مال وأعمال
عقاريون: «السكني» وجهة المستثمرين في 2021.. و«الاستثماري» آمن

تفاوتت تأثيرات أزمة جائحة فيروس كورونا المستجد على القطاع العقاري في الكويت، ففي الوقت الذي شهدت فيه أسعار العقارات السكنية ارتفاعا جنونيا خلال 2020، فإن قطاع العقار الاستثماري شهد تراجعا بسيطا على صعيد الايجارات وقيمة العقار ذاته، في حين نجح القطاع التجاري في التغلب على آثار الأزمة والحفاظ على استقراره لكن بعد تقديم تضحيات.
وبينما يروج البعض بأن أسعار العقار قد وصلت إلى مستويات مرتفعة وأن العام 2021 سيشهد تراجعا كبيرا على مستوى كل القطاعات، فنّد عدد من الخبراء والمسؤولين هذه التوقعات، مؤكدين على أن أسعار العقارات في الكويت لن تشهد هبوطا كبيرا، إلا في حال وقوع كارثة كبيرة (لا قدر الله)، مؤكدين أن أسعار العقارات في مختلف القطاعات ستظل على نفس مستوياتها الحالية في 2021 مع انخفاض بسيط للقطاع الاستثماري بشكل خاص، لسبب بسيط ألا وهو ارتباط هذا القطاع بموضوع العمالة الوافدة والتركيبة السكانية التي تسعى الحكومة جادة لحلها خلال المرحلة الحالية.
وأشار الخبراء، إلى ان وضع العقار في الكويت يختلف عن غيره من الدول، فالعقار السكني يبقى حاجة ملحة للمواطنين ولن ينهار كما يروج خلال 2021، كما أن العقار الاستثماري يعتبر ملاذا آمنا وبديلا وحيدا تقريبا للمستثمرين في ظل غياب فرص الاستثمار الاخرى، وبالتالي فإن الطلب على العقار يبقى حاجة ملحة للتجار والمستثمرين على حد سواء.. وفيما يلي التفاصيل:
في البداية، أكد رئيس الاتحاد الكويتي لوسطاء العقار عبدالعزيز الدغيشم أن وضع العقار في الربع الاول من 2021 لن يختلف عن وضعه في 2020، لكن هذا الوضع قد يتغير خلال الربع الثاني من العام الجديد، خاصة في ظل حاجة البعض لسداد التزاماتهم البنكية أو الحصول على سيولة مالية.
واضاف أن الربع الثاني من العام قد يشهد نوعا من الهبوط المحدود في أسعار العقار، وهو هبوط اضطراري قد يلجأ له البعض سواء على صعيد العقار السكني او الاستثماري.
وقال الدغيشم إنه لو عادت الأمور إلى طبيعتها في 2021، فإن العقار الاستثماري سيشهد انتعاشا وحركة غير طبيعية، خاصة في ظل توجه الحكومة ممثلة بالبلدية نحو تنظيم القطاع الاستثماري وتحديد أعداد العمالة في الوحدة السكنية، ما سيرفع الطلب على الوحدات الاستثمارية ويزيد من جاذبيتها.
أما بخصوص العقار التجاري فقال الدغيشم إن وضع العقار في هذا القطاع يعتمد على الموقع، فهناك مواقع ناجحة بنسبة 100% وأخرى فاشلة، فبعض المجمعات التجارية لا تتمتع بمواقع جاذبة في حين تمتاز مجمعات وأسواق أخرى بمواقعها مثل سوق المباركية واسواق الفحيحيل وأسواق الجهراء، فهذه المجمعات قريبة من التجمعات السكنية وتستقطب شريحة كبيرة من أفراد المجتمع.
العقار متماسك
بدوره، قال أمين عام اتحاد العقاريين أحمد الدويهيس إنه إذا استمرت هذه الجائحة فلا يتوقع ان يتغير وضع العقار خلال الربع الاول من 2021، حيث من المتوقع ان يواصل القطاع العقاري تماسكه في تلك المرحلة.
وأضاف: إذا دخلنا في مرحلة حجر من جديد وامتدت هذه الحالة حتى مارس وابريل القادمين فلن تكون هناك مؤشرات نستطيع القياس عليها، خاصة أن نجاح عملية التلقيح ومن ثم فتح الحدود مع الدول لن يتم قبل شهر ابريل.
أما بالنسبة للقطاع العقاري الكويتي، فقال ان اسعار العقار السكني مازالت متماسكة ولن تشهد هبوطا كبيرا خلال المرحلة المقبلة، وإن كان هناك هبوط فسيكون هبوطا مسببا كتأثير أزمة اقتصادية أو بداية انهيار اقتصادي عالمي أو بسبب فشل عملية إعطاء اللقاح، وعندها قد يتأثر العقار، لكن إذا عدنا للقاعدة الصحيحة المتعلقة بالعرض والطلب فسنجد أنه ليست هناك عقارات سكنية معروضة للبيع بكثافة، فبالتالي لن يكون هناك هبوط بالاسعار.
وألمح الدويهيس إلى أن التوزيعات الحالية التي تقوم بها المؤسسة العامة للرعاية السكنية مازالت غير قادرة على تغطية الطلب الكبير والمتزايد على القسائم السكنية، وإذا كنا سنستمر على نفس هذا المنوال فإننا سنحتاج من 30 إلى 40 سنة لتلبية الطلب على الحاجة السكنية المتزايدة، لذلك لابد ان يكون هناك تحرك على مستوى الدولة، وإطلاق المزيد من الأراضي السكنية بشكل كبير لا يقل عن 50 ألف قسيمة وتطوير المزيد من المدن الاسكانية وتغيير آلية القروض وفتح المجال أمام القروض العقارية، وعندها فقط ستتأثر اسعار الأراضي والعقارات السكنية.
«الصناعي» الأفضل
بدوره، قال الرئيس التنفيذي لشركة أعيان العقارية إبراهيم العوضي، إن القطاع العقاري شهد تأثرا كبيرا في العام 2020 بسبب جائحة فيروس كورونا، وإن كان التأثير مختلفا من قطاع إلى آخر، حيث لوحظ ارتفاع أسعار العقار السكني بعد أزمة كورونا ارتفاعا كبيرا وغير مسبوق، كما شهد هذا القطاع عمليات مضاربة في فترة زمنية قصيرة ما أدى إلى ارتفاع غير منطقي في أسعار بعض المناطق مثل المسايل، أبوفطيرة، الفنيطيس، وجنوب السرة، إلى جانب المناطق الداخلية التي شهدت ارتفاعات كبيرة كذلك.
وأضاف أن الوضع في قطاع العقار الاستثماري كان مختلفا، حيث شهد هذا القطاع انخفاضا في نسبة الإشغال، تبعه انخفاض في الإيجارات ومن ثم قيمة العقار نفسه بنسبة تراوحت بين 2 و3%.
أما بالنسبة للقطاع التجاري، فقد تأثر مع بداية أزمة كورونا، لكن هذا القطاع نجح في امتصاص آثار الأزمة من خلال منح المستأجرين إعفاءات كبيرة، في حين يبقى التحدي الأكبر أمام هذا القطاع في مدى صموده خلال المرحلة المقبلة ومحافظة مالك العقار على مستأجريه.
وحول توقعاته لوضع القطاع العقاري خلال العام الجديد 2021، قال العوضي إن العقار السكني الذي شهد ارتفاعا كبيرا خلال العام 2020 لا يتوقع له أن يشهد المزيد من الارتفاع في 2021، لكنه لم يستبعد أن يشهد هذا القطاع ارتفاعات محدودة في بعض المناطق المرغوبة.
أما بالنسبة للقطاع الاستثماري، فأوضح أن القطاع الاستثماري يرتبط بثلاث أمور رئيسية، الأول هو تبعات أزمة كورونا وما يصاحبها من فتح خطوط الطيران والسماح للوافدين العالقين بالخارج بالعودة، والثاني هو عامل التركيبة السكانية، والثالث هو أسعار النفط، لأنه كلما ارتفعت أسعار النفط كلما زادت مشاريع الدولة وزادت الحاجة للعمالة الكويتية وغير الكويتية.
وأضاف أنه في حال استمر الحال على ما عليه، فإن العقار الاستثماري سيشهد انخفاضا اكبر في معدلات الاشغال، ومن ثم انخفاض في معدلات الايجارات، وقد يشهد هذا القطاع انخفاضا في أسعاره، لكن الانخفاض سيبقى محدودا لسبب بسيط الا هو ان الفرص الاستثمارية في الكويت تبقى محدودة، وبالتالي فإن العقار الاستثماري يعتبر ملاذا آمنا وبديلا وحيدا تقريبا للمستثمرين في ظل غياب فرص الاستثمار الأخرى.
إلى ذلك، أكد العوضي وجود تبعات كبيرة تتعلق بموضوع التركيبة السكانية، وهذه التبعات هي التي دفعت الكثير من تجار العقار إلى التحول من العقار الاستثماري إلى العقار السكني، وربما يفسر هذا الأمر الارتفاع الكبير في أسعار العقار السكني خلال الأشهر الأخيرة والتي قد تكون بسبب انتقال رؤوس الأموال من القطاع الاستثماري إلى السكني.
وفيما يتعلق بالعقار التجاري، فقد توقع العوضي أن يحافظ هذا القطاع على تماسكه في 2021، لكن بشرط أن يتعاون المالك مع المستأجر، وبشرط أن يتبع صاحب الاستثمار السياسة الحكيمة التي تساعده على اتخاذ القرار المناسب بحيث يستطيع معالجة المشكلة وتأجيل أثرها.
هبوط العقار بالربع الثاني 2021
توقع عبدالعزيز الدغيشم أن يشهد السوق العقاري هبوطا خلال الربع الثاني من 2021 بسبب دخول شهر رمضان والأعياد، فضلا عن أن شريحة كبيرة من المواطنين والمقيمين الذين سيكونون قد أخذوا اللقاح سيعمدون إلى السفر إلى الخارج بعد فترة طويلة من الحجر ومنع السفر بسبب فيروس كورونا، فالكويتيون لن يبقوا بالكويت بعد انتهاء رمضان والعيد، وكذلك الحال بالنسبة لشريحة كبيرة من الوافدين الذين لم يزوروا بلدانهم أو أهاليهم منذ أكثر من عام.
وأضاف الدغيشم: بطبيعة الحال فإن الربع الثالث من العام سيشهد دخول فصل الصيف الذي عادة ما يشهد ركودا شديدا في حركة التداولات العقارية، ما يعني استمرار حالة الاستقرار التي لن تشهد تحركا إلا خلال الربع الاخير من العام، أي بعد عودة المواطنين والمقيمين إلى حياتهم من جديد.
«الصناعي» مستمر في نجاحاته
أكد إبراهيم العوضي أن القطاع الصناعي كان أحد أنجح القطاعات العقارية في 2020، وسيتسمر على هذا الحال في العام 2021، لافتا إلى أن العوائد على القطاعات الصناعية في الشويخ والري وصلت اليوم إلى نسبة 9%، وهي عوائد غير مسبوقة، وذلك سببه هو أن حجم الاستثمار في شراء القسائم الصناعية مازال معقولا.
وأضاف العوضي أن نوعية المستأجرين مازالت ثابتة ومستقرة ولم تتأثر بأزمة كورونا، وهي عوامل تساعد على استمرار صعود القطاع الصناعي، خاصة أن الخدمات التي يقدمها القطاع الصناعي هي خدمات يحتاج اليها المواطن والمقيم في كل الأوقات والظروف وبغض النظر عن الأوضاع الصحية التي تمر بها البلاد.
«التجاري» الأكثر تضرراً
أشار أحمد الدويهيس إلى أن العقار التجاري قد يكون أحد اكثر القطاعات تضررا بسبب توقف الأعمال وتراجع عملية الشراء، ناهيك عن التوجه نحو عملية التسوق الالكتروني التي قلصت من حاجة الكثير من الأنشطة للمساحات التجارية لتسويق أعمالها، حيث لاحظنا خلال الفترة الماضية تقديم العديد من الشركات للعروض والخصومات لضمان عملية التواجد بالسوق في ظل تأثير كورونا على القطاع التجاري بشكل عام.
وفيما يخص العقار الاستثماري، أكد أنه لن يتأثر بشكل أكبر من التأثير الحالي، بمعنى أن تأثير الأزمة الحالية ستستمر لبعض الوقت، لكن في الوقت ذاته فإن البلد مازالت تشهد تنمية ومشاريع، وهذه المشاريع تحتاج إلى العمالة التي تلبي هذه الاحتياجات، وهذا هو العامل الأساسي الذي سيساعد العقار الاستثماري على الصمود خلال الفترة المقبلة.
المصدر: ا/لأنباء الكويتية