخرى.
ما لا تعرفه عن جزيرة جربة
٭ جربة هي إحدى الجزر التونسية الواقعة في جنوب شرق تونس وتتبع إداريا لمحافظة مدنين، تبلغ مساحتها حوالي 514 كلم2، وتعد أكبر جزر شمال أفريقيا، حيث يصل طول شواطئها أيضا إلى 125 كلم.
٭ وصل الفينيقيون إلى جزيرة جربة سنة 253 قبل الميلاد وكانت ميناء مهما للقرطاجيين كما كانت مسرحا للصراع مع الاغريق والرومان وغيرهم من الحضارات المتعاقبة وذلك لموقعها الاستراتيجي وخيراتها الوفيرة، ويعتبرها المؤرخون والمختصون «كونا نفيسا» لزخرفها الانثروبولوجي والديموغرافي والبيئي والمعماري والذي حافظت عليه لقرون مديدة.
٭ ارتبط تاريخ جربة بأسطورة «أوليس» حيث تقول الأسطورة أن البشرية اكتشفت «النسيان» في جزيرة جربة، وتحديدا بعد هروب «أوليس» صاحب واقعة حصان طروادة من خصومه ووصوله إلى سواحل جربة.
٭ تفيد الاسطورة أن أوليس كلف اثنين من جنده باستكشاف جزيرة جربة قبل النزول بها لكنهما فتنا بجمال الجزيرة وطيبة أهلها الذين عرفوا بأكل «زهرة اللوتس» تلك الزهرة التي مجدها الفراعنة وتغنى بها شعراء الصين القدامى ومن فرط جمال الجزيرة والانشغال بأكل ثمرة اللوتس، نسي الجنديان مهمتهما السفينة والوطن وأصبحا يعيشان في كهف النسيان.
فما كان من «أوليس» إلا أن نزل بنفسه للبحث عنهما، وكاد هو الآخر أن يقع في حبائل النسيان لانشغاله ببهاء الجزيرة والحفاوة التي لقيها من «آكلي اللوتس»، وشفعت له تجربة ذاكرة «النسيان» في جربة في حصوله على عفو أهله في اليونان.
٭ تحتضن الجزيرة التونسية «كنيس الغربية» الذي يعد من أقدم وأكبر المعابد اليهودية في العالم وتفيد بعض الروايات أن المعبد المذكور يضم أقدم نسخة من التوراة، وحجرة من هيكل سليمان، وخلال الفترة من 25 ابريل إلى 2 مايو من كل سنة يحج من شتى بقاع العالم إلى هذا المكان الذي يسمى بـ «الغريبة» نسبة إلى مرأة طاهرة عرفت بكراماتها وشيدت لها الطائفة اليهودية مقاما بالمعبد وسمي باسمها.
٭ تمثل جربة «رمزا للتعايش والتسامح بين الأديان والأعراق» حيث تضم خليطا من السكان العرب والامازيغ والافارقة والاوروبيين، بالإضافة إلى معتنقي الديانت اليهودية والمسيحية والاسلامية (سنة مالكية واقلية إباضية).
٭ تعد جربة من أهم الوجهات السياحية بحوض المتوسط (370 نزلا ومنتجعا سياحيا) ويطلق عليها اسم جزيرة «الأحلام» وذلك لسواحلها الخلابة وأسوارها ومساجدها ومتاحفها وقصورها الجميلة ومعمارها التقليدي البسيط والذي يضفي عليها مسحة من السلام والاصالة.
٭ تضم جزيرة جربة أكبر قرية لتماسيح النيل في منطقة المتوسط (أكثر من 400 تمساح) ومتاحف متخصصة في الصناعات التقليدية ابرزها متحف قلالة.
المصدر : الانباء