مقالات وكتاب

تدليس موشيه شارون للتاريخ الإسلامي (1)

بقلم: د.عصام عبداللطيف الفليج

تعرض الباحث الإسرائيلي د.موشيه شارون للتاريخ الإسلامي بشكل كبير من التدليس والتحريف والتخريف، كعادة معظم المستشرقين.
وشارون مستشار سابق لمناحيم بيغن، وهذا الجمع بين الجانب العلمي والسياسي ساهم بتوظيف الدراسة لصالح السياسة، وهذه مشكلة تسببت في عدم اتباعه المنهج العلمي، حتى وان حاول اظهار نفسه بهذه الصفة، عندما قال “أدرس الإسلام منذ 50 سنة”.
وقد ألقى شارون محاضرة مسهبة عن الإسلام، وما انتشر في وسائل التواصل الاجتماعي لدى المسلمين هو جزء يثني فيه على الإسلام، لكن التدليس كان هو الأغلب، فانبرى له الكاتب والمفكر أ.فيصل الزامل، وكان له هذا الرد في بيان توظيفه المعلومات التي جمعها طوال هذه السنين لغرض سياسي مع الاختصار:

1) شارون: “الهدنة عند المسلمين هي استثناء، والأصل هو القتال لنشر الاسلام، وغالبا ما تكون الهدنة بسبب العجز، مثلما حدث في الحروب الصليبية لمدة قرن”.
– التعليق: ذكرت الهدنة في القرآن الكريم {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ}، وتأسس مبدأ المعاملة بالمثل مع مشركي مكة: {كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِندَ اللَّهِ وَعِندَ رَسُولِهِ إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ}، وبالتالي فليس صحيحا ان النقض يأتي من الجانب الاسلامي لسبب ديني شرعي، كون القرآن يلزم المسلمين بالاستقامة بالعهد ما استقام الطرف الآخر، وعند النظر في اول تجربة بين المسلمين واليهود لموضوع الهدنة عندما وصل النبي صلى الله عليه وسلم الى المدينة المنورة وكتب المعاهدة المشهورة والشاملة، التي نصت على التعاون لصد اي اعتداء يقع على المدينة، خالفت اليهود هذا الاتفاق عند اول فرصة أتيحت لهم في غزوة الخندق، حينما حشدت قريش وحلفائها بتشجيع من اليهود وحاصرت المدينة، فانقلب اليهود الذين هم بداخلها على المسلمين، وطعنهم من خلفهم قبيلتين من اليهود وليسوا جميعهم، لهذا تم إجلاء اليهود من المدينة من أتباع تلك القبيلتين “بنو النضير” و”بنو قريظة”، ولم يشمل من لم يشاركوا في تلك الطعنة.

2) شارون: “لا يوجد شيء اسمه سلام حقيقي في الاسلام، والمعنى القانوني لهذه الكلمة في الإسلام هو هدنة، وتجربتا الشرق الاوسط لمعاهدات السلام ليستا قائمتين على أسس دينية اسلامية، وبالتالي يمكن نقضها بسهولة إذا أتيحت لهم الفرصة”، “ومدة الهدنة في الاسلام لا تتجاوز 10 سنوات، قابلة للتجديد، السبب ان نشر السلام يحتاج الى استمرار القتال”.
– التعليق:
1- نشر الاسلام لا يحتاج الى حرب، بل هو الى السلم أحوج منه للقتال، كونه يقوم على المحاورة لإيصال خاتمة رسالات السماء الى الناس كافة بالمحاورة والاقناع وليس بالإجبار، مثلما حدث في امريكا اللاتينية من قبل الإسبان والبرتغال.
2- وقد نقلت تلك الرسالة جيوش مجهزة للدفاع عن حملة الرسالة، ولم تسجل حادثة واحدة في زمن الفتوح الاسلامية بفرض اعتناق الدين بالقوة لغير المسلمين، وهي بمجموعها كانت لمواجهة أنظمة عدائية؛ مثل الرومان الذين احتلوا مصر، وفي فارس لم يقبل كسرى الالتزام بمعاهدة السلام وتكرر خرق جنوده لها، فكانت الحرب التي هزمت بسببها امبراطوريته، وانتشر الاسلام في تلك البلاد طواعية، ولو لم يكن القبول لهذا الدين طواعية؛ لتراجع الناس عنه بعد سقوط الدولة الاموية، ومثل ذلك يقال عن بلاد وسط آسيا التي لم تكن تحت مظلة دولة اسلامية عقود طويلة، الا ان شعوبها استمروا متمسكين بالدين الاسلامي طواعية.
3- تجاهلت إسرائيل مبادرة السعودية لمعاهدة السلام مع اسرائيل التي قدمتها عام 2002م في القمة العربية ببيروت، والشريعة الإسلامية هي مرجعية السعودية، وفي المقابل لم تقدم اسرائيل اي مبادرة حقيقية قابلة للتفاوض، مثل مواصلة بناء المستوطنات وغيره.
4- الذي يتصرف سياسيا تحت تأثير الدين هي اسرائيل، حيث يحتاج كل شيء في تصرفاتها وقراراتها الى تفسير التوراة، ابتداء من الاسم الديني للدولة اسرائيل، ونظرتها الى كل ركن فيها من منظور تاريخي ديني، واعلان ان الدولة يهودية بكل تفاصيلها. وقالت رئيسة الوزراء السابقة غولدا مائير يوما في الكنيست: “لا أدري لماذا لم يذهب موسى الى داخل الجزيرة العربية في تنقلاته، حتى يكون لنا حقوقا في بلاد النفط، ونطالب بها”!
5- المعاهدة مع اسرائيل تحتاج الى تطبيق العدالة مع السكان الفلسطينيين الذين يعتبرون مواطنين من الدرجة الثانية، يمكن اخراجهم من بيوتهم ونسفها، ويمنعون من ترميم بيوتهم لإسكان أبنائهم.. الخ، ولو تحققت العدالة لتغير الحال.
6- لم يترك يهود المدينة المنورة للاتفاقية أن تستمر عشر سنوات، ومدة معاهدة السلام “كامب ديفيد” قائمة منذ 1977م.
وللحديث بقية…

الوسوم
إغلاق
إغلاق