مقالات وكتاب

راتب بـ 10 مليار دينار .. !!

بقلم: أ. عبدالله خالد العبدالمنعم

لعل من يقرأ هذا العنوان يظن أننا أمام عنوان لقصة ألف ليلة وليلة أو رواية لإحدى أساطير الحضارات الغربية والشرقية، لكن المفاجأة أن هذا الأمر حقيقي تماما .. !! نعم هناك راتب بـ 10 مليار دينار كويتي أو يزيد عليه، إنه إجمالي باب الرواتب في القطاع الحكومي للسنة المالية 2017/2018، وكي أنقل الرقم بشكل دقيق حسبما نُشر لدراسة أعدتها لجنة الميزانيات والحساب الختامي بمجلس الأمة، أن إجمالي مجموع الرواتب في القطاع الحكومي وعقود مؤسسة البترول والجهات الملحقة والمستقلة للسنة المالية 2017/2018 هو 10,247,983,864 دينار كويتي، والأهم في ذات الموضوع أن الزيادة في باب الرواتب عن السنة المالية التي قبلها تعادل 1,693,367,564 دينار كويتي!! مما يؤكد أن هناك نمواً كبيراً في باب الرواتب والأجور حيث يمثل هذا الباب 22% من إجمالي المصروفات في الميزانية العامة لدولة الكويت.

هذه هي قراءة سريعة وبلغة الأرقام لمكمن الخلل في الهيكلة المالية العامة للدولة، ولو لخصنا ما سبق بعبارة بسيطة سنقول أن: استمرار التضخم السنوي لرواتب القطاع الحكومي هو «ورم سرطاني» للنظام المالي للدولة، والحل هو إعادة صياغة الهيكلة المالية للدولة كي تتحول من دولة ريعية منفقة إلى دولة تجلب الاستثمارات الأجنبية وتنوع مصدر الدخل القومي، ولعل هذا الحل يتطلب – قبل كل شيء – تهيئة الأجواء ببث الوعي لدى المواطن البسيط قبل أن يمسك المسؤول ورقة وقلم لاستصدار قرار، إذ أن تقبل المواطن لأي قرار من عدمه مرهون ببيان خطورة استمرار النظام المالي الحالي كماهو، كما يجدر ذكر أهم إيجابيات وسلبيات الإصلاحات الاقتصادية للسياسات المالية برسائل إعلامية توعوية بسيطة يسهل هضمها وتقبلها من الجميع.

إن تحول الدولة من عقلية «الاقتصاد الريعي» إلى عقلية «الاقتصاد المستدام» هي الفلسفة الاقتصادية التي يجب أن نسير خلفها حتى عام 2035 لتحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري عالمي، كما تقلل هذه الفلسفة الاقتصادية حجم مصاريف الرواتب التي تتحملها الموازنة المالية العامة في كل سنة، وهذا يتلخص من خلال المرتكزات الآتية:

1- خصخصة المرافق العامة كقطاع الاتصالات والنقل والكهرباء والماء والقطاعات الخدمية الآخرى، مما يخفض كلفة الرواتب والأجور على كاهل الدولة، ويرفع الناتج المحلي الأمر الذي يعزز الاقتصاد الوطني.

2- استخدام نظام الـB.O.T و B.O.O.T و B.L.T في تمويل المشروعات التنموية ذاتيا بدلا من نظام المناقصات الذي يستنزف ميزانية الدولة.

3- تشجيع المواطن للعمل في القطاع الخاص و التوجه نحو المشاريع الصغيرة، من خلال تحسين بيئة الأعمال وتوفير التمويل اللازم وتذليل كافة الإجراءات الإدارية والبيروقراطية.

4- فتح الاستثمار الأجنبي على مصراعيه للشركات الكبرى – لاسيما في قطاع التكنولوجيا والصناعات – بملكية أجنبية خالصة داخل الكويت.

5- منح حق «الإقامة الدائمة» للوافد بشرط وجود مشروع تجاري له داخل البلاد مع رسوم خاصة تفرض نتيجة الرعاية الصحية والتعليمية والخدمات التي يتمتع بها في الكويت بشكل أفضل من بلده.

 

هذه هي بعض الأساليب لحل هذه المعضلة، وإلا فالمشكلة تستلزم عملية جراحية أكثر عمقا لتغيير بنية الاقتصاد الريعي إلى اقتصاد تنموي مستدام، وهذا لن يتأتى دون خلق وعي اقتصادي بين المجتمع الواحد لتقبل أكثر للفكرة.

 

 

الوسوم

تعليق واحد

  1. الله يعطيك العافية على المقالة الطيبة
    للأسف أن قطار التنمية الاقتصادية لا يسير والمسيرة الاقتصادية الحالية لا تتجه نحو اقتصاد مستدام بل هو اقتصاد ريعي مُستنزف للأسف – وهذا نذير خطر – نحتاج إلى قيادات حازمة ذات كفاءة تمتلك رؤية حقيقية وتعمل بجد على فترة زمنية محددة وتتخذ إجراءات جريئة ولكن إجراءات مثمرة وواعدة وعادلة ومنصفة لتحقيق الاقتصاد المستدام ..

إغلاق
إغلاق