مقالات وكتاب

الزوج الأناني

بقلم : عصام عبداللطيف الفليج

سألت أحد الأصدقاء يوما ما: ألن تسافر مع أهلك هذا العام؟ فقال: أنا قلت لأهلي أنتم حدكم الطائف، ميزانيتي لا تسمح بأكثر من ذلك. وبالفعل سافر مع أهله بالسيارة إلى العمرة والطائف، واستمتعوا بالإجازة وعادوا للكويت وهم على ذلك منذ عدة أعوام.

وفجأة عرض عليه أصدقاء الديوانية السفر معهم إلى إحدى دول أوروبا الشرقية بأرخص الأسعار، وبالفعل سافر معهم واستمتع كثيرا، وأدمن السفر معهم.

فرحت الزوجة لهذه الرحلات لسببين، لتغيير ثقافة الزوج وتفكيره وانفتاحه على العالم، ولعلها فرصة لأن يقتنع ليأخذها معه، إلا أنه أبى بسبب الميزانية رغم انه يسافر أكثر من مرة في العام، وهذا لعمري هو الزوج الأناني الذي لا يسعد إلا نفسه، بعكس زوجته التي فرحت لسفره، فهو يستطيع أن يدمج 3 رحلات شبابية برحلة عائلية مع زوجته وعياله، ولكنها الأنانية التي تعمي البصر.

ويوجد زوج آخر شبيه تماما بهذا الشخص، وهو رجل مقتدر ماليا، إلا أنه بخيل، فيدعي أن سبب عدم سفره إلى أوروبا عدم جواز السفر إلى بلاد الكفر، وتدريجيا بدأ يسافر مع أصدقاء الديوانية إلى دول أوروبا الشرقية بأرخص الأسعار، ولم تسافر زوجته إلى الآن!!

يمثل الزوج الأناني مشكلة اجتماعية وأخلاقية في المجتمع، فهو يسمح لنفسه بما لا يسمح لزوجته وعياله في عدة أمور بحجج متعددة، فهو لا يسعد إلا نفسه في الطعام والسفر والملبس والمشتريات والسهر في الديوانيات وحتى في ساعات النوم، وعلى زوجته أن تلبي ذلك وإلا أصبحت لا تسمع الكلام ولا تحترم زوجها!

ويجري الحال على الزوجة الأنانية التي تتناسى زوجها وعيالها، ولا تهتم إلا بنفسها.. لبسا وشراء وخروجا مع الصديقات وساعات النوم.. وغير ذلك، فهي تسبب تفككا داخل الأسرة، وضعف التواصل بينهم.

الأنانية (حب الذات) والبخل (أو الحرص الزائد) والحكارة (الاجتماعية وليست الدينية) صفات سلبية تدل على حرمان سابق للزوج، أو شعور بالنقص، وهو يعوض ذلك بحب التملك والتفرد بالمنفعة، كالطفل الذي في فمه حلوى، ويمسك بكلتا يديه حلويات أخرى ولا يريد أن يعطي أحدا من أقرانه! وتزيد المشكلة لدى الرجل بصفته الزوج القائد الذي لا يعارضه أحد بما يفعل، وهذا يزيد العقد عقدة أخرى.

هذا الزوج وتلك الزوجة يحتاجان إلى تنبيه مباشر عند تكرار تلك الأنانية، حتى لا يستفحل الأمر ويصعب علاجه، سواء بتنبيه بعضهما البعض، أو من الأقارب والأصدقاء، فكما نصحه أصدقاء الديوانية بالسفر معهم، فلينصحوه بالسفر مع عائلته، وأن تأتي متأخرا خير من ألا تأتي، لأنه إما لا يشعر بنفسه، أو يتغابى، ويظن سكوت الآخر إقرارا بما يفعل، ولعل ذلك يأخذ وقتا للإصلاح بعد هذا العمر.

تعد الأنانية من الأخلاق المذمومة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه»، ولعلها تكون صعبة على الأسوياء، فما بالك بالمحرومين أو البخلاء. وجاء في الدعاء المأثور التعوذ من البخل، بل إن أفضل الصدقة المال الذي ينفقه الآباء على أبنائهم، وهذه تحتاج إلى تمرين يومي حتى يتخلص الزوج من هذه العقدة ولو بنسبة 50% لتستمتع أسرته معه. ولا بأس من استشارة أصحاب الخبرة والاختصاص.

استمتعوا بوجود أسرة لديكم يفتقدها العديد من الناس، وأكرموا بعضكم بعضا، ونفذوا الحب بينكم عمليا على أرض الواقع، والله يتم عليكم بالخير والبركة.

 

إغلاق
إغلاق