مقالات وكتاب

خنزير ذبح إسلامي .. !!

بقلم: أ. عبدالله خالد العبدالمنعم

إن من يتأمل في مبادئ الاقتصاد الإسلامي يلاحظ أنه يقوم على قواعد وأسس راسخة ومتينة، ليست شكليات ومعاملات صورية كما يظن كثير من الناس، كمجرد إدخال سلعة في المعاملة فتتحول القروض المصرفية بفائدة من حرام الى مرابحة حلال .. !! قطعا لم تكن المعاملات المصرفية الإسلامية بهذه البساط والسطحية، إن الفروق بين المصرفية الإسلامية والمصرفية التقليدية فروق ذات خلاف جوهري وفلسفي عميق جدا، فالمصرفية الإسلامية تنظر إلى النقود كوسيلة تبادل ومقياس قيمة للسلع والخدمات، بخلاف المصرفية التقليدية التي تنظر إليها – بالإضافة إلى ما سبق – كسلعة للمتاجرة، حالها حال السلع والخدمات سواء بسواء، وهذا يفسر سبب جني الفوائد من عملية الإقراض والاقتراض. كما أن المصرفية الإسلامية لا تضمن الربح في رأسمال عقود المشاركة أو المضاربة أو غيرها من عقود المعاملات المالية، استنادا إلى القاعدة الفقهية: (الغنم بالغرم)، لكن الأمر مختلف في المعاملات المصرفية التقليدية، فالقروض مضمونة مع فوائدها.

وبصرف النظر عن باقي الفروقات بين المدرستين المصرفيتين، إلا أنني – ومن هذا المنطلق – أريد أن أسلط الضوء الكاشف على بعض ممارسات المصرفية الإسلامية والتي تسيء إلى نظام الاقتصاد الإسلامي ككل، مما نفرت كثيرا من الناس والسبب ليس في جوهر النظام الاقتصاد الإسلامي فهو مستقى من الشريعة الإسلامية، بل السبب في الأخطاء التي تقع فيها بعض البنوك الإسلامية في كثير من الدول، هي ليست أخطاء أحيانا بل ترقى لدرجة الخطايا. منها على سبيل المثال الحيل، كالتحايل الذي يجري في بعض صور التورق المصرفي الذي أشبه ما يكون ببيع صوري ليس الهدف منه هو البيع للحصول على السلعة بل التواطؤ بين البنك والعميل للحصول على النقود بآليات وأدوات شكلية، ناهيك عن انعدام القبض والحيازة أحيانا فضلا عن غياب التملك الحقيقي للسلعة .. الخ، وكلها صور شائعة في بعض المؤسسات المالية الإسلامية للأسف.

وإن تأملنا في الصكوك الاستثمارية التي يفترض أن تكون هي البديل الشرعي للسندات، نجد أنها هي الأخرى لا تخلو من ممارسات خاطئة تطعن في النظام الاقتصادي الإسلامي، فبدل أن نهتم كما ذكر الفقهاء المتقدمون بالمقصد والباعث للعقود أصبحنا نركز على شكليات العقود دون الالتفات الى مقاصد الشريعة في المعاملات، فمن ذلك ضمان رأس المال والقيمة الإسمية للصكوك المصدرة .. وغيرها، ولا أنسى في هذا السياق الهجوم الصريح للمختصين في الاقتصاد والصناعة المالية الإسلامية الذين أشهروا سيوفهم على تطبيقات الصكوك الإسلامية الحالية، وعلى رأسهم الشيخ تقي الدين عثماني رئيس المجلس الشرعي لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية (AAOIFI) الذي قال إن ٨٠٪ من الصكوك غير متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية .. !!

لا أريد في هذا المقال أن أحمل معولا على عاتقي لأهدم به بنيان الصناعة المالية والمصرفية الإسلامية، فأنا ابن هذه الصناعة وتخرجت من مدرستها وتشربت فكرها وسأظل وفيا لها ولمبادئها، كيف لا وهي مبادئ ديننا الإسلامي الحنيف؟!! لكن هذا لا يمنعنا بأي حال من الأحوال من قول كلمة الحق، فالتطبيق الحرام لا يتم ترقيعه رقعا كي يتحول إلى حلال !! كما أن لحم الخنزير المحرم لن يتحول الى حلال بذبح الخنزير ذبح إسلامي .. !! كل ما نحتاجه هو قراءة موضوعية لمسيرة الصناعة المصرفية الإسلامية طيلة أكثر من ٣ عقود، ومراجعات شرعية اقتصادية بنية صادقة لهذه المسيرة، ولعل هذا يجرنا إلى مقال قادم حول الهيئات الشرعية في البنوك الإسلامية ودور التدقيق الشرعي ،وللحديث بقية…

 

الوسوم
إغلاق
إغلاق