مقالات وكتاب
السفير الإنسان…هل تعرفونه ؟

بقلم: محمد عبدالله الغانم
عندما نقرأ عادةً عن صفات السفراء الذين تعتمدهم بلادهم، سنجد أن الحديث في مجمله يتمحور حول الفطنه والذكاء وعن حتمية اختيار السفير بحكمة. ولا اشكك أبداً بأن السفير الناجح لابد أن تتوفر فيه صفات عديدة، ولعل من أهمها الصبر والشجاعة واللباقة والتأني والذكاء والحكمة والتواضع والأدب الجم وتحليل الأمور، و وزنها بدقة لوضعها في نصابها الصحيح، وذلك حتى يتمكن هذا السفير أو الدبلوماسي من تحقيق غايات وآمال بلاده والتي أختير و أرسل من أجلها.
سعادة السفير سعد عبدالله العسعوسي سفير دولة الكويت لدى ماليزيا، من الرجال القلائل الذين تتوفر فيهم الصفات سابقة الذكر، لتكون شخصيةً دبلوماسية ذات ذكاء دبلوماسي وحنكة سياسية خاصة جداً، وفوق كل تلك الصفات التي ذكرناها آنفاً والذي قد يغفل عنها بعض المحللين والكتاب في المجال الدبلوماسي عن ذكرها، هو أن يكون إنساناً في المقام الأول وهذا ما يتميز به سفيرنا (أبوعبدالله)، ففي أحد المشاهد التي لا تنسى، وخلال حفل الإستقبال الذي أقامته سفارتنا مؤخراً في كوالالمبور وقد حضره الآلاف -مما يدل على سمعة طيبة- تجده يجلس على الأرض بتواضع و أدب جم أمام سيدة ماليزية كبيرة في السن ومقعدة وذلك ليسألها عن حالها وصحتها وأحوال عائلتها كأنه يعرفها منذ سنين طوال، وكان الحضور قد تأثر من هذا المشهد وكانوا ينظرون لسفيرنا بإجلال واحترام كبيرين، ومعه ارتفعت أسهم الكويت بين الأوساط الدبلوماسية والشعبية في ماليزيا وجنوب شرق آسيا بسبب هذا التصرف الإنساني شديد اللباقة، وترى الحضور من مختلف الجنسيات يتسابقون لأخذ صورة للسفير وهو في هذه الوضعية الإنسانية التي تعكس روح الكويت قيادةً وشعباً، تواضع وأدب واحترام للكبير بدون تصنع أو تكلف، كيف لا وأمير الكويت هو أمير الانسانية؟!
أحببت أن أنقل هذا الموقف لكم حتى لا ننسى فرسان الدبلوماسية في بلادنا ومن يمثلوننا في الخارج.
إضافة لما ذكرنا كذلك تفانيه في خدمة الفقراء، وإقامته لموائد الرحمن الضخمة في شهر رمضان والذي يشرف شخصياً عليها -يخاف أن ينقص ضيوف الله شيء- وايضا خروجه بنفسه إلى الغابات الإستوائية والأدغال النائية في مجاهل آسيا المطيرة ليبني علاقات مع أخواننا المسلمين سكان البلاد الأصليين في قراهم النائية أو ما يعرفون محلياً بإسم (ملايو أصلي)، إرساله المعونات التي تصل من اللجان الخيرية الكويتية إلى منكوبي شعب الروهينجا، وإقامته للندوات والصالونات الأدبية الراقية لتعريف الناس بالثقافة الكويتية من ملبس ومأكل ومشرب وموسيقى، والشعر والادب. وهذا قمة الرقي الأدبي والثقافي لهذا السفير الإنسان.
واذكر هنا في عجالة مشواره العملي في الدبلوماسية ووزارة الخارجية، فقد بدء عمله بإدارة شئون مجلس التعاون لدول الخليج العربية والتي مكنته من حضور العديد من القمم والإجتماعات الوزارية. وبعدها انتقل للعمل في سفارة دولة الكويت لدى طهران، ثم في سفارتنا لدى دولة الإمارات العربية المتحدة، وبعدها انتقل الى القنصلية في كراتشي وبعدها للعمل في اليونان، وفي عام 2009 تم تعيينه ليكون أول سفير كويتي مقيم لدى نيجيريا حيث قام بتأسيس السفارة هناك وعمل ايضا كسفير محال لدى الكاميرون في ذات الفترة، وبعد عدة سنوات تم اختياره ليكون عميد للسفراء العرب في نيجيريا، وفي عام 2013 انتقل سفيرنا (ابوعبدالله) للعمل في ماليزيا بعد ان صقلت خبرته بعمله باكثر من بعثة بعدة دول.
وأخيرا يكفي أن تعلموا أنه عميد السلك الدبلوماسي العربي في ماليزيا، ويكفي أن تعلموا أنه من القلائل من بين السفراء الذي يزوره رئيس وزراء ماليزيا الأسطورة السابق الدكتور مهاتير محمد في بيته الخاص، وله إنجازات كثيرة جداً، ولكن لضيق المساحة ساكتفي بما ذكرته، واخيرا اتمنى ان تستمر مسيرة سفيرنا أبو عبدالله ويستمر بذله وتضحياته وعطاؤه باسم الكويت، فهنيئاً للكويت وللدبلوماسية الكويتية بهذا السفير الإنسان.