مقالات وكتاب
بالعربي المشرمح: بعد 60 عاماً من البرلمان
بقلم: محمد الرويحل
تأسّس مجلس الأمة في الكويت في 23 يناير 1963، حيث أُجريت أول انتخابات وتم افتتاح المجلس عن طريق خطاب دستوري للمغفور له باذن الله الشيخ عبدالله السالم الصباح في 29 يناير 1963، وبهذا الحدث التاريخ تحولت الكويت إلى دولة مدنية ودولة مؤسسات يحكمها الدستور، وينظم علاقة السلطات الثلاث، ويشارك فيها الشعب من ممثليه في مجلس الأمة الذين يتم اختيارهم عبر الاقتراع.
مرّ البرلمان الكويتي بعدة محطات فارقة، فمنذ تأسيسه شهد خلالها العديد من الأزمات السياسية، أدى بعضها إلى حله مرات عديدة أو تعليقه وتعطيل العمل النيابي نتيجة عدم الإيمان بالحياة الديموقراطية والتفرد بالقرار، وهنا علينا أن نجيب عن السؤال الذي يردده بعض الناس: هل البرلمان هو سبب تخلفنا وما حل بنا من تدهور وفساد وعدم تنمية؟
من يعتقد أنه السبب في ذلك فحتماً هو غير منصف ولا متابع لإنجازات المجالس المتعاقبة منذ عام 1963، ولا يرى الحقيقة التي تكمن في تعثر ما نحن فيه وتخلفنا عن ركب التقدم والازدهار كبقية الدول، حتى وصلت بنا الحال إلى التحسر وإلقاء اللوم على الدستور والديموقراطية التي نعيشها رغم نقصها وعدم اكتمالها وتعثرها ومحاربة بعضهم لها، فبلغت في بعضنا الحال الكفر بها واعتبارها السبب في تخلفنا وتعثر تقدمنا.
تاريخياً تطور العمل البرلماني والمشاركة الشعبية منذ عام 1921 حين تأسس أول مجلس شورى، وفي عام 1931 كان أول مجلس بلدي منتخب، ثم مجلس المعارف عام 1936، وأخيراً كان مجلس الشورى المنتخب في عام 1938 حتى وصلنا إلى المجلس التأسيسي عام 1962 الذي وضع الدستور ونظم القوانين الأساسية للدولة، وانتخاب ممثلين للأمة، الأمر الذي جعل الكويت متميزة عن غيرها في كل النواحي، إلا أن ذلك أزعج الكثير من أصحاب النفوذ والحكومات الشمولية، الأمر الذي أنشأ صراعاً عبثياً لوأد العمل البرلماني أو الكفر به بعد تشويه ملامحه وجعله وكأنه السبب في كل أزماتنا.
ولو أنهم مؤمنون بوجود البرلمان والحياة الديموقراطية لما مر عليها ستون عاما دون تطوير وتغيير، ودون أي تعديل على الدستور الذي أوصى في مذكرته التفسيرية بجواز تعديله خلال خمس سنوات لمزيد من الحريات والمكتسبات الشعبية.
من يعتقد أن البرلمان هو من أوقف التنمية والتطور فعليه أن يجيبنا: من السلطة المهيمنة على إدارة الدولة؟ وهل يملك البرلمان تعطيل السلطة التنفيذية لو أنها أرادت حل مشكلة الطرق أو القضية الإسكانية أو الصحية أو التعليمية أو قضية البدون وغيرها من القضايا العالقة والمتراكمة منذ عدة عقود؟
يعني بالعربي المشرمح:
الحياة الديموقراطية في الكويت كانت وما زالت صمام أمان واستقرار، ولكن هناك من لا يؤمن بها ولا يريد استمرارها، الأمر الذي جعلهم يشوهون صورتها الجميلة وتحميلها نتائج التخلف والتعطيل التي نمر بها منذ سنوات حتى يكفر المواطن بها ويتنازل عن حقه في المشاركة والمراقبة لمقدرات وطنه، ولنا في الستين عاما خير شاهد ودليل بأن الصراع الذي دمر البلاد هو صراع بين النفوذ والشمولية، وبين الأمة والشراكة الشعبية، لذلك سيستمر الأمر حتى يقتنع الطرف الرافض للديموقراطية بواقع الحال الذي لم ينجح أحدٌ في إلغائه منذ 60 عاماً!!