مقالات وكتاب

تدليس موشيه شارون للتاريخ الإسلامي (3)

بقلم: د.عصام عبداللطيف الفليج

نستكمل اليوم رد أ.فيصل الزامل على تدليس الباحث الإسرائيلي د.موشيه شارون للتاريخ الإسلامي..
5) شارون: “الاسلام يتسامح مع أهل الكتاب، ولكن قوانينه هي الأعلى، وعليهم الخضوع لها”.
– التعليق: المسلمون في غير البلاد الاسلامية مطالبون بالالتزام بقوانين تلك الدول التي قبلوا الانتقال اليها وسمحت لهم بذلك الانتقال، ومع مرور الوقت أصبحوا مواطنين تهمهم مصلحة هذا البلد أكثر من غيره، سواء في الماضي البعيد (النجاشي)، او في الحاضر، حيث تعقد ندوات دولية في البلاد الاوربية ووسط آسيا تحت عنوان “فقه التعايش للأقليات الاسلامية مع غيرها”.
وبالقياس، فالمبدأ نفسه يطبق في البلاد الاسلامية تجاه اتباع بقية الأديان من حيث المواطنة المتساوية، وفيما يتعلق بالجزية فهي حق الدولة لتسيير الخدمات العامة، وهي مفروضة على المسلم وغير المسلم كالتزام مالي، المسلم يؤدي الزكاة وغيره يؤدي الجزية، والاثنان يخضعان للدولة، فهل هذا خضوع اذلال؟! أم أنه التزام بقوانين حضارية، مثل سائر الدول التي تفرض رسوم وضرائب!
والعبرة في معيشة أهل الكتاب في البلاد الاسلامية هي حسن المعاملة والعدالة، فقد رأى عمر رضي الله عنه يهوديا كبيرا في السن يسأل الناس الصدقة، فلما علم خبره قال: “ما أنصفناه، أكلنا شبابه، ونسيناه في شيخوخته”، وفرض له في العطاء. وهي التأمينات الاجتماعية في ذلك الوقت.
ان هذه العدالة وحسن المعاملة هي التي أنقذت اليهود من مذابح محاكم التفتيش التي تعرضوا لها في اسبانيا بعد سقوط الاندلس، فاستقبلتهم بلاد المغرب العربي والأستانة العثمانية بالترحاب، وهو أمر لا ينكره اي يهودي منصف، وتتحدث عنه رموز يهودية في مناسبات اعلامية كثيرة وفي مؤتمرات علمية مرموقة، بينما يتجاهله شارون، ويحرض الغرب على المسلمين قائلا: “انهم لا يعترفون بخروجهم من اسبانيا وصقلية، هذا الخروج هو أمر مؤقت عند المسلمين”، وهي كلمات لا تدعمها مقولة واحدة لأي عالم مسلم بأن عودة العرب الى اسبانيا حتمية، وهي تعكس جحودا منه لما حدث لليهود في اسبانيا وموقف المسلمين تجاههم في تلك المحنة، بل وتنكر لامتداح القرآن للفئة المعتدلة منهم ﴿وَمِن قَوْمِ مُوسَىٰ أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ﴾، ولا ندري لم يقابل كل هذا التسامح بكل هذه العداوة!
ودخول العرب الى إسبانيا لم يصحبه ادعاء حق قديم بتلك الأرض، بينما في فلسطين زعم إسرائيلي بذلك.
6) د.شارون: اعتبر الحديث الشريف “وما زال ربي ينقلني في الأصلاب الطيبة والأرحام الطاهرة” تأكيدا على مبدأ الانتقاء والاختيار الذي تقول به اليهود، وانها هي “شعب الله المختار”.
– التعليق: لا توجد أمة ولا شعب ولا عرق من الأعراق أفضل من غيرها في الإسلام، ومكانة الأمة الوسط التي وصفت بها أمة محمد صلى الله عليه وسلم هي بالفعل والعمل، لا بالعرق ولا بالجنس، والوسط هنا تعني العدالة. .
واعتنق اليهود فكرة الأفضلية على بقية الأمم، وهي نفس الجرثومة التي أهلكت ابليس، ﴿أنا خير منه، خلقتني من نار وخلقته من طين﴾، ولم ينفع ابليس أنه كان ملكا من الملائكة، ولم تنفعه قدراته في اضلال البشر التي ستتبخر يوم تبدل الأرض والسموات، فجرثومة الكبر هي سبب ادعاء اصطفاء جنس محدد استكبارا على بقية البشر، ونتيجة التكبر وخيمة، فهي تنتهي بعجز ذلك المتكبر عن رؤية الحقيقة الساطعة ﴿سأصرفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِن يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَّا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ﴾، وفي داخل المجتمع اليهودي اليوم استكبار من اليهود الأشكناز على اليهود السفراديم، وما مغادرة الفلاشا إسرائيل إلا بسبب ذلك التصنيف القائم على الكبر.
وللحديث بقية…

الوسوم
إغلاق
إغلاق