مقالات وكتاب
لا تتعجلوا في سياسة الإحلال
بقلم: د. محمد المطيري
لا يختلف اثنان على الحق في أن يعمل ابن الوطن في بلده وأن لا يزاحمه حقه هذا أي فرد وهذا أمر مفروغ منه ولا يقبل الجدال، لكن أن نقوم بسياسة الإحلال المطلوبة دون نظرة ثاقبة و دون توقع صحيح لنتائج هذا الإحلال ودون مراعاة للحالات الإنسانية والخاصة يعد أمراً خطيراً وقد يكون له عواقب ستكتشف بعد فوات الوقت .
وهذه الفكرة تظهر جلياً إذا ما طبق الإحلال في الميدان التربوي ؛ لا بد أن يتساءل واضع القرار في البداية وقبل اتخاذ القرار هل يتوفر لديه البديل الذي يقوم بأداء مهام المعلم الوافد الذي سينهى عقده ؛ وتساؤلي هذا لا يتعلق بالكم بل بالكيف ؛ فمن ناحية الكم قد نستطيع توفير معلمين لمادة الحاسوب على سبيل المثال لجميع المدارس وفي مختلف القطاعات ؛ لكن عند الحديث عن الكيف ، هل نستطيع توفير معلم لمادة الحاسوب أو الاجتماعيات قادر على التعامل مع مختلف فئات الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة ، ربما سيتوفر خريج تربية كويتي في تخصص تربوي عام لكن هل يملك هذا الخريج مهارة خاصة للتعامل مع الفئات الخاصة والتعرف على خصائصهم وقدراتهم وطرق
تدريسهم وأساليب التواصل معهم؟؟؟
إن هذا الخريج سيكتسب تلك المهارات بالخبرة وعبر تعامله مع الفئات الخاصة خلال أكثر من عام دراسي .
مثال : هل نملك خريجين يتقنون لغة الإشارة للعمل في مدارس الصم ؟ هل نملك خريجين يستخدمون لغة بريل في بداية تعيينهم لتدريس ذوي الإعاقة البصرية ؟ أو هل سيستطيع هؤلاء الخريجون تدريس ذوي الإعاقة العقلية أو ذوي الإعاقة الحركية والتعرف على دقائق مناهجهم وطرق تدريسهم ووسائل تعليمهم ؟!
ربما قد يكون هذا الخريج الذي سيحل محل المعلم الوافد في مدارس التربية الخاصة تلقى عدد من المهارات والفنيات في إحدى فروع التربية الخاصة لكن هل نستطيع تسليمه مهام تدريس طلاب الصف الثاني عشر في مادة تحوي العديد من المفردات والمصطلحات أو تحتاج النقاش والتحاور بين المعلم والطالب الأصم في مدرسة الأمل التي تطبق مناهج التعليم العام ؟
في البداية يتم تعيين ابن الوطن ويتدرج في تلقي المهارات والفنيات في طريقة التواصل وكذلك طرق التدريس ؛ ثم إذا تيقن صاحب القرار أن الميدان قد احتوى العدد الكافي من المعلمين الكويتيين القادرين على تولي مهمة تعليم الفئات الخاصة ؛ حينها نتقدم بالشكر لأخواننا وأحبتنا من المعلمين الوافدين و مع تكريمهم أفضل تكريم على جهودهم السابقة .
لذلك لابد أن يستثنى قطاع تعليم ذوي الاحتياجات الخاصة من سياسة الإحلال – مؤقتاً – حتى تتوفر لدينا الكوادر القادرة على التعامل بشكل ملائم ومثمر مع الطالب ذي الاحتياجات الخاصة ، وتكون قادرة على استلام دفة تعليم ذوي الاحتياجات الخاصة برفقة من سبقهم من أبناء وطنهم وإخوانهم المعلمين الوافدين . وهذا الرأي المطروح لا يعني أن الميدان الحالي لا يقلل من قدر المعلم الكويتي في مدارس التربية الخاصة لكن العدد لا يكفي من الهيئة التعليمية الحالية لتولي مهمة تعليم الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة مع بقاء زملائنا الوافدين فما بالك بالاستغناء عن خدماتهم .