مقالات وكتاب
اقتصاد إسلامي مزيف
بقلم: عبدالله العبد المنعم
للوهلة الأولى قد يفهم القارئ من العنوان أنني أتهم الاقتصاد الإسلامي بالتزييف !! طبعا ليس هذا ما أعنيه بطبيعة الحال، ما أريده هنا أنه قد يخرج لنا يوما ما اقتصاد إسلامي مزيف، ليس كفكر أو منهج، بل من حيث وجود رموز تنتسب إلى هذا الحقل وهذا التخصص وهم ليسوا من أهله، أو لنقلها بصورة أوضح؛ لم يستكملوا العلوم اللازمة كي نطلق عليهم مختصين في الاقتصاد الإسلامي، وما أكثر هؤلاء في الساحة العلمية.
إن المسيرة الأكاديمية الصحيحة لأي تخصص للوصول نحو التميز والمتانة العلمية والإبداع، تتطلب من صاحبها إتقان علوم أساسية وأخرى مكملة وكلاهما ضروري وواجب، وبالنظر إلى مجال «الاقتصاد الإسلامي» فإن تعلمه لا يقتصر على العلوم الشرعية كفقه المعاملات المالية من بيع وإجارة وحرمة الربا .. الخ فحسب، بل يتعداه إلى علوم ضرورية مكملة مثل العلوم المالية، كالاقتصاد الكلي والجزئي (Macro & Micro Economics) والتمويل والاستثمار والمحاسبة ونحو ذلك، حيث تعد هذه العلوم المالية من قبيل «علوم الآلة» بالنسبة إلى الاقتصاد الإسلامي. فكما أن دراسة العلم الشرعي تتطلب تعلم «علوم الآلة» كعلوم اللغة العربية من نحو وصرف وبلاغة بالإضافة إلى علم المنطق، فكذلك علم الاقتصاد الإسلامي سواء بسواء .. !!
إن مثلث بناء التميز في تخصص الاقتصاد الإسلامي لا يكتمل إلا بفهم العلوم الشرعية والعلوم المالية الاقتصادية، ويبقى الضلع الثالث وهو تعلم اللغة الانجليزية قراءة وكتابة، لاسيما وأن أغلب العقود والاتفاقيات الاستثمارية والمصرفية تصاغ بالإنجليزية، والترجمة لا تعفي المدقق الشرعي من مراجعتها بلغتها الأم والتأكد من سلامتها وتوافقها مع أحكام الشريعة الإسلامية، ناهيك أن الإنجليزية أصبحت هي لغة العلوم وبالتالي فالجاهل فيها محروم أن ينهل من العلوم الحديثة والأبحاث المنشورة.
لا أقصد بعد هذا كله التقليل من شأن من يقف عند حد دراسة العلوم الشرعية فقط، فحاشا لله .. فالعلم الشرعي هو أنبل وأشرف العلوم، لكن حسبنا في هذا أن نرسي قواعد علمية منهجية لبناء فهم صحيح نحو نظرية اقتصادية إسلامية، فالصناعة المالية الإسلامية في أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات من القرن الماضي يختلف واقعها تماما عن الآن، فالواقع المعاصر فرض نفسه فلا مجال للمجاملة في طرح تلك الأفكار إن كان رجال الاقتصاد الإسلامي جادين في مقارعة الاقتصاد الربوي بسيوف العلم والتنمية والنمو الاقتصادي والرفاه، خصوصا بعد توالي الأزمات المالية العالمية، ومنا إلى الجيل القادم من طلاب الجامعات من شباب وفتيات الاقتصاد الإسلامي.