شؤون دولية

قوى لبنانية ترفض تمديدًا جديدًا للبرلمان الحالي

يتصاعد الرفض في لبنان لتمديد جديد لمجلس النواب الحالي، لا سيما وأن البرلمان مدد لنفسه مرتين منذ انتهاء ولايته عام 2013، وذلك في وقت تتواصل فيه اتصالات ولقاءات بين الفرقاء السياسيين، بهدف الاتفاق على قانون انتخابي جديد تجري على أساسه الانتخابات النيابية، المقررة مبدئيا في مايو/ أيار المقبل.

وفيما ترتفع الأصوات المطالبة بتغيير قانون “الستين” الحالي، الذي يعود إلى عام 1960، يتحدث البعض عن اعتماد النسبية في الانتخابات، فيما يصر آخرون على الإبقاء على القانون الأكثري.

وفي قانون الستين يُجرى الاقتراع وفق تقسيمات إدارية ومحاصصة تراعي الخصوصية الطائفية للقوى السياسية، ويعتمد على أن القضاء (جزء من محافظة) يمثل دائرة انتخابية يفوز بها المرشح الفائز بأكثرية الأصوات.

اتفاق الطائف 

عضو تكتل “اللقاء الديمقراطي” البرلماني (برئاسة النائب وليد جنبلاط)، المرشح الرئاسي السابق، النائب عن المقعد الماروني في قضاء “عاليه” (بمحافظة جبل لبنان)، “هنر حلو”، قال إن “الشرعية تنطلق من اتفاق الطائف، وبالتالي يجب العودة الى هذا الاتفاق والانطلاق منه للبحث في قانون انتخابي جديد، مع البحث طبعا في إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية”.

واتفاق الطائف، الموقع بين الفرقاء اللبنانيين عام 1989 وأنهى حربا أهلية امتدت 15 عاما، شدد بوجه عام على ضرورة إجراء الانتخابات النيابية وفقا لقانون يراعي قواعد العيش المشترك بين المسلمين والمسيحيين ويؤمن صحة التمثيل لجميع فئات الشعب اللبناني.

“حلو” تابع، في تصريح: “لن نصل إلى قانون انتخابي جديد إلا عندما يتوافق الجميع، وعندما لا يشعر أحد من الفرقاء السياسيين أنه خرج دون أن يأخذ حقه، واليوم هناك الكثير من الفرقاء يشعرون بالغبن”.

ومضى قائلا إن : “البعض طرح النسبية اليوم، ونحن نقول صحيح أن كمال جنبلاط طرح النسبية فيما مضى، لكن الظروف اليوم مختلفة كثيرا والمقاربة مختلفة أيضا”.

ووفق قانون النسبية يتم توزيع المقاعد المخصصة للدائرة الانتخابية على القوائم المختلفة، بحسب نسبة الأصوات التي حصلت عليها في الانتخابات.

وعن الموقف الحالي لـ”اللقاء الديمقراطي”، قال “حلو”: “نحن نفضل في ظل الظروف الراهنة إقرار قانون أكثري، ولسنا مع قانون الستين (القانون الحالي)، إنما نريد قانونا جديدا يراعي هواجس الجميع”.

وفي قانون الأكثرية يحصل الفائز بأغلبية الأصوات في دائرة انتخابية معينة على كل مقاعد تلك الدائرة.

وأضاف أن “الجولة التي يقوم بها عدد من نواب اللقاء الديمقراطي على الزعماء والفرقاء السياسيين كانت جولة مثمرة، ونحن كما قلنا مع الحوار ونعتبر أنه لا يمكن الوصول إلى قانون انتخاب إلا بمشاركة الجميع.. الاتصالات مستمرة مع جميع الفرقاء، وأتمنى حصول الانتخابات في موعدها المحدد”.

وبشأن احتمال التمديد من جديد لمجلس النواب بعد تأجل الانتخابات مرتين، قال “حلو”: “بالنسبة لي إجراء الانتخابات على أساس قانون الستين أفضل من التمديد للمجلس النيابي؛ فمن المستحيل الاستمرار في التمديد.. أخشى الفراغ، وبالطبع لا مانع من تمديد تقني (لمدة قصيرة) في حال توصلنا إلى اتفاق على قانون انتخابي جديد”.

“القوات” مع “المختلط” 

من ناحيته، قال عضو الهيئة التنفيذية في حزب القوات اللبنانية، “ايدي ابي اللمع”، إن “القوات لا تحاول إلغاء أحد في موضوع قانون الانتخابات، والقانون الذي تسعى إليه هو القانون الذي يحسن تمثيل اللبنانيين جميعا في المجلس النيابي، وحتى الآن اتضح لنا أن القانون المختلط (نسبي وأكثري) هو القانون الذي يحظى باهتمام الجميع، مع وجود اختلافات، لكنه القانون الذي حظي حتى الآن بأكبر تأييد”.

وأضاف “ابي اللمع”، في تصريح للأناضول، أن “الجميع مدرك أنه يجب أن نتفق على قانون بمشاركة الجميع، وبالتأكيد العودة إلى قانون الستين غير واردة، وهنا نحن لا نتحدث عن تأجيل الانتخابات، وإنما نحث الجميع على العمل للوصول سريعا إلى قانون جديد مقبول من الجميع، نحن كقوات لبنانية نستمع إلى الجميع ونتلقى كل التعليقات، لكن الرفض من أجل الرفض غير مقبول، ومن يرفض صيغة القانون

المختلط، عليه أن يطرح البديل”.

سجال الفرقاء

وأمام الفرقاء السياسيين في لبنان مهلة قانونية تنتهي 30 مارس/ آذار المقبل، أي 60 يوما قبل الاقتراع، وذلك لإقرار قانون جديد تجرى على أساسه الانتخابات.

وسبق أن أعلن كل من وزير الداخلية اللبناني، نهاد المشنوق، ورئيس مجلس النواب (زعيم حركة أمل)، نبيه بري، أن الاتجاه يسير نحو الإبقاء على قانون الستين.

كما أعلن بري رفضه للتمديد “المطلق” لمجلسه، معتبرا أنه “لا أسوأ من السوء إلا التمديد”.

غير أن كل القوى السياسية، باستثناء زعيم الحزب الاشتراكي، النائب وليد جنبلاط، أعلنوا رفضهم لقانون الستين الحالي.

وبعدما جرى الاتفاق بين “تيار المستقبل”، بزعامة سعد الحريري، وحزب القوات والحزب الاشتراكي على القانون المختلط، أعلن جنبلاط تأييده للنظام الأكثري، فيما شدد رئيس الجمهورية، ميشال عون، على أهمية القانون النسبي، كونه “يؤمن صحة التمثيل”، على حد قوله.

وهدد عون، وفق صحيفة “الديار” اللبنانية، بالفراغ النيابي، إذا ما خُيّر بينه وبين التمديد لمجلس النواب، في ظل عدم توافق الفرقاء على قانون جديد حتى الآن.

ومؤخرا، أطلق النائب الدرزي جنبلاط صرخة بوجه النسبية، معتبرا أنها لغي وتهمش “مكونا أساسيا” في لبنان، وهي طائفة الموحدين الدروز.

وتحاول معظم القوى اللبنانية طمأنة جنبلاط بالقول إنها لن تقبل بقانون لا يرضى عليه الحزب الاشتراكي.

أما التيار الوطني الحر، فأعلن، الثلاثاء الماضي، على لسان رئيسه، جبران باسيل، أن أحدا لا يمكنه أن يفرض قانون الستين، معلنا انفتاح فريقه على كافة القوانين “التي لن تلغي أي طائفة”.

فيما أعلن “حزب الله”، عبر كتلته البرلمانية “الوفاء للمقاومة”، رفضه لقانون الستين، مشددا على تمسكه بالنسبية الكاملة مع الدائرة الواحدة أو الدوائر الموسعة “كصيغة تلتزم المناصفة وتؤمن الشراكة الحقيقية وتحقق صحة التمثيل وفاعليته”.

وكان لبنان عانى فراغا رئاسيا دام 29 شهرا؛ جراء الخلافات بين الفرقاء اللبنانيين المنتمين إما إلى فريق “14 آذار” بزعامة “تيار المستقبل”، المدعوم من السعودية، أو فريق ” 8 آذار”، بقيادة “”حزب الله”، المدعوم من إيران.

وانتهى هذا الفراغ بانتخاب مجلس النواب عون، المدعوم من فريق “8 آذار”، رئيسا للجمهورية، يوم 31 أكتوبر/ تشرين أول الماضي، ضمن صفقة برلمانية قادت إلى تكليف سعد الحريري بتشكيل الحكومة الحالية.

المصدر: وكالة الأناضول

إغلاق
إغلاق