محليات

الأمير للقادة العرب: لنسمو فوق خلافاتنا ولا ندع مجالاً لمن يحاول التربص بأمننا

الأنباء/ أكد صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد ، أن ما يسمى الربيع العربي وهم أطاح “بأمن واستقرار أشقاء لنا وعطل التنمية والبناء لديهم وامتد بتداعياته السلبية ليشمل أجزاء عدة من وطننا العربي”.

ودعا سموه في كلمته أمام الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر القمة العربية المنعقد في المملكة الأردنية الهاشمية اليوم، إلى استخلاص العبر مما حصل وإلى تصحيح العديد من مسارات “عملنا تحصينا لمجتمعاتنا وتماسكا لجبهتنا الداخلية وتحقيقا لتطلعات شعوبنا المشروعة”.

وأضاف سموه أن ما يواجهه العالم العربي من تحديات جسيمة يفرض الالتزام بنهج مختلف “عما درجنا عليه في السابق”، داعيا إلى أن تكون هذه القمة بداية لتحديد مسار جديد “نعمل من خلاله على التركيز على موضوعات محددة تمثل تشخيصا للمعوقات التي نواجهها ولندع بقية موضوعاتنا الاعتيادية للنظر فيها والتعامل معها عبر المستويات الوزارية”.

وفي ما يلي نص كلمة سموه:

“بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

صاحب الجلالة الملك عبدالله بن الحسين ملك المملكة الأردنية الهاشمية الشقيقة رئيس الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر القمة العربية…

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو …

معالي الأمين العام للأمم المتحدة …

معالي الأمين العام لجامعة الدول العربية …

أصحاب المعالي والسعادة …

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته …

يسرني بداية أن أتقدم بجزيل الشكر والامتنان إلى أخي جلالة الملك عبدالله بن الحسين وإلى حكومة وشعب المملكة الأردنية الهاشمية الشقيقة على الاستقبال الحار وكرم الضيافة وما شهدناه من إعداد متميز لهذا اللقاء الهام.

كما أشكر فخامة الأخ الرئيس محمد ولد عبدالعزيز رئيس الجمهورية الموريتانية الشقيقة على ما أبداه من جهود مشهودة وأعمال مقدرة في سبيل دعم عملنا العربي المشترك خلال ترؤسه لدورة قمتنا السابقة.

كما أشكر معالي الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط على جهوده الكبيرة وجهاز الأمانة العامة في سبيل الإعداد لهذه القمة المباركة.

لقد أطاح وهم ما يسمى الربيع العربي بأمن واستقرار أشقاء لنا وعطل التنمية والبناء لديهم وامتد بتداعياته السلبية ليشمل أجزاء عدة من وطننا العربي لتتدهور الأوضاع الأمنية فيها وليعيش شعبها معاناة مريرة وتتضاعف معها جراح أمتنا .

وحتى نتمكن من تجاوز تلك الحقبة المظلمة من واقعنا العربي فإننا مطالبون باستخلاص العبر مما حصل لنا وأن تصحح العديد من مسارات عملنا تحصينا لمجتمعاتنا وتماسكا لجبهتنا الداخلية وتحقيقا لتطلعات شعوبنا المشروعة.

إن عالمنا العربي يواجه اليوم تحديات جسيمة ومخاطر محدقة تفرض علينا الالتزام بنهج في عملنا العربي المشترك يواجه هذا الواقع ويتصدى لتلك المظاهر فنحن مطالبون على مستوى آلية القمم العربية أن يكون التعامل وفق نهج مختلف عما درجنا عليه في السابق ولتكن هذه القمة المباركة اليوم بداية لتحديد مسار جديد لنا نعمل من خلاله على التركيز على موضوعات محددة تمثل تشخيصا للمعوقات التي نواجهها ولندع بقية موضوعاتنا الاعتيادية للنظر فيها والتعامل معها عبر المستويات الوزارية.

ان نظرة فاحصة لواقعنا العربي تؤكد وبوضوح أن الخلافات التي نعاني منها لن تقودنا إلا لمزيد من الفرقة في موقفنا وضعفا في تماسكنا الأمر الذي يتوجب معه علينا العمل وبكل الجهد لأن نسمو فوق تلك الخلافات وألا ندع مجالا لمن يحاول أن يتربص بأمتنا ويبقي على معاناتها ويشل قدراتها على تجاوز هذه الخلافات لتبقى أسيرة لها تعطل قدراتها وإمكاناتها على النهوض والبناء والوصول إلى وحدة في الموقف وصلابة في الإرادة لمواجهة المتغيرات الراهنة والمتغيرات التي سنواجهها في المرحلة القادمة.

إننا ندرك أننا نعيش في عالم من حولنا يعاني أزمات وكوارث وحروبا طاحنة ألقت بظلالها على الأوضاع الإنسانية لشعوب عديدة من حولنا على المستوى الإقليمي والدولي ومع إدراكنا لها فلقد عملنا وسنواصل عملنا مع المجتمع الدولي للتخفيف من معاناة هذه الشعوب وفاء لمسئولياتنا الإنسانية وإدراكا لحجم المأساة التي تكابدها هذه الشعوب.

لا زال المجتمع الدولي يقف عاجزا عن إيجاد حل للكارثة التي يعايشها الأشقاء في سوريا بكل أبعادها رغم نتائجها وإفرازاتها الخطيرة فالجهود السياسية لازالت متعثرة بسبب تضارب المصالح والمواقف المتصلبة والتي نأمل أن توفق جهود مبعوث الأمين العام لسوريا السيد ستيفان دي ميستورا معها في تحقيق التطور الإيجابي الذي نتطلع إليه.

وفي هذا الصدد أشيد بالدور الذي تقوم به الدول المستضيفة للاجئين السوريين وما تتحمله من أعباء جسيمة جراء ذلك لا سيما الأشقاء في الأردن ولبنان والعراق ومصر والجمهورية التركية الصديقة.

وحول الوضع في اليمن فإننا وفي الوقت الذي نعبر فيه عن ألمنا الشديد لاستمرار معاناة الشعب اليمني الشقيق نتيجة عدم الانصياع للارادة العربية والدولية التي وضعت أسس الحل السلمي فإننا نؤكد مجددا تلك الأسس القائمة على المرجعيات الثلاث فهي السبيل الوحيد لإنهاء تلك الكارثة التي استنزفت الأرواح ولا تزال وخلفت الدمار الهائل ولعودة الاستقرار لربوع ذلك البلد الشقيق.

إن الوضع فيما تبقى من أجزاء عالمنا العربي في العراق وليبيا والصومال بما يحمله من معاناة كبيرة لأشقائنا وتهديد جسيم لأمنهم وزعزعة بالغة لاستقرار منطقتنا يبقى ألما نعانيه ونسعى إلى التخفيف من آثاره عليهم.

وحول مسيرة السلام في الشرق الأوسط لازالت إسرائيل تقف حائلا أمام إنجاح هذه المسيرة لتحقيق السلام الدائم والشامل وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية وأكرر الدعوة هنا إلى المجتمع الدولي ولاسيما مجلس الأمن للقيام بواجباته لإنهاء هذه المأساة التي هي أساس ما تعانيه المنطقة من توتر وعدم استقرار ولا يفوتني هنا أن أشيد بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2334 الذي طالب إسرائيل بإيقاف جميع الأنشطة الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية.

وحول الوضع في ليبيا الشقيقة يزداد قلقنا على مصير أشقائنا هناك وعلى مستقبل وطنهم وسلامته ووحدة أراضيه ونأمل أن تتضافر الجهود الوطنية والعربية والإقليمية وجهود الأمم المتحدة للحفاظ على ليبيا الموحدة والمستقرة على أساس قرارات الشرعية الدولية وبما يمكن حكومة الوفاق الوطني من تحقيق هذا الهدف المنشود.

وحول العلاقة مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية فإننا نؤكد الأسس المستقرة في العلاقات الدولية والقانون الدولي والتي أساسها احترام سيادة الدول والامتناع عن التدخل في الشئون الداخلية لها واحترام متطلبات حسن الجوار متطلعين الآن إلى استمرار المشاورات والحوار البناء بين دول المنطقة وبينها لتحقيق الأمن والاستقرار فيها.

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو…

رغم الجهود الكبيرة التي يبذلها المجتمع الدولي لمواجهة ظاهرة الإرهاب التي تبقى تحديا كبيرا يهدد أمننا ويقوض استقرارنا ويتطلب عملا مضاعفا وشاملا مع المجتمع الدولي لمواجهة التنظيمات الإرهابية وفكرها المنحرف لنحفظ للبشرية أمنها وللعالم استقراره ونشيد في هذا الصدد بالإنجازات التي تحققت لأشقائنا في العراق في مواجهتهم لقوى الظلام ونتطلع بأمل لهم لتحقيق مزيد من الانتصار.

وفي الختام أكرر الشكر لكم جميعا متمنيا لأعمال اجتماعاتنا كل التوفيق والسداد.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته”.

 

وبدأت أعمال القمة بكلمة للرئيس الموريتاني محمد ولد عبدالعزيز، أكد فيها دعم بلاده للمبادرة الخليجية كأساس للحل في اليمن.

وبينما اعتبر الرئيس الموريتاني وثيقة الحوار الشامل في السودان خطوة مهمة، أكد أن الصراع في اليمن كان سيهدد السلم الأهلي لولا الجهود العربية .

ومن جانبه قال ملك الأردن عبدالله الثاني، إن السلام لا يمكن أن يتحقق في الشرق الأوسط دون إقامة دولة فلسطينية على أساس حل الدولتين.

وأضاف في الكلمة التي ألقاها بعد استلام بلاده لرئاسة القمة القربية “لا سلام ولا استقرار في المنطقة دون حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية من خلال حل الدولتين.”

وتابع “تستمر إسرائيل في توسيع الاستيطان وتقويض فرص السلام.”

وتأمل الملك عبدالله  أن تثمر مفاوضات جنيف إلى بدء عملية سياسية في سوريا ، مشددا على ضرورة وضع حلول تاريخية للتحديات التي تواجهنا لتجنب التدخلات الخارجية بشؤوننا.

وبدوره أكد أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس، أن حل الدولتين هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام في الشرق الأوسط.

وقال في كلمة أمام القمة :”حل الدولتين هو الحل الوحيد لتحقيق السلام وتحقيق الطموحات … ولا خطة بديلة” يمكنها إنهاء الصراع.

ودعا جوتيريس الدول العربية إلى الوحدة وحل الخلافات وقال :”حان الوقت لوقف القتال في سورية … فأي تقدم في مكافحة الإرهاب لن يكلل بالنجاح دون حل سياسي”.

وتحدثت الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمنية بالاتحاد الأوروبي فيديريكا موغريني، حيث أكدت أن تحقيق السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل يشكل أولوية للاتحاد الأوروبي.

ومن جهته اعتبر الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط الحضور العربي الرفيع المستوى في القمة يؤكد أن المنظومة العربية ما زالت تعمل.

وقال أبو الغيط “إن التطورات في اليمن سوريا والعراق تركت أوضاعا إنسانية صعبة”، لافتا إلى وجود قوى خارجية توظف المذهبية والطائفية لتقسيم الدول العربية.

وكانت شدّدت السلطات الأردنية من إجراءاتها الأمنية اليوم الأربعاء، براً وجواً، قبيل ساعات من انطلاق أعمال القمة العربية الـ 28 في منطقة البحر الميت (غرب).

وشهد الشارع الرئيسي الواصل بين العاصمة عمان والبحر الميت، انتشاراً واسعاً ومضاعفاً لرجال الأمن والآليات العسكرية، وتحليق بين فترة وأخرى للمروحيات.

وقدرت مصادر أمنية للأناضول، أن الآلاف من رجال الأمن أوكلت لهم مهمة تأمين محيط القمة العربية، التي تشهد طوقاً أمنياً مغلقاً في المنطقة المحيطة بالاجتماعات والإقامة، يستمر حتى مساء غد الخميس.

ولا يقتصر الإجراء الأمني على ذلك، فقد تم تخصيص مركز خاص للإعلاميين الحاضرين لتغطية أعمال القمة، يبعد عن مكان انعقاد الاجتماعات مسافة 2 كلم.

ويشمل الإغلاق الأمني قاطني المنطقة المحاذية والعاملين فيها، بحيث يتوجّب عليهم الحصول على تصاريح أمنية تخوّلهم من دخول المنطقة الأمنية والخروج منها.

ووصل الأردن حتى ساعة متأخرة من مساء الثلاثاء، 16 من القادة ورؤساء الوفود العربية الذين سيشاركون في أعمال القمة، في حين من المتوقع أن يصل في وقت قريب ملكا المغرب والبحرين.

ويستضيف الأردن القمة العربية اليوم، بدلًا من اليمن، الذي اعتذر عن عدم استضافته، نظراً للأوضاع الأمنية والسياسية التي يعيشها منذ أكثر من عامين.

إغلاق
إغلاق